سواليف
اتهم رئيس النظام السوري بشار الأسد، في حديثه مع صحيفة ” صندي تايمز ” المعارضة بأنها وراء ما يجري في حلب.
وقال الأسد في مقابلة أجرتها كريستينا لامب معه في قصره الجمهوري على جبل قاسيون: “لقد أعلنا عن استعدادنا للتصالح مع كل من يرمي سلاحه، وفتحنا ممرات إنسانية، إلا أن الإرهابيين أطلقوا النار عليها”، وقال: “حلب هي موضوع أساسي؛ لأن الإرهابيين احتلوا جزءا منها، ونريد التخلص منهم”.
وتقول الصحافية لامب إن طالب طب العيون في لندن لم يظهر إلا عواطف قليلة وهو يتحدث عن الحرب، التي مات فيها أكثر من 400 ألف شخص، وشردت خمسة ملايين من وطنهم نحو الدول الأوروبية، وأشار الأسد لنفسه في المقابلة بصيغة الجمع “نحن”، وأن الخيار في سوريا هو بينه وبين المتطرفين الإسلاميين، الذين أرسلتهم قوى خارجية.
وتضيف لامب أن الأسد بدا واثقا بأن ميزان الحرب ينحرف لصالحه، وأن الغرب سيجبر على القبول به، وقال: “لقد وصلت عملية الشيطنة إلى الذروة، وقالوا هذا الديكتاتور الذي يقتل شعبه.. ويرمي البراميل المتفجرة.. ولم يتركوا شيئا إلا قالوه عني”، وأكد الأسد أن السوريين الذين يعارضون حكمه يدعمونه الآن، بعدما اكتشفوا أن البديل عنه هو أسوأ، وقال: “في الماضي، عندما كنت أقول شيئا كانوا يقولون إن الرئيس السوري منفصم عن الواقع، والوضع الآن مختلف، فقد أصبح الغرب ضعيفا، ولم يعد لديهم مبرر ليشرحوا للناس موقفهم”.
وتشير المقابلة، إلى أن الأسد تحدث عن تنظيم الدولة قائلا: “يهرب النفط، ويستخدم آبار النفط العراقية تحت المراقبة الأمريكية، والغرب لا يقول كلمة، أما هنا، فقد تدخل الروس، وبدأ تنظيم الدولة يتراجع بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
وأضاف الأسد أنه من الصعب التوصل إلى حل سياسي؛ لأن الجانب الآخر مكون من متطرفين دينيين، تسيطر عليهم جماعات خارجية، وقال: “لو سألتني عن موضوعات الحل السياسي، لأجبت بأنني لا أعرف”، وأضاف: “الحديث عن الحل السياسي غير واقعي عندما يسيطر على الطرف الآخر أسياد في تركيا والسعودية وفرنسا والولايات المتحدة، والمشكلة الجوهرية هي أن هذه الدول تتدخل في الشؤون الداخلية السورية، وعندما تتوقف، فإن الإرهابيين سيصبحون ضعافا، ويمكن هزيمتهم، وعندها سنجلس نحن السوريون ونتحدث عن الحلول”.
وتبين الصحيفة أنه لدى سؤال الأسد عن شعوره تجاه ما جرى من قتل ودمار، فإنه حرك كتفه قائلا: “إنها مسؤولية الإرهابيين، ونحن نتحدث عن حرب، وليس مساعدات خيرية، وفي الحروب يقتل الأبرياء أو يصابون بالأذى، وماذا تفعلين؟ ولا يزال الإرهابيون في حلب، ويستخدمون المدنيين دروعا بشرية”.
وتلفت الكاتبة إلى أن الأسد نفى استخدام قواته الأسلحة الكيماوية، رغم ما ورد في تقرير صدر عن الأمم المتحدة، ووثق سلسلة من الهجمات، وقال: “الأسلحة الكيماوية هي أسلحة دمار شامل، وكان يمكن أن تقتل الآلاف في أقل من دقائق أو ساعات، ولم نشاهد حادثا كهذا”، وزعم أن المقاتلين في شرق حلب يزوّرون الصور، ويستخدمون الأطفال أنفسهم في سيناريوهات مختلفة، وأضاف: “هؤلاء (الملائكة)، الذين يرتدون الخوذ البيضاء، هم أنفسهم الذي يرقصون حول جثث الجنود السوريين”، مشيرا إلى أن أفراد الخوذ البيضاء هم “متشددون غيروا صورتهم فجأة”.
وتورد المقابلة أن الأسد زعم أن 70% من سكان سوريا هم تحت سيطرة الحكومة، وأن عمليات المصالحة الأخيرة أدت إلى انتقال مليوني مواطن من مناطق المعارضة إلى مناطق الدولة، وقال: “الكثيرون ممن كانوا يعارضون نظام البعث وهذه الحكومة وهذا النظام يدعمون الحكومة الآن، ليس لأنهم يحبونها، لكن لأنهم يدعمون السلام، وهم متعبون، وفقدوا الأمل، وفي ظل المتطرفين فإنه لا يوجد قضاة أو حكم محلي، ولأ أحد يجمع النفايات أو يعتني بالمرضى، ولا نزال نرسل اللقاحات للأطفال في مناطق المعارضة، ونبعث الرواتب؛ لنظهر للمجتمع أن هناك حكومة تعتني به”.
وتكشف الصحيفة عن أن رئيس النظام السوري اعترف بأن التدخل الروسي ترك أثرا، وقال: “كانت القوة الجوية هي التي أحدثت الفرق”، واعترف بأنه يتلقى دعما من حزب الله وإيران، مستدركا بأنه ليس كالذي يحصل عليه المعارضون له، وقال: “نصفها بالحرب العالمية، لكنها حرب ضد سوريا، فعشرات الدول تقوم بإرسال المال والمساعدات اللوجيستية للإرهابيين، أما الجيش فهو مكون من السوريين، ونتلقى دعما من حزب الله، لكن لبنان هو بلد صغير مكون من أربعة ملايين نسمة، وهناك دعم من إيران، لكنها لا ترسل قوات، بل ترسل ضباطا للمساعدة”.
وقال الأسد للصحيفة: “في النهاية نحن نقاتل عددا لا محدودا من الإرهابيين، الذين جاءوا إلى سوريا، ولهذا وجدنا صعوبة، إلا أن الدعم الروسي والإيراني عوضنا”.
وتفيد لامب بأنه عند سؤاله عما إذا كان دمية، ويتدخل الروس في قراراته، أجاب قائلا: “بالطبع نحن من يتخذ القرارات، والروس موجودون في سوريا منذ ستة عقود، وتستند سياستهم على أمرين: أخلاقي ودولي، وحتى لو كان لديهم رأي فهم يقولون: (هذا هو بلدكم أنتم تعرفونه)، ولم يحاولوا أبدا التدخل؛ لأنهم لا يريدون شيئا منا، ولا يريدون رئيسا دمية، ويعرفون أن نتيجة خسارة سوريا الحرب لصالح الإرهاب هي وصول الإرهاب إلى أوروبا، ما يؤثر على روسيا وكل شخص في العالم”.
وتنوه المقابلة إلى أن الأسد أكد أنه لن يخرج من السلطة إلا في عام 2021، قائلا: “لست مرتبطا بالسلطة، ولا أملك يختا أو طائرة، ولا أسافر إلى الخارج، وأقضي إجازاتي على الساحل السوري، وأسبح كما كنت أفعل طوال حياتي، ولدي عائلتي وأصدقائي، الأصدقاء أنفسهم من أيام المدرسة”، وأضاف: “بالنسبة لي، على المستوى الشخصي، فإنه من الأفضل لو أغادر؛ حتى أستمتع بحياتي؛ لأنني لا أحصل على أي منافع، لكن مسؤوليات، وهذه ليست مهمتي بصفتي رئيسا، فهو يجب أن يلتزم بالدستور وينهي ولايته بشكل عادي، لكن هذه ليست أياما عادية بل هي حرب، ولأنك قائد القوات المسلحة فيجب أن تقود الجيش وتدافع عن البلد، وهذا وقت لا يمكن فيه المغادرة”.
وبحسب الصحيفة، فإن الأسد رفض القول بأن سوريا هي ملك لعائلة الأسد، التي تحكمها منذ 45 عاما، قائلا: “إنها ليست قبيلة، لا أقول الآن إنني لو غادرت فسأسلمها إلى شخص آخر، وقد يكون ابني أو ابن أخي، فهي محكومة بدستور، ولا يملكها شخص، بل الشعب السوري”.
وتختم “صندي تايمز” مقابلتها بالإشارة إلى أنه عندما سئل الأسد عما إذا كان ينام بسلام وأطفال حلب يقتلون في كل يوم، فإنه أجاب: “أعرف معنى هذا السؤال”، وأضاف: “أنام بانتظام، وأعمل، وآكل بشكل طبيعي، وأمارس الرياضة”.
ترجمة عربي21