#لغتنا_الجميلة

#لغتنا_الجميلة

د. هاشم غرايبه

اللغة وعاء الفكر، لذا فالضعف اللغوي احد سمات هذه المرحلة من التراجع على جميع الأصعدة التي تعيشها أمتنا.
فعلى الرغم من تقلص نسبة الأمية، وازدياد عدد حاملي الشهادات العليا، إلا أن نسبة التمكن من اللغة في تناقص، مما أدى إلى تفشي ظاهرة الركاكة في التعبير، والأخطاء الإملائية والقواعدية، لدرجة إفساد المعنى وإضاعة المقصد.
يبرر أغلب من يسقطون في أخطاء لغوية فاحشة، بأنه لا أهمية للغة طالما أوصلت المعنى المراد، لكن كم يسقط في نظرك مسؤولٌ رفيعٌ عندما يتحدث، فيخطيء في القواعد البسيطة، وكم يحملك كاتب مقالة أو تعليق في (الفيس بوك) على التوقف عن متابعته، عندما يصدمك بأخطائه الإملائية المريعة!.
من المتفق عليه أن أسباب كل ذلك تعود الى القصور التعليمي أولا، والى قلة المطالعة والثقافة ثانيا، والعامل الأهم قد يعزى إلى استبدال لوحات المفاتيح بديلا عن القلم في الكتابة ثالثاً.
الشعور بالحاجة لحل هذه المشكلة عارم، قد يكون إصلاح الأساليب التربوية والتعليمية حلا على المدى البعيد، لكن من فاته ذلك فلا سبيل أمامه إلا بالتعلم الذاتي.
من هنا أساهم بين الحين والآخر بالتذكير ببعض قواعد اللغة الأساسية.
من الأخطاء الشائعة التي ألاحظها:
1 – عدم التمييز بين مواضع استعمال التاء المفتوحة والمضمومة، رغم أن هنالك قاعدة سهلة لا يخطيء من يتبعها، وهي تجربة ابدال الحرف الأخير الذي يكون فيه الخيار إما تاءً مفتوحة أو مضمومة بحرف الهاء، فإن استقام المعنى فهي تاء مضمومة وإن فسد فهي مفتوحة، مثال على ذلك كلمة (رغبة ، رغبت)، فالأولى لو قلت رغبه لن يتغير المعنى، لذلك فهي تنتهي بتاء مضمومة، أما الثانية فهي فعل ماضي متصل به تاء التأنيث، ولن يستقيم المعنى لو أبدلت الحرف الأخير بالهاء، لذلك فهي تاء مفتوحة.
2 – عدم التفريق بين الألف والهمزة، الهمزة حرف قطع فيما الألف حرف وصل أو مد.
همزة الوصل هي ألف زائدة، تثبت نطقا في الابتداء، وتسقط في وسط الكلام، وسميت همزة وصل لأن المتكلم توصل بها إلى النطق بالساكن ولا تكتب، وإنما يُكتب الألف فقط مثل: ابن، امرأة، وأحيانا يوضع فوق الألف حرف صاد صغيرة.
وإذا كانت في أول الكلام فإنها تنطق وكأنها همزة قطع لكن بدون كتابة، مثل: نكتب كلمة اقرأ لكن ننطقها إقرأ، أما في أثناء الكلام فإنها لا يُنطق بها، فعندما نقرأ قوله تعالى: “وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ”، فإننا ننتقل لفظا من حرف الفاء لحرف الصاد.
إن أغلب همزات الوصل تكون في الأفعال و في بعض الأسماء، لكنها لا تقع إلا في أول الكلمة، فلا تقع في وسطها ولا في آخرها .
3 – أما أكثر الأخطاء الإملائية شيوعا فهي في الهمزة الوسطية، وأشكالها أربعة : وتكتب إن كانت مكسورة على نبرة: (ئـ)، والمرفوعة عل الواو: (ؤ)، والمنصوبة على الألف: (أ)، والساكنة كما هي: (ء).
ويحكمها في ذلك قاعدتان معا، الأولى: حركة الحرف الذي يسبقها، والثانية قوة الحركة، حيث أن الحركة الأقوى تتغلب على الأضعف منها، وترتيبب القوة هو كما يلي: الكسرة ثم الضمة ثم الفتحة ثم السكون.
أقترح على غير المتمكنين حفظ الجملة التالية، ففيها معظم مواقع الهمزة: [سَألَ سائِلٌ مسْؤولاً مسألةً لو سُئِلت لغيره لنالته مُسَاءَلةً]
فنلاحظ أن الهمزة في (سأل) كانت مفتوحة وما قبلها مفتوح فكتبت على ألف.
والهمزة في (سُئِلَ) كتبت على نبرة وليست على واو، رغم أن ما قبلها الضمة، لأن الكسرة أقوى الحركات.
وانها في (مسْؤولاً) كانت على الواو لأن الضمة أقوى من السكون.
4 – حركة المعدود: فالواحد والاثنان يوافقان المعدود في التذكير والتأنيث، ويخالفانه من ثلاثة الى عشره، وينطبق ذلك على العدد المركب، فنقول: ثلاث نساء، وأربعة رجال، واثنتا عشرة امرأة، واحد عشر رجلا، وثلاث عشرة امرأة، وأربعة عشر رجلا.
باعتقادي أن معظم الأخطاء الإملائية الشائعة تتركز فيما سبق، ولو تفهم المرء القواعد التي تحكمها، وبالبساطة التي أوضحتها، لأمكننا تجاوز مصاعب يعتبرها البعض عقدة مستعصية على الحل.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى