لأبي عبيدة: اللثام اصدق إنباءً من الخطبِ

لأبي عبيدة: #اللثام اصدق إنباءً من الخطبِ

#شبلي_العجارمة

وأنا أخط على زجاج نوافذ الليل الهارب من العتمة والمطر ، أكتب عجز الكلام قبل وقوف أحرفه ومفرداته وعباراته إجلالًا لكل ما يدور في معركة الوجود الحتمية على أرض العزة والصمود ، هي غزة التي لا تخطئها بوصلة الكلام ولا يتوهم جغرافيتها الموت الذي يرسم أسطورة البطولة ويلون غدها بالأقحوان الذي ثمل من دم الشهداء وأزهر .
عندما يئسنا من الكلام المعاد ، وكفرنا باجترار العبارات الرنانة الفارغة بلا صدًى مشلول أو صوتٍ يحبوَ كما فرقعات ألعاب العيد للأطفال ، يطل علينا اللثام الذي يغتال ملامحه العربية وقلبه المسلم ورجولته المأسورة خلف شعار المرحلة له ولرفاقه بأن مراحل التنظير وأدتها أنفاق غزة وأن البقاء للفعل لا القول المزركش أو فلاتر العدسات ، بتنا نتفقد آذاننا قبيل خروجه علينا لنروِ السمع المتعطش والأعين المخدوعة بكل الهزائم التي كم نحتاج لجردة حسابٍ ومراجعة للذات .
بات لثام ابي عبيدة أيقونة الشغف بقليل من الثقة بالنفس بأننا أقلها لسنا شعوب العالم الثالث ، وأوسطها أن نصدق تواريخ أجناد الشام وحطين وعين جالوت واليرموك ومؤتة ، لقد كدنا نشك في كل ما قرأنا وسمعنا من تاريخ كان مشرقًا ذات يوم ، وأعلاها بفتوحات جند الله والعروبة تلك التي دكت عروش الفرس والروم والتتار ، هو الملثم وحده الذي يغري مساءاتنا بأن مسلسل هبوب الريح _ الذي كنا ننتظر حلقاته بفارغ الصبر _ هو حقيقة لا محض خيال ، وأن لنا بين وجبات الأخبار كلام يستحق السمع مثلما استحق عن جدارةٍ أن يقال .
وحده الملثم الذي جمع كل النظريات في بوتقة لثامه وأيقونة حضوره ، نظرية البطولة التي اصبحت حقيقة لا خيال ، ومنهجية الحرب النفسية الواثقة بالله ثم بالنفس وأدواتها ، ونظرية أن المنصر وحده وصاحب الحق وحده من يكتب التاريخ من جميع زواياه، الرجل الملثم الذي أسقط جميع احتمالات الاستخبارات المعجزة ، وأثبت أن الهزائم التي منيت بها الشعوب هي من الخونة والمندسين والمنبطحين ، فهو يترجم مقالات الرصاص والقنابل والصواريخ كلامًا معادًا نحبه ولا نمل سماعه كل لحظة.
الرجل الملثم كسر قاعدة أن اللثام هو للمصائب عند العرب ، حتى قال أبو عبيدة أن اللثام للنصر والكرامة لا للهوان والبكاء والخذلان .
في لثامه مجلدات من انكشاف العصابة الصهيونية الطارئة على التاريخ والإنسانية ، وفي لثامه سبابة اتهام تخجل كل متواطئٍ يدني البعيد ويقصي القريب تشبثًا بوجوده الذاتي فحسب .
خلف اللثام تختبىء آلاف الوجوه والقلوب والهامات التي تكتب التاريخ بلونها هي وبفجر فلسطين الحبيبه الجديد .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى