كلماتٌ في التحرير وطهارة اللسان / أ. د. خليل الرفوع

كلماتٌ في التحرير وطهارة اللسان

تحرير فلسطين لا يمر عبر تسجيل أهداف في أندية تتشرف بأردنيتها، فلسطين في وجدان الأردنيين عقيدة تلازم صلاتهم ونياتهم وقراءة القرآن، فلسطين الشهيدة والشهادة في فكر الأردنيين مقدسة كقداسة دماء شهدائنا الذين قضوا نحبهم على ثراها، وحينما رفعوا جباههم وهم يجالدون أعداء التاريخ وقتلة الأنبياء لم يكونوا يفرقون بين عمان والقدس أو بين السلط ونابلس أو بين الكرك والخليل، لم تكن فلسطين حينها ولن تكون سُلّما يتسلق عليه الوصوليون وعبدة الذوات والكراسي المهترئة. هناك كما قال عدوهم : ( قاتل هنا جنود أردنيون برجولة وشرف) ، ولن يقاتل الأردني إلا كذلك حتى ولو قال ذلك المتخم بالدولار ورئاسة ناد عريق : كل هدف يسجله يقربه من تحرير فلسطين، وقد قيل من قبلُ : إن تحرير فلسطين يمر عبر عمان، حتى أخذها الخوميني الفارسي، فقال : تحرير فلسطين يمر عبر بغداد ، فالمعنى واحد واللفظ متشابه، ولو قالها ذلك المشرّب بالمال في بلد غير غير الأردن لبقيَ سنين يتسولُ وثيقة كي يقف على أبواب السفارات الأوروبية طالبا معونة تسد رمق حياته، لكنه الأردنُّ الذي يعلو فوق خفافيش الإعلام وهم يرمونه بحجارة قلوبهم القاسية السوداء وما تبقّى من كرامتهم ، وقد ظنوا بذلك أنهم يكبرون، وقد ازدادوا صَغارا في وحل طيني لا يقربه إلا قطط سمان تمو بالنكران . وقد شد عضدَه بأخيه المتكلسِ بعصبية فارغة الذي سبقه على الكرسي؛ فقد أعلن هذا المؤازرة والتأييد من مجلس الأردنيين واتهم قناة أردنية تتوشح باسم كريم بالخيانة لأنها قالت كلمة حق في زمن الإعلام الرديء، فالقول ما قد قيل لسلفه، فمن يزور فلسطين منتشيا تحت ظلال حِراب العابرين ورايات الطارئين على الجغرافيا ، ويزعم أنه عدو وهو يختم على الجواز بختمه لا يحق له الحديث عن وطنية قد وهنت من تغريدات لا تباع إلا في أسواق المنافقين وأتباع رؤوسهم المحشوة بالنفاق .
في زمن الانكسار القومي يمتطي الخيلَ شرُّ الفرسان، ويعلو ركابَ الوطنية الرويبضةُ فيتكلمون في التحرير تحت سنابك السمسرة و الدجل ، وكان الأولى تحرير أنفسهم من أوهام التاريخ وأباطيله المزيفة، لن يكون الأردن حديقة خلفية يستعرض فيها الناكثون بطولات بائسة وبيانات شوفينية خرقاء، ولن يكون بطاقة بيضاء يخط عليها البؤساء عبارات بغضهم ونفاقهم، من أراد التحرير تحت ظلال الراية الطاهرة فللوطن رجاله الذين يأبَونَ انكشافَ رؤوسهم وظهورهم لبائعي الشعارات وتجار الانتخابات اللاهثين خلف ذواتهم ، وأما من أراد التحرير وحدَه فتلك فلسطين وطنه – كما يدعي كلما بدأت مواسم الانتخابات – على مرمى جوازه المختوم فَلْيُرِنا بطولتَه وحينئذٍ نشهد له بصدق النية والشهادة، وإلا فطهارة اللسان وصفاء القلوب والتخلص من رجس الإقليمية المنكرة أقرب عند الله وعند عتبات ذلك الوطن القُدسي المقدس من كراسٍ خشبية وتمتمات ظلامية نعرفها كما نعرف وجهَ الأردن الأبيض طهارة وشموخا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى