كل الحكاية..عيون بهية

كل الحكاية..عيون بهية
م . عبد الكريم أبو زنيمة

في هذا الزمن ومتاعب الحياة التي تواجهها البشرية بشكلٍ عام وعالمنا العربي بشكلٍ خاص نجد الغالبية منا تحن وتتحسر على الماضي، ذاك الماضي الذي أصبحت العودة إليه أمنية في ظلمة الحاضر ورعب المستقبل المجهول، في ذاك الزمان كانت الطيبة والبراءة والصدق والأمانة والوفاء والإخاء والنخوة والشهامة، كان الفقر والغنى متحابان متكاملان في المأكل والمشرب والإفراح والأتراح..كان للحياة طعم بنكهة السعادة والفرح وراحة البال وكان للحياة روح ومشاعر وقيم إنسانية.
عالم اليوم وكنتيجة للتطور الصناعي وفائض الإنتاج وهيمنة وتغول رأس المال “ماليًا وعسكريًا وثقافيًا وإعلاميًا” وخاصة على دول العالم الثالث وتحويل مجتمعاته وشعوبه بواسطة حكومات مدسوسة غير وطنية من منتجين إلى مستهلكين ومن ثم إلى جياع ومشردين ، انهارت كل منظومات القيم المجتمعية الثقافية والأخلاقية والدينية والفكرية، وأصبحت أنانية الفرد هي السائدة، وطموحاته اللاإنسانية تبرر وسائل تحقيقها مهما بلغت درجة ابتذالها، وهكذا أصبحت الحياة اليوم مادية تحسب بأرقام الأرصدة البنكية بغض النظر عن وسائل كسبها!
شريط تلك الحياة التي كانت تبدأ نهارها مع تنفس الصبح على أنغام أصوات المهابيش ورائحة الخبز وذكر الله جال بخاطري وأنا أسمع للمغني الراحل محمد العزبي وهو يغني بصوته الجميل الحكاية الشعبية التي كانت من معالم ذاك الزمن الجميل “بهية وعيون بهية “، وهي أُغنية عاشتها كل أجيال الزمن الإنساني، تلك الأغاني بما تعكسه من حسٍ ومشاعر ومعاني وطرب كانت تهتز لها الرؤوس، خلافًا لأغاني اليوم التي لا تهتز لها غير الأقدام، وبهية هي صبية كانت تعيش في إحدى القرى المصرية حباها الله بجمالٍ ساحر حتى أصبحت حكاية القرية، نسج حولها ومعها الكثير من الحكايات والقصص، لكن ومن خلال تحليل تلك الحكاية تبين أن بهية لم تصن النعمة التي أنعم بها الله عليها، فهي جشعة وظالمة وحبها للمال طغى على إنسانيتها؛ فكما تقول كلمات الأغنية حدث أن تقدم إليها شاب للزواج، فقالت له أن آخر قد دفع لها سبع ملايين ذهب وسبع فدادين قصب خاليين من السوسة على شان بوسة وهي لا زالت تقول له هات! فكم يكلف التقرب والوصول إليها! كما أن بهية هذه كانت محبة للاستعراض والتباهي، وإلا فكيف عرفها الجميع وعرفوا لون عيونها! بهية قاتلة وما لهاش عزيز ولا حبيب..وعيونها تقتل ما لهاش دوا ولا طبيب، وكل ضحاياها من المعذبين والمحرومين يقولون…بهية ، كل الطهر والجمال والنقاء تغير وتبقى الحكاية حكاية بهية وعيون بهية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى