في الوقت الذي تزايدت فيه استعدادات #النظام_المصري لتمهيد الطريق لرئيسه عبدالفتاح #السيسي، لكسب مدة رئاسية ثالثة، ألمح موقع “أفريكا أنتلجنس” المقرب من الاستخبارات الفرنسية، إلى مشاركة محتملة لجمال مبارك نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، بالانتخابات المقررة في 2024.
وفي نيسان/ أبريل من العام 2019، أجرى السيسي تعديلات على #الدستور_المصري، منحته الحق في الترشح لانتخابات رئاسية لدورة ثالثة ورابعة مدة كل منهما 6 سنوات، بعد دورتين فاز بهما عامي 2014 و2018.
الموقع، الذي يواصل رصده للحالة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية الأفريقية والمصرية، قال في تقرير له الأربعاء، إن الأزمة الاقتصادية بمصر تغذي طموح جمال مبارك لمنافسة السيسي على الرئاسة، وذلك بعد نحو 12 عاما من الإطاحة بوالده عبر ثورة شعبية في كانون الثاني/ يناير 2011.
“لقاء سري”
الأهم في تقرير “Africa Intelligence” هو ما كشفه عن ترتيب #لقاء_سري جمع جمال مبارك بالسفير الأمريكي حينها جوناثان كوهين، ونقله عن مصادر موعد اللقاء، ومكانه، والمدينة التي عقد فيها، والمشاركين فيه.
الموقع، أكد أن اللقاء السري عُقد في آذار/ مارس 2022، في قصر تابع لعائلة مبارك بمدينة شرم الشيخ المفضلة لدى مبارك طوال سنوات حكمه، وبحضور رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، الذي قرر السيسي له إفراجا صحيا في حزيران/ يونيو 2017، بعد سجنه بقضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، ومنحه مشروعات إنشائية بالعاصمة الإدارية الجديدة وفي جوارها.
وفي تبريره لأسباب اللقاء السري، يرى الموقع الاستخباري أنه جاء محاولة من نجل مبارك للحصول على ضمان دعمه من قبل الجيش المصري، موضحا أنه أراد أن يطمئن على استمرار المعونات العسكرية الأمريكية لمصر، البالغة 1.17 مليار دولار سنويا، إذا ترشح للرئاسة.
“توقيت مريب”
المثير فيما نقله الموقع الفرنسي، هو أن اللقاء الذي جمع جمال مبارك بالمسؤول الأمريكي الرفيع جاء بالتزامن مع تفاقم أزمة النظام المصري مع العملة الصعبة، وهروب نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من السوق المصرية إثر الحرب الروسية الأوكرانية 27 شباط/ فبراير 2022.
ويقول الموقع إنه “بداية أزمة النقص في العملة الأجنبية في #مصر، تحدث جمال مبارك إلى الولايات المتحدة، الحليف القوي لمصر، بشأن احتمال الترشح في الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها عام 2024”.
ويتزامن الحديث عن احتمالات منافسة جمال مبارك للسيسي بالرئاسيات المقبلة، مع أزمات نظام السيسي الداخلية وعجزه عن توفير السلع والخدمات، مع تفاقم الديون الداخلية والخارجية، ووصول نسب التضخم أرقاما قياسية، وسط غضب شعبي متصاعد.
كما يأتي ذلك الحديث بالتزامن مع يعانيه نظام السيسي من أزمات خارجية تتفاقم خاصة مع شركائه الإقليميين وممولي وداعمي انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013، وخاصة السعودية والكويت.
“موقف الجيش”
وعلى الرغم من أزمات نظام السيسي الاقتصادية، إلا أن الموقع الفرنسي أشار إلى أنه لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن كبار الضباط المصريين قد يتخلون عن السيسي.
ومع وضع السيسي الحالي السيئ، واحتمالات تعرض البلاد للإفلاس، وتعرضه شخصيا لغضب شعبي وثورة جياع، يرى مراقبون ومتحدثون لـ”عربي21″، أن جمال مبارك لو فكر في الترشح، فإن أمامه عقبات تتمثل في رفض الجيش له، وفي احتمال تعامل السيسي الأمني معه، كسابقيه من المرشحين للرئاسة بمواجهته.
“عربي21″، طرحت على عدد من الخبراء والمراقبين بعض التساؤلات، عن احتمالات ظهور جمال مبارك كمنافس للسيسي في انتخابات 2024، ومدى سماح السيسي له بالترشح، واحتمالات قبول الجيش به كبديل للسيسي، رغم رفضه له في عهد والده مبارك، وإمكانية قبول الخليج وإسرائيل وأمريكا به كرئيس لمصر.
“رفض الماضي.. حاضر”
وفي رؤيته، قال الباحث المصري في الشؤون العسكرية محمود جمال، إن “قيادات الجيش المصري كانت على خلاف مع حسني مبارك بسبب مشروع التوريث، وقطعت عليه كل الطرق لفرض هذا الأمر، والتي كانت تراه خروجا على قواعد الحكم العسكري”.
وأضاف: “وكانت قيادات الجيش المصري حينها ترى أن جمال مبارك ومجموعته الاقتصادية كانت ستتغول على اقتصاد الجيش وتقترب من امتيازاته إذا وصلت للحكم”.
وأوضح أن “هذا ما قاومه الجيش بكل قوة، واستغل حراك يناير 2011، للتخلص من مبارك ونجله، الذي كان يدير البلد فعليا أواخر فترة والده”، مؤكدا أن “ما رفضه الجيش في الماضي لن يقبل به في أي وقت”.
وأشار الباحث المصري إلى نقطة قوة لدى نجل مبارك، موضحا أنه “يمكن أن يحاول تسويق نفسه في الدوائر الغربية كبديل للسيسي، حتى لا تدخل البلاد حالة الفوضى، وهذا استغلال للوضع الاقتصادي الصعب الذي تشهده مصر بسبب سياسات السيسي، مع قرب انتخابات الرئاسة 2024”.
واستدرك: “لكن الجيش سيمانع ذلك بكل تأكيد، وعلى فرض إذا ساءت الأوضاع وحدث حراك شعبي قوي ومؤثر يربك حسابات المؤسسة العسكرية والدول التي لها امتيازات في مصر، ورأت المؤسسة العسكرية أن استمرار السيسي سيهدد امتيازات الجيش، ستعمل على تغيير محكم مدروس”.
وأكد أن ذلك التغيير المحكم والمدروس سيتبعه أن تصدر مؤسسة الجيش، “شخصية عسكرية أخرى للمشهد، تحافظ على امتيازات الجيش، ولن تقبل بجمال مبارك”.
“ظهور مدروس ومتتابع”
ومنذ الإفراج عن نجلي مبارك (الأكبر علاء والأصغر جمال) تشرين الثاني/ أكتوبر 2015، لم يظهر جمال مبارك إلا نادرا وفي جنازات بعض المشاهير، وخلال جنازة والده في شباط/ فبراير 2020.
بينما استمر ظهور علاء مبارك، عبر صفحته بـ”تويتر”، ليثير قضايا جدلية مع إعلاميين وناشطين، وينتقد النظام الحالي، ويدافع عن أسرته.
لكن؛ وفي أيار/ مايو 2022، خرج جمال مبارك وشقيقه علاء من مصر للمرة الأولى منذ الثورة على والديهما إلى الإمارات للمشاركة في تشييع جنازة رئيس الإمارات السابق، خليفة بن زايد.
كما ظهر جمال مبارك للمرة الأولى على الساحة السياسية في الشهر ذاته ومن الإمارات، عبر بيان مصور قاله باللغتين العربية والإنجليزية، عن انتهاء قضايا أموال عائلته ببنوك أوروبا، ورفع عقوبات الاتحاد الأوروبي، وإنهاء تجميد أموال عائلته، ما أثار جدلا واسعا حول نوايا مبارك الابن.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حقق جمال مبارك ظهورا شعبيا لافتا ومثيرا للجدل اعتبره البعض إشارة قوية بقدومه كمنافس للسيسي، ودشنت على إثره صفحات باسم جمال مبارك رئيسا لمصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
حينها، تجمع مئات المصريين حول جمال مبارك، خلال مشاركته بجنازة محامي عائلته فريد الديب، وسط هتافات باسمه ومناداته بلقب رئيس مصر القادم، وهو ما أغضب السيسي، بحسب تقدير الموقع الفرنسي.
وفي كانون الثاني/ يناير 2023، ظهر جمال مبارك خلال جلسة تصوير لصالح وكالة “جيتي” الأمريكية، في صورة شبه رسمية، ما أثار تفاعلا كبيرا وتكهنات بقدوم محتمل لنجل مبارك، وتسويق خارجي له.
وعن القبول الشعبي لجمال مبارك واحتمالات انحياز الشعب له حال ترشحه، قال الباحث محمود جمال: “ما زالت الذاكرة المصرية قريبة، وحراك يناير ليس ببعيد، فنظام مبارك الذي كان أحد أركانه نجله جمال تسبب أيضا في معاناة المصريين، وأرى أنه لن يكون هناك تكتل شعبي وراءه بشكل كبير”.
وفي تقديره لإمكانية أن يغسل الخليج يده من السيسي مستخدما نجل مبارك، يعتقد أن “هناك دعما كبيرا من الإمارات لنظام السيسي، وكلمة السيسي خلال قمة الحكومات في دبي، منتصف شباط/ فبراير الماضي، دلت على هذا”.
“أما السعودية، فمما لا شك فيه أن علاقتها متوترة بشكل كبير مع السيسي ومنظومته الحاكمة، وإذا تدهورت العلاقة بشكل أكبر الفترة المقبلة، فربما تأخذ خطوات أكثر صرامة مع السيسي”، وفق تقدير جمال.
وأشار إلى جانب آخر من احتمالات فشل سعي نجل مبارك نحو حكم مصر، “بفرض إذا استطاع جمع التوكيلات وسمح له النظام بأن يكون منافسا للسيسي، ولم ينكل به كما فعل في انتخابات 2018 مع الفريق سامي عنان والفريق أحمد شفيق”.
وأوضح أن “اللجنة العليا للانتخابات في مصر، التي ستدير العملية الانتخابية، تدار من قبل السيسي، ومدير مخابراته اللواء عباس كامل، ومن وجهة نظري ستكون النتيجة محسومة للسيسي”.
“موانع الترشح”
ووفق مراقبين، فإنه لم يعد هناك مانع قانوني يحرم نجل مبارك من الحصول على لقب مرشح رئاسي بعد تبرئة القضاء المصري له ولشقيقه ووالده وبقية أفراد عائلته من جميع القضايا المتبقية، والتي كان آخرها القضية المعروفة إعلاميا بـ”التلاعب في البورصة”، في شباط/ فبراير 2020.
كما أنه وفقا لتلك الرؤية، فإن إدانة جمال وعائلته بالاستيلاء على المال العام بقضية “القصور الرئاسية”، عام 2015، ورغم أنها جريمة مخلة بالشرف تحرم مرتكبها وفقا لقانون مباشرة الحياة السياسية من الترشح لأي منصب سياسي مدة 6 سنوات، إلا أنه مر على الحكم نحو 8 سنوات.
“قبلة حياة للسيسي”
وفي تقديره لاحتمالات ظهور جمال مبارك كمنافس للسيسي في انتخابات 2024، يرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام ” تكامل مصر” الباحث مصطفى خضري، أنه “في السياسة لا يوجد شيء مستحيل، وكل الافتراضات ممكنة”.
وفي حديثه لـ”عربي21″، أضاف أن “هناك عائقين يمكن أن يصعبا من ترشح نجل مبارك للرئاسة، أولهما العائق القانوني كونه محكوما عليه سابقا وأدى محكوميته في قضية فساد، وثانيهما العائق السياسي كونه أحد أهم أسباب ثورة المصريين على والده في يناير 2011”.
وعن احتمالات سماح السيسي لنجل مبارك بالترشح، يرى خضري أن “ترشح جمال للرئاسة قبلة حياة للسيسي، فبعد ما صنعه الأخير في مصر من كوارث بجهل أو قصد؛ أصبح منبوذا من كل طوائف المجتمع، ويمثل ترشح جمال أمامه فرصة له ولإعلامييه لغسل السمعة على حساب نظام مبارك”.
وتابع: “وكذلك، فإن ترشح جمال مبارك سيصنع حيوية سياسية تحسن من صورة السيسي دوليا، لكن طبيعة السيسي الشخصية لن تسمح بسهولة بوجود منافس يمكن أن يهدد وجوده، حتى ولو كان هذا في صالحه”.
ولا يعتقد رئيس “تكامل مصر”، بقبول الجيش لنجل مبارك بديلا عن السيسي، مشيرا إلى أن “أحد أهم أسباب تخلي الجيش عن مبارك في 2011 هو جمال مبارك نفسه”.
ولفت إلى أنه “برغم العلاقات القوية بين الجيش والبنتاجون، إلا أن تلك العلاقة تعمل في ظل خصوصية العقيدة القُطرية للجيش المصري، والتي تتنافى مع المشروع الأمريكي لجمال مبارك، والذي كان يقضي بتحول مصر لولاية أمريكية في الشرق الأوسط”.
ويرى البعض إلى جانب الموقع الاستخباراتي، أن رفع محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على عائلة مبارك، بعد شهر من اجتماع شرم الشيخ، يعد مؤشرا على قبول أوروبي بجمال مبارك.
كما أن إنهاء الاتحاد الأوروبي سنوات من التجميد لأصول عائلة مبارك، يمنح جمال فرصة قوية لاستعادة قدراته المالية، واستخدامها في الترويج لشخصه في انتخابات 2024، بحسب معلقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وهنا يظل السؤال حاضرا عن مدى قبول الخليج وإسرائيل وأوروبا وأمريكا بجمال مبارك، كرئيس لمصر، وهو ما يجيب عليه خضري، بالقول: “يمكن ذلك في ظل حالة السيولة السياسية الحالية في منطقة الشرق الأوسط”.
وألمح إلى أن ذلك يأتي “خاصة بعد الصراع الحادث بين التحالف الإماراتي بقيادة محمد بن زايد والتحالف السعودي بقيادة محمد بن سلمان، وربما كانت العلاقات السابقة لنظام مبارك مع تلك الدول عاملا مؤثرا في ذلك”.
لكن، ومع الأزمات الاقتصادية، هل ينحاز المصريون لجمال بدلا من السيسي؟
هنا يرى خضري، أنه “لو حدث وترشح جمال مبارك، والسيسي، في ظل انتخابات حرة -حتى في ظل كل تلك الأزمات الاقتصادية الحاصلة- فإن الأوراق التي على الطاولة ترجح نجاح السيسي”.
وأضاف: “فبرغم أن السيسي لا يملك شعبية حقيقية، إلا أنه في مواجهة جمال مبارك يملك إعلاما قويا، وموارد غير محدودة، وتحالفات إقليمية ودولية، وقدرة حقيقية على الحشد بالترهيب والترغيب لا تتوافر لجمال مبارك، لذلك قلت سابقا إن ترشح جمال مبارك يمثل قبلة حياة للسيسي ونظامه”.