كم سأحصد من التعليقات والشُهرة بعد موتي؟

كم سأحصد من التعليقات والشُهرة بعد موتي؟
ا.د حسين محادين

.
1 – على سبيل الدعابة والهبل ، وأن شئتم على سبيل الشطح او الشطط الفكري؛ أعزي نفسي، احباري وألواني البريّة أولا واخيرا، فأنا وحدي المعني بمسألة موتي او توقف دماغي عن العمل ، وانتم لا عليكم اذهبوا لتناول المناسف أو الى مناقشة جودة وحجم حبات التمر قبيل التلذذ بقهوة مودتي المقدمة لثلاثة ايام عزاء لمن وعلى من لست اجزم، أقول لا عليكم ،اذهبوا الى اعمالك المعتادة فأمر موتي ودون تزيف لبلاغته، لايعدو اكثر من نقص واحد من اعداد من هم على سطح هذه الارض وزيادة جثة جديدة لتلك الاعداد الهائلة التي سبقتها تحت التراب.
2- أُذكِّر الذين سيتسلقون ومن الجنسين على موتي وتاريخي الشخصي غير الحافل حكما ،
وان كان هذا التسلق مظهرا مُحبباً للنفاق الاجتماعي السائد هذه الايام، وربما يصلُح موتي هذا، مادة مؤقتة للنفاق الاجتماعي مسلية للجالسين في مجلس عزائي، او ربما يصلح أنموذجا لبكاء الحبر الاصطناعي المهدور بأسمي عبر التعازي البليدة، والليكات البلهاء، او تلك الصور المُعلبة بفرح سابق لكنها للاسف ،مسروقة ايضا لغايات النفاق نفسه من ذاكرة جوجل التي لا تشيخ.
3- سيعرف اغلبكم لاحقا ايها المعزون بأن ثمة تسلق اجتماعي مرحلي ومقيت غالبا على تجاعيد ذاكرتي، وجسدي المتمرد المرشح للانطفاء بعد موتي بلحظات…ستعرفون وبالمجان ايضا، أنني كنت اكاديميا، هاوِ في الكتابة، لدي ثمانية خربشات على هيئة إصدرات متنوعة، ولدي الكثير من الوهم ان بعض حواراتي التلفازية المُخدرة الآن في أحشاء اليوتيوب قد حانت مبررات ظهور بعضها مجددا، ربما كجزء من إستثمار خاسر أخر، لكن العمل به غدا مألوفا هذه الايام. أقول ثمة استدعاءً آنيا لبعض مواقفي البريّة والتنويرية المنحازة لقيم البهاء على مسرح هذه الحياة اللغز، و بعض معاني خصوماتي الكثيرة و عبثي ايام كنتُ حياً سواء الترويحية منها اوالتمثيلة معا.
4- هب انكم قد عرفتم انني اشرفت على الستين و على الكثير من إطروحات الماجستير والدكتوراة في حقلي علم الاجتماع -تخصص علم الجريمة،وانيّ لطالما ضيعت عناويني قاصداً، وانا أجوب مُدناً غنوج مبتهجا بأنحيازي لإنسانية الاناث في هذا العالم الذكوري الزائف لكثرة هزائمه كأنسان..وانني لطالما عانقت بشهودة مشهودة فقط، الاناث من المدن الولودة في جداول وانهار الماء والمؤتمرات والصداقات الذابلة لصدفتة تحققها اصلا، وبُعيد انتهاء كل حفل او مؤتمر شاركت فيه غالبا، كيف لا اشخص هذا، وأنا المؤمن بأن المدن التي لا أنهار واشجار وموانىء وعشاق وصعاليك وصخب في روحها وجغرافيتها ،هي مدن عاقرة وكئيبة بالضرورة…هكذا هي قناعاتي وبعض جنوني وحيواتي، عندما كنت حيًا واسير مع الركب وخطاي لوحدي.
– أخيرا، وبعد الذي سبق وشخصته دون زيف ، او ريبة من الموت الحق، او من وعي وتمرد يُشغل مسامات عمريّ للآن في الاقل ،ما عدت قلقا كم سأحصد من غِراس التعازي السوداء، او كم سيكون حجم غِلال موتي من الصور واللايكات والدهشات العابرة كلمح بصر على شاشة الخلوي القزِمة، أوغيرها من متاع الغرور… اطمئنكم صدقا بعزائي الاخر قائلا..كل يوم وانا بفرح وحيوات عديدة في يوم واحد، لأني اعيش كما أنا فعلاً..اما انتم فلكل منكم حق العمل فيما يراه خياره نحو الموت والموتى..؟
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى