مَــكرُمــة أم حَـــق / ماجد عبد العزيز غانم

مَــكرُمــة أم حَـــق
مكرُمة أبناء المعلمين ، مكرُمة الجيش ، مكرُمة أبناء العشائر ، مكرُمة المناطق الأقل حظا ، مكرُمة أبناء المخيمات …… الخ !!
لست من الضالعين في كيفية إقرار القوانين والتشريعات في بلدنا لأقرر بأن ما سبق وذكرته من مسميات قانوني أم غيرَ ذلك ، ولكنني ما زلت أعتقد أنني استطيع الترجمة من العربية إلى العربية ! وخوفا من الوقوع في المحظور عدت إلى معجم المعاني لأتأكد من معنى هذه الكلمة وهي ( مكرُمة ) فوجدت أن لغتي ما زالت سليمة وأن معنى مكرُمة هو : عمل خيرٍ يقوم به شخص ما من ماله أو من جهده أو حتى جهة ما من مالها الخاص بها كجمعية مثلا وتُقدم هذه المكرُمة لمن يستحقها ، وعدا ذلك لم أجد معاني أخرى لهذه الكلمة .
ولكن المثير للعجب والتساؤل هذه الأيام هو كثرة الأشياء التي تطرح تحت مسمى مكرُمة ، لذلك لن أطيل في الشرح وسأدخل مباشرة لصلب الموضوع ، وسأُركز على مكارم التعليم في بلدنا والتي تأتي بعدة مسميات كما ذكرت في بداية مقالتي ، تساؤُلي المشروع هو هل هذه المكارم جاءَت من جيب محسِن أو فاعل خيرٍ ومن حر ماله وقدمها للجهات المسئولة لتوزعها على المستفيدين أو المستحقِين لها ؟ أم أنها جاءَت من أموال الدولة العامة والتي هي بالنهاية أموال الشعب دافع الضرائب والرسوم التي لا تعد ولا تحصى في وطننا ؟
وإذا كانت هذه المكارم من الأموال العامة وهي أموال دافع الضرائب كما ذكرت وهذا ما اعتقده ، فلماذا تسمى مكارم من الأساس ؟ فهي بالتالي حقوق وليست مكارم !! وحتى لو آمنا جدلاً بقانونية وجودها فلماذا تقدم لفئات معينة من الشعب ؟ أليس الجميع في هذا الوطن متساوون ؟ أليسَ الجميع يقومون بواجباتهم كل في موقعه ؟ فلماذا نميز بين ابن المعلم أو العسكري وبين أبناء الموظفين في باقي وزارات ودوائر الدولة ؟
هناك أيضا شيئاً عجيباً وهو ما يُسمى بمكرمة أبناء العشائر ! حاولت كثيراً أن أستسيغ لفظ مصطلح ( أبناء العشائر ) ولم أفلح ، ماذا تعني هذه المكرمة ؟ ومن هم أبناء العشائر ؟ وكيف نقررُ أن هذا ابن عشيرة وهذا ليس ابن عشيرة ؟ أيضا ما الذي يقابل هذه الجملة ؟ وهل هناك في وطننا من هم ليسوا أبناء عشائر ! مكرمة أبناء المخيمات أيضا مثيرة للسخرية ولا ادري لماذا سميت بهذا المسمى فأبناء المخيمات أردنيون ويتنافسون مع باقي أفراد المجتمع على مقاعد الدراسة ويحصلون على حقوقهم كباقي أفراد الشعب ؟ فما الداعي لمكرمة باسمهم ؟
أخشى ما أخشاه يوما من الأيام أن يسمى الراتب الشهري للموظف مكرمة شهرية ، بحيث يأتي تعميما شهريا لموظفي القطاع العام في وطننا يُطلب فيه منهم الذهاب إلى البنوك لاستلام مكرمة راتبهم الشهري ، حينها لن أتورع عن إعطاء ولدي الصغير صباحا مكرمة المصروف اليومي قبل ذهابه للمدرسة ، وذلك كي ينشأ من صغره وهو منسجم ومتوافق مع مفهوم المكارم في وطننا .
كلام كثير وتساؤلات كثيرة تدور في ذهني حول موضوع المكارم هذه ولكني رأيت بأن أكتفي بالتساؤلات السابقة رغم علمي بأنني غالبا لن أجد مجيبا عليها .
ماجد عبد العزيز غانم
majeduothman@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى