لماذا تتكتم إسرائيل على خسائر قصف حزب الله؟

#سواليف

وظّفت #إسرائيل الرقابة العسكرية المشددة للتكتم و #التعتيم على #الأضرار و #الخسائر التي تتكبدها الجبهة الداخلية الإسرائيلية في الشمال، منذ إطلاق #حزب_الله عملية “الحساب المفتوح”، في وقت تتعمد فيه المؤسسة الإسرائيلية وأذرعها الإعلامية تسليط الضوء على الهجمات التي يشنها الجيش الإسرائيلي على #جنوب_لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت.

وخلافا لما كان سائدا على الجبهة مع قطاع غزة -حيث يسمح الجيش الإسرائيلي بنشر الخسائر والأضرار المدنية والعسكرية جراء القصف الصاروخي لحركة حماس والهجمات التي تشنها فصائل المقاومة الفلسطينية- ترفض إسرائيل الكشف عن خسائر قصف حزب الله.

مقص الرقيب
وأمام مقص الرقيب العسكري الإسرائيلي، فإن سير وتطورات الحرب على الجبهة الشمالية، أظهرت أن حزب الله لديه استخبارات يبدو أنها متفوقة، وليست أدنى من حيث القدرة والتفعيل من سلاح استخبارات الجيش الإسرائيلي، وفقا لقراءات المحللين السياسيين والباحثين بالشأن الإسرائيلي.

وتوافقت قراءات المحللين فيما بينها بأن هناك تباينا بالقدرات والترسانة ما بين حركة حماس وحزب الله الذي يُبدي تفوقا استخباراتيا بالحرب، وهو التفوق الذي أدى إلى نتيجة مهمة جدا، وهي مسألة تحدي ما يسمى بـ”العقل الإسرائيلي الذي لا يهزم”.

ورجحت تقديرات المحللين أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الذي لطالما تباهى أنه يتفوق إقليما وعالميا ويخوض المعارك بكل مكان، يعتمد أسلوب الرقابة العسكرية بهذه المرحلة للتقليل من تداعيات الهزيمة، قبالة عقل استخباراتي آخر هو حزب الله، الذي يحسن التخطيط والوصول للمعلومات وتوجيه الضربات بالوقت الملائم.

الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت: هناك الكثير من التطورات والخسائر والأضرار المسكوت عنها على الجبهة الشمالية بالجانب الإسرائيلي
أنطوان شلحت: هناك الكثير من الخسائر والأضرار المسكوت عنها في الجانب الإسرائيلي (الجزيرة)
ضربة قاسية
يعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أنه منذ بدء التصعيد على الجبهة الشمالية، تُفرض رقابة عسكرية مشددة بصورة أكثر على تطورات الأحداث على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ويتم استخدام القوة على مستويين: الأول خارجي انعكس بالإبادة الجماعية في غزة ومحاولة نقله إلى لبنان، والمستوى الثاني داخلي بفرض الرقابة على الأخبار والوقائع وحرية الرأي.

وأوضح شلحت للجزيرة نت أن فرض الرقابة العسكرية تفاقم أكثر مع اندلاع الحرب على لبنان، وبدء العملية العسكرية التي سماها جيش الاحتلال “سهام الشمال”، بالمقارنة مع ما كان ساريا على جبهة الحرب على غزة، وذلك في محاولة لإحداث فوارق في المرحلة الحالية على الجبهة الشمالية.

ويؤكد الباحث بالشأن الإسرائيلي أن هناك الكثير من التطورات والخسائر والأضرار المسكوت عنها على الجبهة الشمالية، بعد الضربة القاسية التي لحقت بإسرائيل خلال جولات التصعيد مع حزب الله.

وعزا شلحت فرض الرقابة والتشدد بها إلى نجاح المقاومة على الجبهة مع لبنان بإقامة حزام أمني داخل المناطق والأراضي المتواجدة تحت السيطرة الإسرائيلية، وذلك لأول مرة منذ النكبة، وهو ما شكل ضربة للعقيدة الأمنية الإسرائيلية، التي تعتمد على مبدأ “نقل المعركة إلى أرض العدو”، بينما في هذه الحرب تدور المعركة في الساحة الإسرائيلية نفسها.

ولا يقلل شلحت من حجم الخسائر والأضرار البشرية وبالممتلكات في الجانب اللبناني جراء الهجوم الإسرائيلي، لكنه يؤكد “أنه قد نشأ واقع جديد وغير مسبوق في المناطق الشمالية الإسرائيلية مع نزوح قرابة 100 ألف إسرائيلي”.

ولفت الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أن المناطق والبلدات الحدودية التي شهدت نزوح الإسرائيليين هي مناطق مدمرة كليا، وتوقفت بها الحياة والدورة الاقتصادية بالكامل، كما أن البلدات التي يتم إخلاؤها من سكانها مع توسيع حزب الله نطاق إطلاق الصواريخ، لحقها الضرر والخسائر مع التكتم على حقيقة ما يجري هناك.

ومقابل التعتيم والتكتم وتشديد الرقابة على ما تشهده ساحتها، يقول شلحت إن إسرائيل تسلط الضوء على ما يحصل في لبنان، سعيا لتدعيم حالة النشوة التي يعيشها الرأي العام الإسرائيلي، عقب الإنجازات التكتيكية التي يروج لها الجيش والمستوى السياسي.

وفسر شلحت هذا السلوك الإسرائيلي بالقول إن تشديد الرقابة يعود بالأساس إلى ما يمتلكه حزب الله من ترسانة وأسلحة، والتي هي أضعاف مضاعفة من ترسانة حركة حماس، إلى جانب ما ثبت خلال الحرب أن حزب الله لديه معلومات استخباراتية عن مواقع إسرائيلية، في وقت تتباهى فيه تل أبيب بأن لديها أفضل سلاحين على مستوى العالم هما الجو والاستخبارات، إضافة للمنظومات الدفاعية.

الحالة النفسية
وعزا الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول، السلوك الإسرائيلي بتشديد الرقابة إلى التعتيم على بنك الاستهدافات، وكذلك إلى تدعيم الحالة النفسية للإسرائيليين، خصوصا وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تمادى بالترويج إلى أن حزب الله يهدد إسرائيل وجوديا، وذلك من أجل تبرير حرب لبنان الثالثة.

ويقول مخول الباحث بمركز “التقدم العربي للسياسات”، للجزيرة نت، إن هذا التهديد لم يكن موجودا بالعقلية الإسرائيلية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بالتالي فإن الترويج له في هذه المرحلة هو محاولة من نتنياهو للإظهار للمجتمع الإسرائيلي أنه يتم ردع حزب الله ويتم تقويض قدراته العسكرية، بهدف ترسيخ ذلك بالعقلية الإسرائيلية.

كما يعتقد أن إسرائيل من خلال تشديد الرقابة على مجريات الحرب تظن أن العامل النفسي مهم جدا لرفع معنويات الجمهور الإسرائيلي من خلال التكتم والتعتيم على الوقائع وحقيقة ما تتعرض له الجبهة الداخلية في الشمال.

وأشار إلى أن إسرائيل بهذا السلوك تتعمد تسليط الضوء على هجماتها على لبنان والاستهدافات والاغتيالات التي تقوم بها، والتي طالت قيادات سياسية وعسكرية من حزب الله، وإلى ترسيخ مشاهد نزوح اللبنانيين مقابل قضية نزوح إسرائيليين من بلدات الشمال، وخلق شريط أمني فارغ من المدنيين في جنوب لبنان.

وقدر مخول أنه بتشديد الرقابة التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي والتكتم على سير وتطورات المعارك والواقع الميداني، يتم تكريس أن الغالبية العظمى من المناطق التي تستهدفها صواريخ حزب الله هي عسكرية، وبالتالي فهي تخضع ضمنا للرقابة.

ولفت المحلل السياسي إلى أن ما يساعد على التكتم على خسائر قصف حزب الله هو نهج الإعلام الإسرائيلي الذي يعيش حالة من “النشوة” كما في كل حرب، ويمتنع عن طرح الأسئلة الصعبة، لا سيما وأن الحرب على لبنان تحظى في هذه المرحلة بإجماع الخارطة السياسية الإسرائيلية.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى