كشف حساب

#كشف_حساب

د. #هاشم_غرايبه

بعد انقضاء اكثر من عام على بدء الطوفان الذي عم العالم كله اثر الموقعة البطولية التي نفذتها المقاومة الإسلامية بحق قوات الاحتلال، يجدر بنا التوقف هنيهة للمراجعة والتحليل.
مع أن هجمات العدو في كل عدواناته على القطاع المحاصر، كانت في غاية الشراسة والوحشية، إلا أنها في هذه المرة سجلت أرقاما قياسية في عدد الضحايا وحجم التدمير وطول المدة.
يرجع السبب في ذلك الى عدة عوامل:
1 – أوجد الغرب الكيان اللقيط أصلا ليكون محراكا للشر في المنطقة، وذلك لإدامة ضعف الأمة ولمنع نهوضها واستعادة مكانتها الحضارية التي تبوأتها عبر التاريخ، لذلك فالعدوان على من حوله هو مبرر وجوده، والوظيفة الأولى له، ولأجل جعل ذلك همه الأول، كان تأسيسه مبنيا على التنكيل بسكان الأرض الأصليين وملاحقتهم على الدوام، وذلك لنكأ جروحهم وبالتالي تأجيج حقدهم، وبذلك يبقى قاطنوا هذا الكيان في أعلى درجات التأهب والقلق من نوايا جيرانهم، فلا يتحول الكيان الى دولة مستقرة تسعى للتعاون مع المحيطين بها، بل تبقى أيديها على الزناد دوما، وكلما خبت نار أشعلتها.
هكذا فاستمرار القلاقل والصراعات في المنطقة الإسلامية هو الوسيلة الأمثل لاشغالها عن السعي للنهضة التي ستحقق لها التطور والتقدم، وبالتالي التحرر من الهيمنة الاستعمارية التي ترزح تحتها.
دوام هذه الحالة، هي أكثر ما يريح الشيطان الأكبر (القوة العظمى)، فهي لا تخسر من قواها البشرية شيئا، الخسارة الوحيدة هي الكلفة المادية، وهذا أمر مقدور عليه، فالمساعدات الهائلة للكيان اللقيط اغلبها عسكرية، وهي بذلك تحرك اقتصادها المنكمش، والذي أكثرها يحققه التصنيع العسكري، كما أن أرباحها من بيع السلاح الصدئ والعتاد المنتهي الصلاحية للأنظمة العربية، يفوق كثيرا المليارات المقدمة للكيان كمساعدات مالية.
من هنا نستبين كم أن تعميق الصراعات العسكرية وإطالة أمد النزاعات، مفيد ومريح ومربح للشيطان الأكبر ومشاركوه.
2 – هذا يفسر لماذا الاستغراق في الحديث عن الحل الديبلوماسي، وادعاء الغرب بالسعي إليه، فيما نرى نقيض ذلك عند التطبيق على أرض الواقع، لذلك فالتصريحات شبه اليوميه عن الاندماج في صفقة التبادل، أو قرب التوصل الى وقف اطلاق النار، ما هي ألا للتضليل أولا، ولتأميل شعوب الأمة في ترجي الخير من أنظمتها المتخاذلة ثانيا، والتي تحاول تبرير انصياعها لاملاءات الغرب، بالقول ان هذا الشيطان يقطر أنسانية ورحمة، وهو مسالم لا ينوي شرا بالأمة.
فالحقيقة أنه المحرك لكل الحروب، والراعي الذهبي للكيان اللقيط، لأن مصلحته تتعارض مع ارساء السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
3 – يبقى السؤال: اعتادت الأمة أن تتلقى عدوانا كل بضع سنوات يدوم أياما أو شهرا أو يزيد قليلا، وذلك بسبب طبيعة الكيان الديموغرافية التي لا تتحمل الحروب الطويلة، فهو يميل الى الحروب الخاطفة وميدانها خارج حدوده، فلماذ هذه المرة استمر عدوانه أكثر من سنة بل وتوسع على أكثر من جبهة؟.
الإجابة أن هذه المرة هي الوحيدة التي كان الهجوم فيها من الطرف العربي، حيث أطمع الشيطان الأكبر تخاذل الأنظمة العربية على الدوام، واعتيادها على تلقي الصفعات من غير رد عليها، لذلك لا يريد أن تعتبر هذه بادرة وفاتحة تغيير وإيذانا بما هو أكبر مستقبلا، خاصة وأنه جرى في هذه المرة الاعتماد على سلاح العقيدة لتعويض النقص الحاد في السلاح المادي، ونجح ذلك في تحييد التقدم التقني الهائل للعدو، مما يهدد ويقوض جهود الغرب وعملائه المطبعين طوال القرن المنصرم في تجريد الأمة من عقيدتها.
لذلك هرع الغرب بقضه وقضيضه لدعم الكيان ومؤازرته، لدرجة إباحة أفعاله الانتقامية مهما بلغت بشاعتها ومخالفتها لكل الأعراف والقوانين الدولية، بهدف استئصال شأفة المقاومة الإسلامية نهائيا، حتى يكون درسا قاسيا لكل من يطالب باستعادة فريضة الجهاد التي هي ذروة سنام منهج الله.
لكن الله كان لهم بالمرصاد، ومثلما حمى نواة الأمة الإسلامية في المدينة من كيد الأحزاب الذي اجتمعوا بنية اقتلاع هذه البذرة الطيبة قبل أن تتجذر، فردهم خائبين، كذلك حمى هؤلاء المجاهدين من كيد أحزاب هذا الزمن، فأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ورد أعداءهم وأعوانهم المنافقين خاسئين.
ذلك لنعلم أن الله لن يمكن لأعدائه من المؤمنين، وبإذنه تعالى ستنمو بذرة الجهاد لتؤذن بعودة الأمة لسابق عزها.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى