كيف يكون الاحتفال بالثورة العربية الكبرى
بعيدا عن التطبيل والتهويل والتزمير ، اتذكر الثورة العربية الكبرى بخير ، كما اترحم على قائدها “الشريف الحسين بن علي” وكل قادتها اصحاب الهمة العالية من الاجداد الغر الميامين، الذين كانت طموحاتهم وامانيهم كبيرة في انشاء دولة عربية واحدة ينال فيها المواطن حقه في الحرية والعيش الكريم ويعيد مجده وكبريائه بين خلق الله على ارضه ومقدساته.
لكني لا اجد فكرا تنويريا ولا تثقيفيا ولا حتى حضاريا فيما اشاهد وارى من مشاهد واحتفالات ومهرجانات تتسبب في الفوضى، وتغلق بسببها الطرقات، وتعطل بموجبها الحياة العامة بمراسيم وقرارات لتمنح كثير من الفوضويين وربما الانتهازيين منابر للخطابة الانشائية بعيدا عن اعلاء شأن الوطن وفرص جديدة لمكاسب لا يستحقونها !
ولكني ما زلت اعتقد بأن مفهوم الثورة في مهمتها وهو، تغيير الواقع الذي كان سيئا ولا يبشر بالخير بالذي سيكون افضل عليه الحال ولم يتحقق بعد، وهي الثورة التي اغتيلت او احبطت في بداياتها ولم تصل بعد لمبتغاها ولن يتحقق بالشكل الذي نريد واراده قادتها الا على النحو التالي:-
١. ان ترصد تكاليف الاحتفالات لاعداد برامج زمنية تنفيذية طبقا لما نصت عليه مبادئ الثورة الاساسية عند انطلاقها كثورة وحدوية عربية رائدة لتحقيق الاماني السامية.
٢. ان يتم التركيز على اصلاح المدارس والغرف الصفية ووسائلها التعليمية، ومرافقها الخدمية وكذلك دعم الجامعات بالاموال اللازمة لتنفيذ برامجها الطموحة ولتبيان الفرق لدى النشء الذي يبحث بمرارة عن مستقبله بتندر وترقب.
٣. تنفيذ مبدأ تكافئ الفرص في وظائف الدولة العليا والخدمة المدنية والعسكرية، علاوة على الاقلال من تعيين ابناء الذوات ومحاسيبهم بمناصب عليا بشكل مستفز، اشبه ما تكون بتوارث المناصب كما يتواتر في مقالات الصحافة والجمال، العامة والخاصة والندوات وحتى داخل الابواب لدى للاسرة الواحدة، وكما هو الحال والاواقع بتشكيل حكومات بلا لون ولا طعم ولا تكافئ في الفرص بحيث لا يعرف الفريق الوزاري لماذا اتى والمستقيل او المقال لماذا ذهب ! وكل ذلك دون ان يأخذ التكنوقراط مكانهم بحسب تميزهم، لا حسب عائلاتهم، وفق سلم وموازين عادلة مقنعة تبعدنا عن فيض الغيط وتؤسس لمرحلة واعدة.
٤. الاستفادة من التميز العلمي لاصحاب الكفاءات الكثيرة والمتنوعة في البحث العلمي لسبر اغواره ليساهم في التنمية المستدامة.
٥. ايجاد مشاريع طموحة واضحة المعالم تستوعب الخريجين المؤهلين والنشء الصاعد الذي يعاني من والاحباط والانزواء وراء مكاسب بسيطة وشهوات شخصية بعيدا عن العمل النافع الذي يعلي من شأن الوطن.
٦. اعادة صياغة وتفعيل ثقافة المسائل الكبرى بشكل مؤطر مثل تحرير فلسطين والوحدة العربية وعدم هدر الثروة والتفريط بالارض والارث التاريخي للوطن بحجة الخصخصة وابتلاع القطاع الخاص للقطاع العام.
٧. البعد عن تغليب الهاجس الامني على الدور الوطني للفرد، دون تقسيم الناس الى موالاة ومعارضة الامر الذي اصبح يفهم منه ان الرأي الاخر هو ضد الوطن وان الحكومة هي الدولة.
جميل ان يكون عندنا احتفالات نذكر فيها الماضي بكل تجلياته، ولكن الاجمل ان لا نضايق بعضنا بعضا، فالحياة تفاصيلها كثيرة وللناس حاجات لا نعرف جلها ولا تقال، واختم ما كتبت من خلاصات وقناعة للقارئ الكريم بقول ابو الطيب المتنبي، فارس البيان وشاعر العصور حيث يقول:-
“وفي النفس حاجات وفيك فطانة … سكوتي بيان عندها وخطاب”