كيف يُسقط الفيس بوك السياسي كشخص عام؟

كيف يُسقط الفيس بوك السياسي كشخص عام؟
ا.د حسين محادين

1- واقعيا وفكريا، لا فرق بين :-
الشارع العام الحقيقي، الذي نتفاعل به وجها لوجه ،ونعيش فيه جيرانا متحابين، او في خصومات كمتنافسين، وبين الفيس بوك كشارع الكتروني رغم انه الاكثر شعبية، وانتشارا من بين ادوات التواصل الاجتماعي الذي أصبح ظلا جديدا لاجسامنا وحركة ايامنا، بالفيس موجود ضمن مجتمع افتراضي مشابه للشارع الحقيقي من حيث اشكال التفاعل بين سكانه غالبا، وهو الأوسع أنتشارا والاكثر تأثيرا بين اعضائه الذين يتفاعلون لحظيا. 1- أن كلا الشارعين”الحقيقي والافتراضي” يعيش ويتخاصم فيهما وعليهما أناس من مختلف المستويات والمكانات والسلطات كجزء من سعيهم الحميم لكسبه او تحيده في الأقل حسب مصالح كل منهما.
2- لعل من الذكاء والحنكه السياسية لأي من العاملين في السياسة كأشخاص عامين، أن يتابعوا ما ينشر عبر الفيس من أطروحات اي كان مضمونها، متذكرين دائما،أنهم يتفاعلون مع آخرين من مختلف المستويات في شارع الكتروني يشبه الشارع العام في مدنهم، او في مساقط رؤسهم، او حتى من جيرانهم واقربائهم وحسادهم معا، لذا عليهم الا ينفعلوا في ما ينشر عنهم كأشخاص عامين عبره من ،سباب ،او تعابير خادشه موجهه لهم، او حتى من تجاوزات على خصوصياتهم الأسرية احيانا،لأنهم اذا ما فشلوا في ضبط أنفسهم من الانفعال والشكوى من ذلك ، فإنهم يندفعون بغباء سياسي الى الاشتباك ولو القانوني مع كل من،العوام أو حتى الناخبين لهم الذين اوصلوهم الى مواقع سلطة صنع القرار وطنيا ، او مع المغرضين نحوهم من منافسيهم، وعليهم الاحذر من احتمالية نجاح الآخرين في إسقاطهم بفخ العوام أو حتى الدهما، الذين يتلذذون في خدش ومهاجمة كل ما هو سلطوي وشخوص عامين ،بحثا مقصودا عن الشعبوية المنشودة كجزء من كسب الرأي العام المهيأ اصلا للقبول والمشاركة في تشريح وتفضيح او حتى الاعدام المعنوي للسياسين وفي كل المجتمعات والأردني جزء منها.
3- على السياسي النبيه عدم مخاصمة العوام والدهماء وجها لوجه،فهم يشبهون كتلة نار متدحرجة لا نعرف اتجاهها او حتى نقطة وقوفها في المحصلة ، كيف لا ، وكالة الرأي العام غريزية الدوافع، وهي الفاقدة للعقل الناقد اصلا، لذا على السياسي الناضج بالمعرفة والمراوغة أن يخلق للرأي العام البسيط وعيا وتحليلا للوقائع تقنعه بغض النظر عن صدقيتها” عملا بمقولة”الجمهور عاوز كده” لان هذا الجمهور الكتاب هو الأخطر تأثيرا على السياسي ومستقبله .
وبناء على ماسبق، ارى بأن السياسي المحنك هو من يخلق اهدافا وهمية للشعبوين، ويذهب هو لمواصلة اعماله التي تبقيه قائدا حقيقيا-وليس مديرا- للمشهد والرأي العامين ،خصوصا وأن كان منتخبا، نائبا أو رئيس بلدية أو عضو لامركزية .الخ.
3- صحيح أن لدينا قانون الجرائم الإلكترونية في الاردن ويجب أن نحترم القوانين، لكنه يبقى ليس الأداة الأمثل والوحيدة والاكثر عائدا عليه، عند لجوء السياسي كشخص عام إليه اعتقاده القاصر أن هذا القانون سيصد عنه ما ينهش حضوره او حتى خصوصيات عائلته، او حتى سباب المغرضين نحوه ،خصوصا وأنهم يسعون اصلا الى اقناص النجاح في جر السياسي الطليعي من ،قائد مفترض يدرك الأهداف التامرية المتوقعة عليه، وتوقيت إطلاقها ، كي يفوت على خصومه وناهشيه فرصة نجاحهم، في جره الى القاع الشعبي المهلك له ولمستقبله السياسي والانتخابي.
4- وأن السياسي الراشح من الخبرة والدهاء يدرك اننا نعيش ونتفاعل في مجتمع أردني مصاب :-
أ- بدوار الفيس كمخدر لوعي غير السياسين بسبب ضحالة ما ينشر عبره غالبا من جهه، وما يوفره الفيس من تساوي فرص النشر والتعبير الانفعالي والقاصر بين المختص والمتطفل الأرعن من جهة ثانية.
ب – مثلما نحن مصابون في متعة مماحكة الحكومات ورموزها من رجالاتها العامين على الدوام ، كابناء مجتمع اردني ما زالت العشائرية والمناطقية والطائفية والخلفيات السكانية والقانون العشائري المزاحم لمفهوم القانون المدني وقيم المواطنة وجميعها متفاعلة ،تمثل الجذر الاعمق اثرا وتاثيرا في وعلى مفردات وسلوكيات حياتنا اليومية والسياسية غالبا.

اخيرا ، وبناء على ماسبق، يمكننا الحكم على منسوب النضج السياسي الذي يجعل بعض المسؤولين في الاردن كأشخاص عامين قادة حقيقيون في إدارتهم لرصيدهم ،ومدى نجاحهم في الارتقاء المستمر بهذا الرصيد، وبين غيرهم ممن سهل اقتناصهم فعلا وبدهاء من خصومهم الملونيين، أو حتى حسادهم وعبر قانون الجرائم الإلكترونية وتحديدا عبر الفيس بوك، الأمر الذي نقلهم من أشخاص سياسين عامين الى أشخاص عاديين يا للوجع.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى