كي لا ينهار السد !

كي لا ينهار #السد !

المهندس: عبد الكريم أبو #زنيمة
منذ عقود ونحن نسمع ونشاهد مؤتمرات واجتماعات وفضاء اعلامي له اول وليس له آخر يتحدث عن الاستثمارات واستقطابها وتشجيعها وتوطينها والتغني بالبيئة الاستثمارية التي لا نظير لها، لكن النتائج والمؤشرات كما هي اليوم تشير الى عكس ذلك تمامًا؛ إذ أن نسب البطالة والتظخم وتآكل القوة الشرائية للمواطن في تصاعد مستمر وكذلك نشاهد هروب وهجرة الشباب الاردني للخارج وتغول الحكومات في فرض المزيد من الضرائب على المواطن، وبذات الوقت لطالما سمعنا خلال العقود الماضية ايضًا عن هروب الاستثمارات والمستثمرين الى الخارج لأسباب عدة منها ما هو متعلق بالبيئة الاستثمارية من تشريعات وبنى تحتية وخدمات ومنها ما هو متعلق بالفساد من ابتزاز ومحاصصة ورشاوى ونصب واحتيال .
النهضة والتنمية لن تتحقق ما لم يكن هناك ارادة وطنية حقيقية وادارة كفؤة في ظل سيادة مطلقة للقانون المنبثق عن دستور ديمقراطي أساسه ومرجعيته الشعب ومحوره المواطن الحر الكريم . معظم دول العالم التي كانت غارقة في الفساد لم تنهض بالشعارات والاهازيج وإنما بالإصلاحات الجوهرية الحقيقية واجتثاث الفساد من جذوره ، وخير دليل على ذلك: كوريا الجنوبية وتركيا وماليزيا وها هي اليوم بعض الدول الافريقية تسير على نهج تلك الدول وتحقق أعلى نسب النمو العالمية مثل إثيوبيا وأوغندا ، أما النيجر فقد حققت نسبة نمو بحدود 14% من ناتجها القومي .
نسبةً للموارد الطبيعية والبشرية الاردنية كان من المفترض ان يكون دخل المواطن الاردني من الأعلى عالميًا ، فكل ما يحتاجه العالم موجود لدينا ” بترول ، غاز ، يورانيوم ، بوتاس ، فوسفات ، اسمنت ، معظم العناصر النادره ، الرمل الزجاجي ، النحاس …الخ ” إضافة لتميزنا بالبيئة الزراعية المتنوعة والبيئة السياحية الدينية والترفيهية والتنوع المناخي والموقع الجيوسياسي، كما اننا نتفوق على الكثير من دول العالم بغنى مواردنا البشرية المحترفة في كافة المجالات والقطاعات الانتاجية ، مع كل هذا والمديونية في تضخم دائم وحال المواطن يزداد سوءًا عامًا بعد آخر ، لكن المؤسف وما يثير السخرية والسخط هو سرعة استجابة الحكومة وتكذيبها بأجمل العبارات المنمقة اية اشارة او ملحوضة يبديها مستثمر أو مواطن يشير فيها الى فساد هنا أو هناك، ويا ليتها وبنفس السرعة تأخذ الملحوظة وتحقق بصحة مضمونها وتفضح وتحاسب مرتكبيها وما أكثرهم ، فالفساد اكبر من ان يستره تصريح أو تكذيب حكومي .
ما أحوجنا اليوم الى بيئة استثمارية آمنة وجاذبة للاستثمارات الانتاجية الكفيلة بتحقيق القيمة المضافة للناتج المحلي في الصناعة والتعدين بأشكاله المختلفة والبتروكيماويات والزراعة والصناعات الزراعية التحويلية والطاقة المتجددة حيث هناك 320 يوم مشمس/ عام ، هذه الاستثمارات هي التي ستعزز الصادرات وتوليد الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتنشيط الدورة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الرديفة وتضاعف فرص التشغيل المباشرة وغير المباشرة ، هذه الاستثمارات يجب تمييزها عن الاستثمارت الاخرى من حيث البنى التحتية والخدمات والإعفاءات الضريبية قصيرة ومتوسطة الاجل وكل ما من شأنه إنجاحها .
لن نخطو خطوة واحدة للأمام ” في مجال الاستثمار” ما لم تستقر بيئتنا التشريعية بما يحصن البيئة الاستثمارية بعيداً عن الابتزاز والمحاصصة والتنفيع وغيرها، عندها سنشهد تدفقاً للمستثمرين ورؤوس الاموال ، وبخلاف ذلك سنبقى في دائرة الردود الحكومية والتبريرات المضحكة والمبكية في آن واحد ، وعلينا التمعن جيداً بالحكمة الصينية التي تقول ” كي لا ينهار السد يجب التخلص من الجرذان” !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى