لا لقاح لفيروس كورونا قبل عام ونصف على الأقل

سواليف
في وقت تتزايد فيه المخاوف من إمكانية تحوُّل فيروس كورونا الجديد إلى وباء، يسابق العالم الآن الزمن من أجل البحث عن وسيلة للوقاية والعلاج، عبر تصنيع لقاح ضد هذا المرض القاتل. لكن علينا ألا نعوّل على توافر هذا اللقاح خلال فترة الانتشار الحالية، لأن الأمر يحتاج سنوات، بحسب الخبراء.

وقالت منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء 11 فبراير/شباط 2020، إن أول لقاح ضد فيروس كورونا الجديد الذي أطلق عليه اسم “كوفيد-19″، لن يكون متاحاً إلا بعد 18 شهراً، “لذا فإنه يتعين علينا عمل كل شيءٍ الآن باستخدام الأسلحة المتاحة”، على حد تعبيره.

ووصفت المنظمة المرض بـ “التهديد العالمي”، رغم انحساره بشكل كبير في الصين. إذ يظل يمثّل حالة طوارئ هائلة لتلك الدولة، وتهديداً كبيراً في الوقت نفسه لبقية دول العالم.

وقال غابرييل ليونج من جامعة هونغ كونغ، لصحيفة الغارديان، إنه إذا لم يتم وقف الفيروس، فقد يصيب 60% من سكان العالم ويقتل واحداً من بين كل 100 مصاب (نحو 50 مليون شخص). لكن لا أحد يعرف ما إذا كان سيحدث هذا بالفعل، لأننا لا نعرف ما إذا كان يمكن احتواء الفيروس ومدى قوته، وعدد الأشخاص المصابين به فعلياً.
حتى سارس ليس له لقاح حتى الآن

منذ عام 2003، واجه العالم ثلاث عمليات تفشٍّ ناجمة عن فيروسات كورونا: متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (سارس)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، والآن تفشي المرض الحالي الناجم عن فيروس يُعرف باسم 19-COVID. لم يجد العلماء حتى الآن طريقة لوقف هذه التفشيات قبل أن تبدأ.

خلال تفشي فيروس سارس في عامي 2002-2003، استغرق إنتاج لقاح يكون جاهزاً للاختبار على البشر نحو 20 شهراً. هذا فقط من أجل الاختبار وليس الإنتاج النهائي. في ذلك الوقت، تم احتواء تفشي المرض، بتدابير الصحة العامة مثل عزل الأشخاص المصابين، والحجر الصحي، وتحديد الأشخاص الذين اتصلوا بأولئك المرضى. هذه الخطوات يتم تنفيذها بالفعل في التفشي الحالي.

ورغم أنه لم يتم تطوير علاج أو لقاح محدد لمرض سارس، فإن الباحثين كانوا يعملون على بعض الأدوية واللقاحات في المرحلة الأولى من الاختبارات المعملية لمرض السارس. ونظراً إلى أن السارس وفيروس كورونا الجديد يرتبطان بالخلايا البشرية بالطريقة نفسها، فإن البحث الذي تم بالفعل قد يوفر بداية جيدة تسهّل الإنتاج.

لكن المشكلة تكمن في أن إمكانية احتواء فيروس كورونا الجديد تعتمد على عديد من العوامل، ما زال بعضها غير معروف، مثل مدى انتشار الفيروس ومدى خطورة المرض الذي يسببه.

يُذكر أن فيروس كورونا الجديد الذي نشأ بمدينة ووهان الصينية تسبب في مقتل أكثر من 1100 شخص في 6 أسابيع، وهو رقمٌ أعلى ممن ماتوا بسبب فيروس سارس في 8 أشهر.
مجموعات بحثية تسابق الزمن

على مدار الأعوام الـ17 الماضية، قام العلماء بتقصير الوقت المستغرق لتطوير لقاح بشكل كبير بعد ظهور فيروس جديد، إذ استغرق لقاح الإيبولا 20 عاماً. ويُعزى ذلك إلى حد كبير للتقدم التكنولوجي ووجود التزام أكبر من جانب الحكومات والمنظمات غير الربحية بتمويل البحوث حول الأمراض المعدية الناشئة.

إحدى المنظمات غير الربحية التي يطلق عليها منظمة “ابتكارات الاستعداد للوباء” (CEPI)، تقوم بتمويل 3 مجموعات تعمل بالتوازي لتطوير اللقاح ضد كورونا.

المجموعة الأولى هي شركة إنوفيو (Inovio Pharmaceuticals Inc) للأدوية، التي تقول إنه بإمكانها الحصول على لقاح جاهز للاختبار على الحيوانات خلال شهر واحد.

بينما المجموعة الثانية هي شركة مودرنا (Moderna) للصناعات الدوائية والتي تعمل مع المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية. تقول الشركة إنه يمكن أن يكون لديها لقاح جاهز لإجراء تجربة سريرية بالمرحلة الأولى على البشر في غضون ثلاثة أشهر.

وتستخدم كل من “مودرنا” و “إنوفيو” تقنية حديثة للقاحات تعتمد على تسلسل الحمض النووي DNA وتتميز بأنها تمكّن العلماء من البدء في تصميم لقاح بمجرد حصولهم على التسلسل الجيني للفيروس دون الحاجة للحصول على عينات الفيروسات الفعلية في المختبر.

وبالنسبة للمجموعة الثالثة، فتوجد في جامعة كوينزلاند بأستراليا، وتهدف إلى الحصول على لقاح جاهز للفحص على البشر في غضون 16 أسبوعاً. وهم يقومون بتطوير لقاح عن طريق زراعة البروتينات الفيروسية في مزارع خلوية.

خارج هذه المجموعات الثلاث توجد شركة جونسون آند جونسون للأدوية، والتي بدأت بالعمل على إنتاج لقاح منذ أسبوعين. ويقدر كبير المسؤولين العلميين في الشركة أن يكون لديهم لقاح جاهز للتسويق في غضون عام.

أضف إلى هذا شركات ريجينيرون للأدوية، وجلاكسوسميثكلاين، وGilead Sciences. وفي حين يقوم البعض بتطوير لقاحات من الصفر باستخدام معلومات الشيفرة الوراثية كما ذكرنا، فإن البعض الآخر يختبر الأدوية الموجودة حالياً كخيارات علاج.

وبالنسبة لمجال الأدوية والعقاقير فهناك عدة خطوات لا بد أن تمر بها عملية الإنتاج: اكتشاف العقار نفسه، ثم الاختبارات المعملية، ثم التجارب على الحيوانات، ثم التجارب على البشر على مرحلتين صغيرة وكبيرة، ثم الإنتاج النهائي للعقار على المستوى التجاري. في المتوسط تستغرق هذه العملية من 10 إلى 15 سنة، لكن ربما يكون الأمر مختلفاً في هذه الحالة الطارئة.

التجارب السريرية هي العامل المحدِّد لسرعة الإنتاج

يقول الدكتور ستانلي بيرلمان، أستاذ علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة وطب الأطفال في جامعة إيوا، إن هذه الجداول الزمنية السريعة قد تكون “مجدية” في عملية تطوير اللقاح. لكنها قد تكون سريعة للغاية لدرجة لا يمكن معها إجراء تقييم دقيق لسلامة وفاعلية اللقاحات المنتجة.

ومع ذلك، فقد تم اختبار المنصات المستخدمة لتطوير هذه اللقاحات من قبل، لذلك من المحتمل أن تكون آمنة كما تم استخدامها في السابق. بالنظر إلى الضرورة المُلحّة لمنع مزيد من انتشار الفيروس الحالي، فإن هذا الوتيرة السريعة أمر مفهوم.

بمجرد أن يصنّع العلماء لقاحات مرشحة معملياً، يتعين على هذه اللقاحات أن تخضع للاختبارات على الحيوانات واختبارات التجارب السريرية الصغيرة والكبيرة على البشر. هذه المراحل ضرورية للتأكد من أن اللقاحات فعالة وآمنة.

العلماء يقولون بوضوح، إنه لا يمكنك تسريع التجارب على الحيوانات والتجارب السريرية كثيراً. ففي النهاية، هذه الخطوات تستغرق وقتاً. لذلك ستكون هذه الخطوة هي العامل المحدد لإمكانية توافر لقاح لهذا الوباء في الوقت المناسب.

يقول بعض الخبراء إن هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لجعل هذا الاختبار أسرع قليلاً، مثل إجراء بعض التجارب السريرية بشكل متوازٍ. ولكن في النهاية، ما زلتَ تتحدث عن فترة تتراوح بين أسابيع وأشهر.
لكن هناك مشكلة أخرى

يوضح الخبراء أنه حتى لو نجح اللقاح بكل جولات الاختبار، فمن غير المرجح أن يتمكن صانعو الأدوية من تصنيع لقاح يكفي لحماية كل شخص قد يتعرض للفيروس.

تعتقد شركة مودرنا، التي تمتلك حالياً أكبر قدرة تصنيعية للمجموعات الثلاث التي تمولها CEPI، أنها يمكن أن تنتج 100 مليون جرعة في السنة.

وهذا يعني أن مسؤولي الصحة سيحتاجون إعطاء الأولوية لمن يحصل على اللقاح. وهذا يعتمد على عوامل مثل من سيكون لديه أكثر الأعراض حدة ومن المرجح أن ينشر الفيروس. عديد ممن ماتوا بسبب العدوى كانوا من كبار السن أو الذين يعانون أمراضاً مزمنة. هؤلاء هم الأشخاص الذين ترغب في استهدافهم بلقاح.

يمثل عمال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية لمكافحة التفشي مجموعة أخرى ترغب في متابعتها وتأمينها. إذا أصيب العاملون في مجال الرعاية الصحية بالعدوى، فيمكنهم تضخيم تفشي المرض، لأنهم على اتصال بعديد من المرضى.

المصدر
عربي بوست
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى