لغتنا الجميلة
د. هاشم غرايبه
تعتبر #اللغة أقدم وسيلة للتخاطب البشري، وعُرّفت بدايةً على أنها أصوات لها دلالاتٌ ومعانٍ، وبعد أن عرف #الإنسان الكتابة، أصبح تدوين هذه الأصوات ممكنا.
النظريات المعتمدة حول نشأة اللغة، ترتكز على أنها ابتكار بشري، ويقول علماء الغرب أن الدراسات حولها ظهرت أولا عند الإغريق بهدف توحيد المصطلحات، لكن ليس منطقيا أن الشعوب التي ظهرت فيها الكتابة أولا( المنطقة العربية) لم تعرف الدراسات اللغوية قبلهم بكثير.
العلماء الغربيين يخالفون أسس البحث العلمي النزيه حينما لا يعترفون بأية دراسات علمية في اللغة قبل عام 1777 على يد “فريدريك وولف”، الذي يعتبرونه رائد علم فقه اللغة (الفيلولوجيا)، رغم أن الفراهيدي وسيبويه وعبد القاهر الجرجاني سبقوه بقرون عديدة، لكن لأن دراساتهم كانت تستند الى اللغة القرآنية، فقد أنكروا فضلها وعلميتها.
هنالك إصرار دائم لدى الباحثين والعلماء التطبيقيين، على الإنصياع للفكرة المسبقة برفض الدين، واعتبار المعلومة المتحصلة منه على أنها غير صحيحة من حيث المبدأ، ويرفضون إدراجها على طاولة البحث المقارن مع غيرها.
وهكذا نجد أن الإدعاء بالموضوعية منقوض ضمن هذا المنهج، إذ يجب النظر الى الفكرتين: الدينية والبشرية بالمعيار ذاته، وبالتالي لا يجوز اعتبار الدينية مرفوضة إلا إذا تم نقضها بالبرهان، ومثلما يتعاملون مع الفكرة البشرية.
إذاً هنالك حول نشأة اللغة فكرتان، البشرية: وتقول أن الإنسان البدائي طور أصواتا للتعبير عما يريد إيصاله للآخرين، وأن اللغات الحديثة تطورت من اللغة السانسكريتية ( بحسب “دي سوسير” في كتابه: علم اللغة العام)، ثم جاء علماء ووضعوا لها قواعد.
والثانية هي الدينية: والمستندة الى أن أصل البشر الحاليين من الأب الأول وهو آدم، وقد وجد اللغة من ضمن المكنونات الأساسية الموجودة فيه (المفطور عليها).
سأقدم تاليا بعض الأدلة على صحة الفكرة التي جاء بها الدين:
1- ترتكز فكرة اختراع #الإنسان للغة على نظرية تطور الإنسان من حيوانات بدائية آخرها القرد، ولا يوجد الى اليوم أي دليل مادي (أحفوري) يثبت ذلك، وبالتالي يجب وضعها على الرف بانتظار اثباتها.
2- يولد الطفل مفطورا على التحكم بعضلات لسانه وضبط ذلك مع الشفتين والحلق، وهي أعضاء الكلام، الحامل الرئيس للغة والتي يتعلمها فيما بعد من بيئته الحاضنة.
3- لا إنسان وجد في الدنيا بطريقة غير الولادة، منطقيا فذلك يعني أن هنالك والد أول لكل البشر، فإذا كان الإنسان يولد مفطورا على القدرة على الكلام بخلاف باقي الكائنات، وكل المفطورات موروثة، لذا فالمورث الأول: آدم عليه السلام، كان يتكلم.
4- لكن كيف تعلم اللغة الأولى إن لم يكن هنالك من علّمه؟.
الإجابة في قوله تعالى: “وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا” [البقرة:31]، وإلا كيف كان سيخاطبه محذرا من عصيان أمره، وكيف كان سيعلمه كلمات تقبل منها توبته؟، لذلك فهنالك لغة محددة علمها الله لآدم، والذي علمها لذريته، فهل هي “السانسكريتية” كما يقول علماء اللغة الأوروبيون أنها أم اللغات!؟.
5- مهد السنسكريتية الهند، وهي ليست أقدم من العربية ولا أوسع معانٍ، وتكتب من اليمين الى الشمال، فلماذا لا تكون بنتا للعربية وليست أمّاً لها؟، ولماذا يأخذ الأوروبيون منها ولا يأخذون من العربية مركز العالم القديم، والممر التجاري لكل الأمم؟
6- إذا ما علمنا أن القرآن موجود في اللوح المحفوظ قبل خلق الإنسان، وهو ذاته الذي هو بين أيدينا، ولغته عربية لا عوج فيها، فما الحاجة الى وضعه بلغة وترجمته حين نزوله الى أخرى؟، إذن فاللغة الأولى هي العربية، ومنها اشتقت كل اللغات الأخرى كلهجات محكية أولا، ثم تطورت الى لغات، ثم وضعت لها قواعد.
7 – كما ان اختيار الله للعرب لتلقي القرآن ومهمة نشر الإسلام الجليلة لم يكن بسبب تفوقهم في البلاغة، بل كان تفوقهم هذا تهيئة مسبقة من الخالق، لكي يحفظوا اللغة من الإندثار الى حين نزول القرآن، لكي لا تعجز عن حمل القرآن العظيم وفهمه، ولما لم تكن من حاجة لحفظ اللغة خارج الجزيرة، ترك باقي ديار العرب للهجات محلية كالآرامية والسومرية والهيروغليفية، فالقرآن حينما يصلهم سيعيدهم الى العربية الفصيحة.
نصل الى أن #العربية هي #لغة #البشر #الأولى، واللغة التي نزل بها كلام الله، لذا فمن المنطقي أن تكون لغة الآخرة.