سواليف
لا يزال تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) يسيطر على مناطق بالصحراء المترامية الأطراف شرق سوريا ومعظم محافظة دير الزور قرب الحدود مع العراق، في وقت تتسارع فيه الفصائل المتحاربة بسوريا للاستيلاء على المدينة في ظل توقع بإجلاء المتشددين منها.
مدينة دير الزور الواقعة في الصحراء الشرقية قد تصبح، وفق صحيفة التايمز البريطانية، “برلين” الصراع في سوريا، فيؤدي الاستيلاء عليها إلى تحديد مصير الشرق الأوسط لسنواتٍ مقبلة كما تقاسم الحلفاء برلين؛ إذ إن المدينة سوف تكون منطقة نفوذ محورية للولايات المتحدة أو إيران أو روسيا، الداعمين الأساسيين للفصائل المتحاربة. وكان القتال قد استعر، 6 سنوات، داخل المدينة، التي كان يقطنها ما يزيد على 200 ألف شخص.
الاهتمام بهذه المنطقة الاستراتيجية بدأ عقب اتفاق وقف إطلاق النار الذي استثنى “داعش” ونص على التهدئة الكاملة في مناطق غرب وشمال سوريا مقابل تركيز الاهتمام على ما سوف يحدث بالمناطق التي يتحكم فيها داعش، عندما يُطرَد مقاتلوه خارج الرقة، العاصمة الفعلية لـ”داعش”.
الاتفاق الذي تم في أستانا بين المعارضة والنظام السوري بإشراف تركيا وإيران وروسيا، نص على إنشاء هذه المناطق في محافظة إدلب (شمال غرب) وبشمال حمص (وسط) وبالغوطة الشرقية قرب دمشق وفي جنوب سوريا. والهدف من ذلك هو “وضع حد فوري للعنف وتحسين الحالة الإنسانية”.
وبحسب وثيقة الاتفاق، سيتم العمل في مناطق تخفيف التصعيد على “ضبط الأعمال القتالية بين الأطراف المتنازعة”، و”توفير وصول إنساني سريع وآمن”، و”تهيئة ظروف العودة الآمنة والطوعية للاجئين”.
أهمية دير الزور الأطراف الساعية للسيطرة عليها
تقع دير الزور بين دمشق وشمال شرقي سوريا والعراق، وهي أيضاً بين فكي هجومين لفصيلين كلاهما مدعوم من الولايات المتحدة. فمن جهة الشمال الغربي، هناك قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف يقوده الكرد مع مستشارين من القوات الخاصة البريطانية والأميركية.
أما من جهة الجنوب الغربي، فيتقدَّم كذلك فصيلٌ مُكوَّن من قوات الجيش السوري الحر المحلية ناحية المدينة. وثمة نحو 40 من القوات الخاصة الأميركية والنرويجية يساعدونهم من قاعدتهم في بلدة التنف الحدودية. ومع أن مقاتلي هذا الفصيل أقل عدداً، فإنَّ أكثرهم من مقاتلي دير الزور الذين طردتهم “داعش” في 2013، ويقولون إنهم أحق بتحرير المدينة وبإمكانهم ذلك.
بدوره، يسعى نظام الأسد، المدعوم من سوريا وإيران، للسيطرة على المدينة، وسيكون ذلك دعاية كبيرة للنظام.
ماذا سيحصل المنتصر؟
المنتصر، وفق صحيفة التايمز، لن يحصل فقط على فرض الهيبة أو التحكم في حقول الغاز القريبة؛ بل إن التحرك الناجح من الفريقين المدعومين أميركياً سوف يرسخ سيطرتهما على الحدود كلها. من شأن هذا الأمر أن يُحوِّل شرق سوريا، الذي كان يُنظر له سابقاً من قِبل النظام على أنه منطقة فقيرة منعزلة، إلى موطئ قدمٍ أميركي مُحتَمَل، أو على الأقل إلى ورقة ضغط قوية. بالنسبة لحلفاء الأسد في روسيا وإيران، فإنَّ الحضور الأميركي سوف يمثِّل كارثة.
النظام السوري وضع الخطة
ووضع النظام السوري نصب عينيه السيطرة على المدينة. ويقول رئيس تحرير جريدة “الوطن” السورية القريبة من السلطات، وضاح عبد ربه، لوكالة فرانس برس: “ستسمح هذه الهدنة لجزء من الجيش السوري بالانتشار نحو الشرق باتجاه مواقع سيطرة تنظيم (الدولة الإاسلامية)، وتحديداً الحدود العراقية ودير الزور”.
وبحسب عبد ربه، فإن هدف العمليات العسكرية المقبلة سيكون “ردع الولايات المتحدة والقوات التي تدعمها من أن تبسط سيطرتها”.
وفي هذا الصدد، يؤكد مسؤول سوري: “الولايات المتحدة تدفع القوات التي تدعمها إلى السيطرة الكاملة على الحدود السورية-العراقية”.
ويتقدم الجيش، وفق مصدر عسكري سوري، على 3 محاور: الأول ينطلق من ريف دمشق بهدف فتح طريق موازٍ لطريق دمشق-بغداد القديم باتجاه معبر التنف على الحدود العراقية.
وينطلق المحور الثاني، وفق المصدر ذاته، من البادية، تحديداً من ريف تدمر الشرقي في حمص (وسط) باتجاه مدينة السخنة الاستراتيجية التي يسعى الجيش للسيطرة عليها؛ لإطلاق عملياته نحو دير الزور، المحافظة النفطية في شرق البلاد والتي يسيطر تنظيم “الدولة اٌسلامية” على معظمها. أما المحور الثالث، فينطلق من أثريا في حماة (وسط) باتجاه دير الزور أيضاً.
طريق من دمشق إلى إيران
هَجَمَ النظام، الأسبوع الجاري، على مواقع الجيش السوري الحر على الطريق المؤدي إلى دير الزور. وقال سلامة إنَّ رغبة النظام في الجهوم على قوات غير جهادية بدلاً من الهجوم على “داعش” كانت أمراً صادماً. وأضاف سلامة: “أراد النظام قطع الطريق إلى دير الزور. يريد النظام إقامة طريق من دمشق إلى إيران”.
وقال خالد الحمد قائد فصيل آخر من فصائل الجيش السوري الحر يدعى جبهة الأصالة والتنمية، إنَّ العرب المحليين ينبغي لهم الانتظار لمعرفة ماذا تخطط القوى العظمى لشرق سوريا. وأضاف الحمد: “ليس النظام قادراً على الاستيلاء على دير الزور، لكنه يحاول ذلك بمساعدة الروس”.
هافنغتون بوست