لماذا لا ينقلب أو يقتُل الغربيون حكامهم مثلنا ؟

لماذا لا ينقلب أو يقتُل الغربيون حكامهم مثلنا ؟
ا.د حسين محادين

1- اولئك الغربيون؛ محكومين ومؤسسات حقيقية وحُكاما وصولوا بالتصويت عبر احزابهم للسلطة؛ لذا فهم المنتخبون والمنتخبيِن حقاً في مجتمعاتهم ومع هذا لا تُعجبنا “عربا ومسلمين” طرائق عيشهم وممارساتهم”الزائفة” هذه؛ انطلاقا من مواقفنا الانتقائية واحكامنا المعمة نحوهم عادة وعبر الاجيال للأسف؛ فقولنا وايماننا غالبا قائم على أن أسرهم كأصغر تنظيم اجتماعي /سياسي عندهم كمثال ؛ هي بنظرنا مفككه وضعيفة الايمان والاخلاق مقارنة بواقعنا المزعوم؛ وان الحريات الفردية لديهم والتي نخشاها تقود ابنائهم من الجنسين الى الانفلات”كل واحد على راسه” مُعتقدين بصحة هذه الانطباعات نتيجة لانماط التنشئة السياسية القاصرة التي تشربناها وما زلنا من اسرنا وجامعاتنا واعلامنا نحن ؛ ووفقا لمقايسنا التي تُضخم ذواتنا كمجتمعات نامية رغم تبعيتنا لهم ماليا وتكنولوجيا ومظاهر ديمقراطية ؛ كما أن حكوماتهم ايضا بنظرنا تستهدفُنا وتتأمر علينا؛ وتصدر لنا قيم وممارسات الديمقراطية وصناديق الاقتراع
“الدخيلة” علينا كنقيض لخصوصيتنا العربية الاسلامية تاريخيا ممثلة في نظام الشورى ؛ دون ان ندرك شعبيا ورسميا للآن في بعض دولنا بأن الغربيين ليسوا نحن؛ وهذه ازمة تعليمية وموقفية سياسية متزمتة لكنها فاعلة في دواخلنا ؛ وفي مواقفنا القاصرة من غيرنا من الشعوب المتقدمة علينا والمدافعة عن مصالحها هي وليس مطلوب منها ان تكون عروبية واسلامية أكثر منا نحن.
2 – لعل الازمة الذهنية والسياسية التي نتمثلها تاريخيا ؛اننا نتحدث عنهم “الغربيون” من منظار ثقافتنا السمعية نحن ؛ وهذه ثقافة غير علمية او متفحصة للنفس وللآخر الحضاري والسياسي معا؛ فهي الأكثر هشاشة وانتشارا بيننا؛ لضعف معارفنا ووعينا بغيرنا من الشعوب على هذه الارض الرحبة؛ وهذا النوع من المعارف الخاطئة والمواقف المعممة ما زالت هي الاكثر تأثيرا علينا في تكوين فهمنا الخاطىء والمضخم عن انفسنا اولا؛ وبالتالي عن كل ما هو أخر .
3- أن ازمتنا الحضارية تكمن هنا في إصرارنا الشعبي والسياسي الضمني على اعتبار ثقافتنا وقيمنا ومعتقدنا الديني مع الاحترام
هي وبس في هذا العالم ؛ لابل تصل احيانا لاعتقادنا اننا مركز هذا الكون والنموذج الواجب فرضه ؛ولاضير من تسيّد منطقه ولغته على الاخرين ولو بالقوة . ونعتقد مكابرين للآن ؛ بأن غيرنا ليسوا افضل اداءً وإسهاما وتأثيرا منا في هذه الحياة وعلومها المختلفة مقارنة بتاريخنا الذي توقفنا معه وعنده منذ قرون ولم نطوره لا هو ولا نحن للأسف؛ رغم ان الواقع العولمي المعاصر يؤكد للراغبين في تطوير انفسهم علميا وحضاريا من الامم بأن ” مدنيتهم متقدمة علينا،
ولغاتهم المحمولة على التكنولوجيا اكثر انتشارا من لغتنا التي نحترم، وان تطورهم وصدق ممارساتهم الديمقراطية فكرا،قوانين، وأختماراً حضارياً كفعل سلمي منتظم قد عمق لديهم استقرار القوانين والدول المؤسسية لديهم؛ومع هذا فهم في نظرنا هم “الخس” في هذا العالم؛ الامر الذي جعلنا فكرا وممارسات أسرى لعقلية التأمر علينا فقط؛ وكرد فعل على مفاهيمنا المتارجحة حضاريا هذه مارسنا:- الاقصاء والتزوير والعنف لأي أخر وعليه؛ وقبول الممارسات غير العادلة المنتشرة فكرا وسياسيات تنموية في ما بيننا حكاما ومحكومين عربا ومسلمين؛ وبالتالي؛ فأن ثقافة الثأر والانقلابات والدم المولد للدم هي التي حالت وما زالت تحول دون إنضاجنا لدول القانون والمؤسسات في مجتمعاتنا؛ فاهتزت الثقة بين:- الفاعلين السياسين في دولنا ؛ وبنتائج “الانتخابات” لدينا رغم كثرة ممارساتنا لها للأسف .
اخيرا؛لأن هذا الغرب والغربيون من ابناءه يتشربون حرياتهم الفردية عبر التعلم المنفتح ؛وقبول الاخر بصدق من أسرهم ومؤسساتهم التعليمة والاعلامية؛ ومن مشاركاتهم
الحقيقية بصياغة اهداف وآليات عمل مؤسسات مجتمعاتهم المحمية بدورها في حصانة الدساتير والقانون المطبق على الجميع؛ ومن تقديسهم للمال والشأن العامين بكل عناوينهما التنافسية والاصلاحية؛ لذا فهم بعيدون عن جرائم شراء الذمم، والاصوات، والواسطات؛ وبعيدون عن الاستقواء كمواطنين بأعراقهم او حتى أديانهم ومعتقدات؛ لهذا ولغيره فقد اصبحت الاوطان مظلتِهم وانتمائهم الطوعي المتعدد العناوين ايمانا واحتراما للقوانين ولسلمية التناوب على السلطات والمناصب عبر صناديق الاقتراع والكفاءة فقط سواء في الغُنِم اوالغرم معا ؛ ولكل ما سبق لا تحتوي قواميسهم او حتى ممارساتهم ومنافساتهم السياسية مصطلح”إنقلاب” عسكري او قبلِي على حكامهم او حتى قتلهم كما هو سائد في دولنا النامية والدامية معا يا للوجع..فهل نحن متفكرون؟
*أكاديمي وعضو مجلس اللامركزية-محافظة الكرك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى