#كباب_العبيدات
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
لقد استساغ الجمهور وصفة القلّاية، أو حوس البندورة، وطالبوا بأكلات تراثية أخرى!
قال الجار: وماذا أنت فاعل؟
قلت: أتحدث عن “كباب” العبيدات!
قال الجار: أليس في ذلك مخاطرة؟
قلت: لماذا؟
قال: ألا تعرف أن دولة أحمد عبيدات يحبّها؟ وحتى ارتباط اسمها بالعائلة؟
قلت للجار: أنا أكتب عن وجبة، بغضّ النظر عمّن تنتسب إليه، وعمّن يحبها! ولا أرى أن حُبّ “أبو ثامر ” لها هو مسوّغٌ كافٍ لاتخاذ أي جهة موقفًا سلبيّا منها !! والكباب أكلة شهيّة تتكوّن من مكوِّنين رئيسين: #البرغل و #اللحم، وأحدهما يجب أن يكون وطنيّا. طبعًا، هناك البصل، والزيت، والفلفل، والملح، وأشياء غيرها.
والكباب كما يراها حاملو اسمها وجبة لذيذة قيل فيها:
الشبعان يأكل منها أربعين لقمة، أي ما يعادل عشر حَبّات!!
وقيل أيضًا: صغّر حجم الكباب؛ لتكفي كل الأحباب!!
وفي حقيقة الأمر أنها وجبة شهيّة أحبَّها كلّ عبيدي: صغارهم، وكبارهم، حتى أنسباء العائلة، وأحفادها من شتى المناطق. وقد تصبح في يومٍ ما عامّة كالقانون الجديد!!
ما يهمّني هنا، هو بعض الأمور:
- إن للكباب قوانينها أيضًا.
- وتشترك مع القلاية في قانون المحلي والعالمي، وقانون تناسق المكوّنات، وإلّا واجهت متاعب.
- كما تشترك معها في هدوء النار، وعدم الاستعجال! لكن ما يميز الكباب ما يأتي:
- #قانون الدّعك، ويقصَد به أن حَبّات البرغل تتعرض إلى دعك شديد بالأيدي؛ حتى تستسلم وتلين! فأي حَبّة برغل تستعصي على الدّعك لسبب، أو لآخر تتعرض للإقصاء والرّمي، بينما تبقى الحَبّات المستسلمة رهينة خضوعها لقوّة الدّعك، فقد ضمنت بقاءها، ولوأنها مستسلمة لقوة الضغط.
- وتخضع الكباب لخيارين: الدعك باليد، أو الدّق بالهاون، أوالفرم بالفرّامة، وهي بذلك ترفض الاثنين معًا، فالعقوبة واحدة: إمّا الدّعك، أو الدق والفرم، وليست الاثنتين معًا، مع أن بعض صانعيها قد يخضعونها للدّعك، والدّق، والفرم معًا، وهذا يُترك لتقدير المُنتِج. فصانعة الكباب هي كالقاضي تقرّر وحدها ولا سلطان عليها.
- والقانون الثالث هو قانون التماسك، فالهدف من الدّعك والفرم هو القضاء على شخصية حَبّة البرغل، وإقناعها بالاندماج مع سائر زميلاتها، ولو بروابط اللحم المفروم الناعم، على طريقة: “حطّي راسك بين الروس…إلخ”. فوحدة حَبّة الكبة في تماسكها وانسجامها مع مجتمعها!
- قانون Dry cleaning، وهو استخدام البخار الساخن لإزالة أيّ بقعة أو للقضاء على صلابة أيّ حَبّة برغل لم تخضع للدّعك! كما أن البخار يقيم روابط جديدة بين حَبّات البرغل جميعها.
هذه القوانين هي ما تجعل الكباب أكلة لذيذة، فكل عنصر فيها قد ضحّى بنفسه في سبيل الجماعة، ولعل البصل، والزيت في مقدمة المُضحّين!
هكذا هي الكباب، تحولت من العناد، والصلابة، إلى التسليم والنعومة بفضل الدّعك والكيّ، والدّق!! وهذا ليس عيبًا؛ لأنها – رغم كل ما يحدث لها – ستبقى صلبة.
فالشاكوش كما يقول الفرنسيون: صار صلبًا لكثرة ما تعرّض له من ضرب!! والمسمار لا يدخل في الجدار، إلّا بعد دقّ رأسه!! فبالدّق وحده يحيا الشاكوش!!