ساُعيِد معكم…ولكن؟.

ساُعيِد معكم…ولكن؟.
ا.د حسين محادين

(1)
سأُعيِد هذا العام نعم.. ولكن بعيدا عن موعده المُعلن في مفكرة الحكومة المُقِرة له رسميا والمبثوث تاريخة بكل برودة عبر وسائل الاعلام.

– لن اكون معكم جسديا وستذبل كفيّ اليمنى قبل أن تلتحم بكفوفكم الدافئة كمسلمين كما احسستها منذ عقود.
– احبتي..لن ادخل عليكم مع صباح هذا الأحد أول أيام العيد كما جرت عاداتنا قبل كورونا؛ فالبُعد لن يمنحنا بعد الآن خاصية الاحتفال العفيف، أو بهجة التزاور الجماعي الصادقة في هذا العيد وبسببه معكم كما جرت العادة مع الاعتذار .
(2)
صباح هذا الأحد..سأصوب بوصلة حواسي بكل ما تحمله من كثافة؛ ووهم افتراضي نحو تبادل التهاني الوجاهية المُشتهاة معكم “كل عام وانتم بخير”.
ولن انسى انحيازي للعيد الآسر، أو أقبل التنازل الطوعي عن حقي في حبة المعمول البيتي، أو قطعة الشوكولاته المستوردة التي اعتدنا اخذهما مع زيارة كل منزل، أو جمعِة فرح في بيوت الأقرباء والجيران اوالاصدقاء؛ لكني ايضا لن أعتد بفرحي الواهم بهذا العيد المؤجل بقرار كوروني؛ فشهوة العيد ومصاحباتها غدت لدي كالنية الصافية تماما ، جديرة بالعيش لكن فرحها بطعم الترقب وان شئتم بحرقة المُشتهى لذاك الغياب يا عيد.
( 3)
على حواف الشوق سأبقى معلقا، وستعذُرني الأخوات والعمات والمقابر ووهج الفرح ايضاً لعدم مهاداتهم ؛ أو احتضاني لأي من أطفال الحياة الاحياء؛ أو ستعذرني حتى لكسلي في إشهار دعواتي لرب العالمين برحمته للحاضرين من الأعزاء رغم موتهم..فهذا عيد -بفضل الكورونا- اصبح كرسالة بليدة ابحرت نحوهم عبر وسائل التواصل الصماء عن بُعد ، لكنها قد تصل باردة للأسف، كورد من البلاستيك الملوّن فاقداً للعطر، لكنه سيبقى الأبعد عن حقيقة الورد الطبيعي الذي ينثال حباً؛ حرقة معانِ؛ ووهج اشتياق مؤجل للأسف.
(4)
في هذا “العيد المُفترض المعاني” سيعتذر وعيي أولاً، وقدماي ثانيا عن احتضان شوارع القلب الطافحة بقيم الحياة والبهجات، ولأرصفة الوجد في قريتي /مدينتي المكسورة الضوء،
والمثقلة بالخوف المتنام من عبث سياسي دول العالم الكبرى المتصارعة على إبطال انسانيتا بعد تدجيننا؛ وارهابنا بكورونا الفايروس والتبعية لهما معا في حظائر العولمة وحروب الفايروسات؛ والاقتصاد العابران للجغرافيا واللغات، والمعتقدات على وجه هذه الأرض المغتصبة من قِبلهم بالتكنولوجيا وهوس الثراء الفاحش تحت حجة الكورونا وفي كون غدا بلا قلب أو إنسانية الاحساس.
(5)
اخيرا..
هو العيد..ونحن الوجع ..وأنّى للضدان أن يلتقيا..فكل عيد حقيقي دون كورنا ونحن بفرح انساني وارتقاء.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى