سواليف
مع تصاعد التفاعلات والقراءات المختلفة؛ العسكرية والأمنية، لعملية #هروب #أسرى #فلسطينيين من #سجن #إسرائيلي محكم الإغلاق والحراسة عبر #نفق أرضي، ما هي الكيفية التي يمكن من خلالها إنجاز مثل هذه العملية الدقيقة والمعقدة، في ظل غياب أبسط الإمكانات.
كيف حدث هذا؟
وكشف #الاحتلال الإسرائيلي فجر الاثنين 6 أيلول/ سبتمبر 2021، عن نجاح ستة #أسرى #فلسطينيين، معظمهم من أصحاب الأحكام العالية (مؤبدات)، في الفرار من سجن “جلبوع” الذي يوصف إسرائيليا بـأنه “شديد الحراسة”، ما شكل صدمة كبيرة لكافة المحافل الإسرائيلية، وعاصفة داخلية لا تسكن.
وأوضح وزير الأمن العام لدى الاحتلال، عومر بارليف، أن ما جرى في ” #جلبوع”، هو “حدث صعب وخطير ويجب ألا يحدث في إسرائيل”، وفق ما أورده موقع “واللا” العبري.
وأكد مصدر أمني إسرائيلي رفيع، أن هناك “سلسلة من الإخفاقات الخطيرة جدا”، متسائلا بصدمة: “كيف حفروا النفق تحت أنوف الحراس، في أحد أفضل السجون في إسرائيل؟”، وقال: “لا يمكنك حمل ملعقة صغيرة في الزنزانة، فكيف حفروا؟ وأين الرمال؟ وكيف أجروا مكالمات خلوية من السجن؟”.
ولفت المصدر، إلى أن “حفر نفق بهذا الطول والجودة (طوله 20- 25 مترا)، هي عملية طويلة تتطلب قدرا كبيرا من التنظيم، والذي يتضمن مخالفة للأنظمة وخرقا للعديد من القواعد في السجن”.
وعن الكيفية والطريقة التي يمكن أن تمكن أسرى داخل زنزانة في أحد السجون الإسرائيلية من حفر نفق للتحرر من الأسر، أكد الأسير المحرر عماد الدين أسعد الصفطاوي (55 عاما)، وهو أحد أبطال عملية “الهروب الكبير” من سجن غزة المركزي عام 1987، أن “الحاجة الشديدة تحفز كل القدرات والإمكانات داخل الإنسان والتي قد لا تكون مكتشفة، وتجعلها تعمل بأكبر فاعلية، لإيجاد حل لمشكلة ما”.
ولفت في حديثه ، إلى أن “الأسير يبدأ بالنظر في موارده والإمكانيات المتوفرة لديه، والتي من خلالها وبالقوة يعمل على تطويعها كي تخدمه في فكفكة التحدي الذي يعيشه”، منوها إلى أنه خلال فترة أسره، احتاج لفك “برغي مربع” قطرة نحو 5 ملم، ولا يوجد أي أداة، حيث قام ومن معه بتطويع صحن ملعقة متوفر لديهم، والنحت فيه مدة 4 أيام، لصناعة أداة (مفك) من أجل فك هذا البرغي.
الخلاص من السجن
وأوضح الصفطاوي الذي أعادت قوات الاحتلال اعتقاله عام 2000، وأفرجت عنه في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2018، أن “الأسير دائم التفكير في الخلاص من السجن، وهو يحتاج لبذل جهد كبير لصناعة الأداة الي يريد العمل بها، وما تم، هو بأدوات بدائية ومجهود ذاتي”، مشددا على أهمية “الحفاظ على سرية العمل”.
وعن الأمور التي يجب أن يراعيها الأسير لضمان سيرة العملية ونجاحها لفك قيده، شدد على “أهمية عزل الغرفة (موقع العملية) ومنع وصول أي ساكن جديد له، وهذا ما نجح به الشباب في سجن “جلبوع”، وهو أمر مهم جدا”، منوها إلى أن “لدى الأسرى إمكانية المطالبة عبر ممثليهم، أن يكون الأسير فلان وفلان في هذه الغرفة، وهذا ترتيب داخلي للأمور الحياتية، وبشكل عام إدارة السجن توافق، وهي بإمكانها نقل من تريد من الأسرى إلى المكان الذي تريد”.
ومع بدء تفكير الأسير ومن معه في خوض عملية التحرر من الأسر عبر حفر نفق أرضي، نبه الأسير المحرر، إلى ضرورة أن “يتجهز الأسير لكل الإجراءات والعقوبات، التي يمكن أن تترتب – لا سمح الله – حال فشلت العملية، ومن بينها الاستشهاد أو العزل لفترة طويلة، وأيضا بحسب الظرف فإن الأسير قد يضطر لعمل ريجيم للتخفيف من وزنه ليتمكن من المرور عبر النفق”.
وشدد على أهمية “وضع خطة والحفاظ على السرية حتى عن أقرب الناس؛ وهو أمر غاية في الأهمية في كل مراحل العملية، وفي بعض الأحيان تتوفر الظروف ولكن تغيب الأدوات فتتأجل العملية”، موضحا أن “الأسير، يحتاج أحيانا إلى أن يقوم هو بتصنيع تلك الأدوات مما يتيسر له”.
ونوه الصفطاوي، إلى أهمية أن “يقوم الأسير خلال هذه الفترة بضبط سلوكه، كي لا يثير أي ريبة أمام السجان الإسرائيلي، مع التجهز كما ذكرنا سابقا للمغامرة والمخاطرة”.
عمليات معقدة
وعن الأدوات المادية التي يمكن أن تتاح للأسير داخل غرفته، وتساعده في حفر مثل هذا النفق، ذكر أن المروحة المتوفرة داخل الغرف، بها عمود من حديد، يمكن استخدامه بعد تطويعه، كما أنه يمكن استخدام جسم الماتور كأداة طرق، ويمكن قص جزء من باب الغرفة، والحصول على حديدة مبسطة، أو يمكن أن توفر حديدة بطريقة ما، تمكن الأسير من عمل مجرفة أو إزميل منها”، مؤكدا أن نجاح الأسرى الستة في الخلاص من السجن عبر نفق أرض، هو “انتصار عسكري”.
من جانبه، قال الأسير المحرر تيسير البرديني، عضو المجلس الثوري لحركة “فتح”، ومفوض الشهداء والأسرى والجرحى بالهيئة القيادية العليا للحركة بقطاع غزة: “أنت لا تعلم كيف يمكن أن يحفر مثل هذا النفق من داخل السجن إلى خارجه؛ هي عملية معقدة جدا، وهي من العمليات الخطيرة والمعقدة أمنيا والتي تكلل أحيانا بالنجاح”.
وأوضح في حديثه ، أنها “هي ذات معركة المناضل الفلسطيني مع الاحتلال، للحفاظ على الهوية الفلسطينية التي يسعى الاحتلال لطمسها. وكل الأسرى داخل السجون، هم أصحاب قضية يؤمنون بها ويدركون أنها هي التي ستقودنا إلى التحرير”.
ونوه البرديني، إلى أن “الاحتلال باعتقاله للمناضلين، يظن أن دورهم قد انتهى، لكن الأمر لدى الأسير مختلف، هناك رفض كبير لإلغاء دور الفدائي داخل السجن، لأجل ذلك يصمد الأسير، وطوال فترة اعتقاله يهتف للوطن، ويستمر في التعلم، ويضرب عن الطعام لفك اعتقاله الإداري”.
وأضاف: “الأسير يحفر نفقا بأدوات بسيطة من مثل الملعقة والشوكة والسكينة، ويبقى يحفر مدة سنة، كي يؤكد للمحتل أنه موجود، وأن حرب الإرادة مع الاحتلال لم تنته، فالقصة ببساطة، قصة انتماء هؤلاء الأسرى للشعب الفلسطيني ولقضيتهم”.
ولفت الأسير المحرر، إلى أن “استمرار هذه الأعمال (حفر الأنفاق)، هي الطلقات وهي طعنة الخنجر وضربة الصاروخ.. يستمر الأسير الفلسطيني عدة أشهر وربما سنوات في حفر نفق، ويخوض أكبر عملية تمويه، وفي النهاية ينتصر على السجان الإسرائيلي”.
كيفية التخلص من تراب النفق؟
وقال الأسير المحرر عبد الحكيم حنيني في مقابلة صحفية، وكان قد شارك في تجربة هروب من سجون الاحتلال عام 1998، مشابهة لما جرى في سجن جلبوع: “كان داخل القسم مغسلة صغيرة، وقد اكتشفنا أن خلفها يوجد حمام قديم مهجور كان مغلقا بواسطة باب حديدي، والمجاري فيه تتجه ليس إلى داخل السجن وإنما إلى الخارج”.
وأضاف: ”في السجون يجعل الاحتلال المجاري تسير إلى تحت أرض السجن نفسه، وليس إلى الخارج، لاكتشاف أي حالة تذويب تراب لأنها ستتجمع داخل المجاري”.
وتابع: ”اكتشافنا لهذا الحمام، اعتبرناه تسهيلا لنا وفرصة ذهبية لنا لتذويب التراب عبر هذا الحمام”.
وأكد أن التراب ليس مثل الرمل، لأن الرمل لا يسير كثيرا مع الماء ويتجمع، ولكن التراب يسير مع الماء لمسافة كبيرة، حيث تم اكتشاف التراب على بعد خمسة كيلومترات من السجن.
وقال: ”كمية التراب الذي قمنا بتذويبه وفقا لتقديرنا بلغت 17 طنا ونصف الطن، وقد جرى تذويبها من خلال المرحاض الذي اكتشفناه”.
وتابع: ”كان أحد الأسرى يخرج يوميا ببرميل أسود كبير يحمل ملابس الأسرى باتجاه المغسلة، وتقريبا نصف السطل كان فيه تراب الحفر من الأسفل، ومن الفوق الملابس”.
وأشار إلى أن عملية الهروب هذه شاركت فيها حركتا حماس وفتح وأشخاص من الدروز، حيث قام أحد الدروز من الجولان وكان حدادا بفتح باب الحمام المغلق بطريقة فنية، فأعطى المجال للأسرى للدخول إلى الحمام والخروج منه دون أن يتم اكتشاف أن الحمام تم فتحه، وقاموا بتذويب التراب عبر المرحاض.