كلّه في الهوا سوا
#يوسف_غيشان
نتيجة للتعاون بين علماء الآثار والتاريخ، وبعد فك #لغز #اللغة_المسمارية، أدرك الباحثون أن كهنة معبد “وادي شمش” في بلاد ما بين الرفدين قد زوروا، في النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد، أحداثا معينة، وكتبوها على أحد نصبهم، في سبيل منح أنفسهم ثمانية قرون من التواجد، ونجحوا، حتى وقت قصير، في زيادة حصة مؤسستهم الملكية في الحكم.
وفي فترة متقاربة، غزا #الهكسوس مصر-وهم شعوب بدوية أسيوية من أصول مختلفة-وحكموا مناطق في مصر لمدة 100عام تقريبا، ولكن بعد طردهم من الدلتا، تمكن #الفراعنة اللاحقون من طمس آثارهم ومتبقياتهم وتاريخهم بأكمله، وتجاهلتهم مدونات المصريين القدماء، لدرجة أن الهكسوس، حتى الان، ما يزالون لغزا غير مكتمل الحلول لدى الباحثن والمؤرخين وعلماء الآثار.
وفي عام 213قبل الميلاد أمر الإمبراطور الصيني (هو نغ دي) أن تتلف جميع الكتب الموجودة في مملكته، وأن يبدأ تدوين التاريخ من يوم جلوسه على العرش.
وفي التاريخ الحديث، ادعى وزير الدعاية الألماني بول جوزف غوبلز، بأن أشهر قصيدة للشاعرهاينرش هاينه الألماني- السامي الأصل- هي قصيدة غنائية المانية قديمة ، وقد سرقها الشاعر.
وفي الأربعينيات من القرن الماضي أمر الرئيس السوفياتي جوزيف ستالين ان تمحى من الصور الرسمية صور أعضاء الحزب الذين فقدوا الحظوة عند ستالين، كي لا يبقي للمؤرخين آثارا تذكر حول وجودهم السياسي.
وفي التاريخ الحديث يرفض الحزب الشيوعي الصيني الإعتراف بأن مذبحة “ساحة تيانامين” قد حدثت في يوم من الأيام.
أمريكا تمكنك من التعتيم تماما على استسلام 70ألف جندي أمريكي أمام 4آلاف جندي ياباني في الفلبين خلال الحرب العالمية الثانية. ولا تجد هذه المعلومة إلا في الكتب العسكرية المتخصصة.
ولا ننسى طبعا، غزو المغول لبغداد وإلقاءهم كافة كتبها في النهر، لكن ذلك كان مجرد غزو همجي، لم يكن يخطط لإلغاء التاريخ، لكن عدم القصدية تلك، لا تعفيه من المسؤولية التاريخية.
المقصود ان التاريخ يتعرض دوما لمحاولات الإبادة أو التشويه لأغراض سياسية أو سيادية، وإن هذا الأمر حصل مرارا وتكرارا، لكن معظم هذه التشويهات تم اكتشافها فيما بعد، وربما مع التطور العلمي في المستقبل، يمكننا تفحص التاريخ بشكل أكثر دقة، وبمعزل عن روايات المنتصرين لتاريخهم.
لكن -وللأسف -نحن نتعرض يوميا إلى تزوير منظم للأحداث والمجريات التي نراها بأمهات أعيننا على شاشات العرض، لكن كل جهة أو دولة تحاول أن تعرضها بطريقة تناسب طريقة قراءتها للحدث، وليس لتبيان الحقيقة.
تزوير التاريخ لم يعد مجرد أحداث فردية وقليلة، لكنه صار ممارسة يومية حية لجميع دول العالم …. نعم، جميع دول العالم القادرة على التزوير.