لماذا انخفض #الدولار في عام 2023 وما هو مستقبله؟
د. #مروان_الزعبي
صحيح ان #اميركا تكافح #التضخم عن طريق رفع #اسعار_الفائدة قصيرة الاجل، لكن الواقع يشير الى اهداف اخرى يسعى الفيدرالي الى تحقيقها حيث ان هناك تخوف كبير من #سقوط #الدولار لمستويات غير مسبوقة بعد استخدامه كسلاح لتجميد اموال بعض الدول الامر الذي ادى الى تخلي معظم هذه الدول عن الدولار من خلال بيع سندات الخزينة خشية تعرضها لمثل هذه العقوبات. يضاف الى ذلك ان الدين العام الامريكي قفز الى مستويات خطيرة من 5.5 تريليون دولار في عام 2001 الى 32.6 في تموز 2023. اذن، الموضوع ليس مكافحة تضخم كما يدعي الفيدرالي، بل هو المحافظة على الدولار من الانهيار حيث يرتبط سعر صرف الدولار بعلاقة ايجابية قوية مع سعر الفائدة، كما هو معروف. لقد شهدت الفترة من بداية عام 2021 الى ايلول 2022 ارتفاعا ضخما في مؤشر الدولار (DXY) وصل الى اكثر من 26% مقابل سلة من 6 عملات للدول التي لها علاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة (علما بان القيمة الاساس تبلغ 100 وتم تحديدها في عام 1973، اي بعد فك الارتباط بقاعدة الذهب). ويذكر بان قيمة مؤشر الدولار في بداية عام 2021 بلغت 90.5 مقابل 114.1 في ايلول 2022.
من المعروف ان الاسواق المالية تتحرك بناء على التوقعات وخاصة تلك المتعلقة باسعار الفائدة، ولقد كانت الارتفاعات التي بدات منذ اذار 2022 مقرؤة وواضحة قبل بفترة ليست بقصيرة وهو السبب الرئيسي لارتفاع مؤشر الدولار ب 26%. لكن السؤال الاهم لماذا بدء الدولار يفقد من قيمته منذ ايلول 2022 وحتى هذه اللحظة؟ ذلك الشهر الذي وصلت فيه قيمة المؤشر الى اعلى مستوياته منذ فترة طويلة 114.1 وبعدها بدء بالانخفاض الى ان وصل الى 102 في نهاية تموز وبداية شهر اب 2023 ؟
من الواضح ان الفيدرالي يعلم بما يحدث وقد يحدث للدولار وان استخدامه كسلاح وجه له ضربة قاصمة ويعلم ايضا ان انخفاضه سيؤدي الى التخلي عنه بشكل متسارع في الوقت الذي يعاني من الاغراق من قبل العديد من الدول ومنها الصين واليابان والسعودية. تلك الدول ايضا تعلم ان الدولار يواجه تحديات غير مسبوقة وهي لذلك لا تريد ان تحتفظ بعملة او اي موجودات محررة بهذه العملة وهي تتهاوى وهو ما دفعها الى التهافت على شراء الذهب حيث بلغت المشتريات من الذهب خلال النصف الاول من 2023 ما مقداره 440 طن وهو اعلى مستوى في التاريخ لفترة 6 اشهر. يضاف الى ذلك ان هناك العديد من الدول التي استعادت ذهبها من الولايات المتحدة وبريطانيا وهناك 11 دولة وضعت خطط لاعادة ذهبها من الولايات المتحدة وبريطانيا ومنها فرنسا والمانيا وتركيا.
خلاصة القول ان هناك قلق واضح من العديد من البنوك المركزية من ان تقوم الولايات المتحدة بتجميد اصولها وتخطط لسحب ذهبها، هذه تطورات تحصل على الارض ولا يمكن اغفالها. من ناحية اخرى، تجلى التخلي عن الدولار من خلال ما قامت به دول البريكس وفي مقدتها الصين التي باعت كميات هائلة من سندات الخزينة الامريكية الامريكية التي تعتبر المحرك الاساسي لبقية الاسواق فلقد شهدت اسعارها تراجعا حادا مدفوعا بارتفاع اسعار الفائدة الرئيسية وباسرع وتيرة في تاريخ الولايات المتحدة مقابل شراء الذهب هروبا من اي اصول محررة بالدولار. وبدات باستخدام عملاتها في مدفوعاتها للتجارة والتعاملات المالية. ناهيك عن البدء بالتحضير ووضع البنية التحتية لاطلاق عملة موحدة مدعومة بالذهب. واخيرا، تشير التوقعات الى ان الفيدرالي اما انه انتهى من رفع اسعار الفائدة او ان الخطوة القادمة لن تكون متشددة وهو ما يؤكد الاتجاه التنازلي للدولار.
وباعتقادي ان على البنوك المركزية العربية ان تحذو حذو دول البريكس وان تعدل محافظها من العملات الصعبة باضافة المزيد من الذهب مقابل الدولار. او على الاقل ان تزيد من عملات الدول الستة التي يتحرك امامها مؤشر الدولار DXY وهي اليورو والين والجنيه الاسترليني والدولار الكندي والكورونا السويديه والفرنك السويسري. ان خطوة كهذه تعتبر هامة جدا للتحوط مما سيحدث في المستقبل لانها ستشكل خطوة وقائية.
د. مروان الزعبي
مدير معهد الدراسات المصرفية سابقا
اقتصادي رئيسي سابقا/صندوق النقد الدولي
جامعة الزيتونة الاردنية