المستشفى / سهير جرادات

المستشفى
رغم تقديرنا لدور المستشفى ، ووجوده في حياتنا ، إلا أنه مجرد أن نسمع باسمه أو نذكره ، تجدنا ننطق ” الله يجيرنا منه” .
المستشفى كما هو معروف يضم مجموعة من الجراحين المهرة ، مع مساعدين لهم ، وأطباء مقيمين ، إلى جانب ممرضين مهمتهم تسهيل عمل الجراحين قبل أو بعد أو خلال إجراء العمليات الجراحية ، وكل هذه الكوادر الموجودة في المستشفى تعمل تحت إمرة النطاسي البارع أو ما يعرف بكبير الجراحين ، الذي يكون دوره إعطاء التعليمات للجراحين الذين يعملون تحت يده ، وهذا لا يعني أنه لا يقوم في كثير من الأحيان بإجراء عمليات جراحية بنفسه.
بالتأكيد أن وجود الجراحين في المستشفى مهم جدا ، لكن هناك تخصصات أخرى لا تقل أهمية عنهم ، مثل تخصص الأنف والأذن والحنجرة ، الذي يقوم الاختصاصي “بدوزنة” الصوت والأوتار بطريقة لا يصدر عنها إلا ما يراد لها وما يملى عليها ، وضبط الأنف على الشم عن بعد ، وضبط الأذن على سماع “دبيب النملة” ، وسماع التعليمات التي تصدر لها من قبل الطبيب الجراح ، أو أحد طاقم المستشفى مهما علا أو خف شأنه.
وكل ذلك لا يقلل من أهمية تخصص العيون وجراحتها ، كونه من التخصصات التي لا تقوم على حماية العيون فقط، بل إلى نشر العيون في كل مكان ، ولا ننسى دور جراحي المستشفى في إجراء عمليات ما علق من زوائد لا حاجة لها ، أو العمل على “فت ” المرارة ، أو تفتيت ما تحتويها من حجارة ، تعيق طبيعة المسار المراد لها .
وعلينا أن لا ننسى وجود نطاسين بارعين بتخصص استئصال الأورام والندب المشكوك فيها ، بغض النظر أنها أورام حميدة أو خبيثة .
وفي جميع الأحوال قد لا يحتاج المريض لاجراء عملية جراحية ، ففي بعض الحالات يحتاج إلى العزل،في حال تفشى وباء لا يمكن السكوت عليه ، والبعض قد يحتاج إلى تصميم وتركيب أطراف اصطناعية لأجزاء وجب بترها ، وهناك حالات تراجع المستشفى تحتاج إلى عمليات نقل أعضاء لإعادة الحياة اليها .
ليس شرطا أن يَعلم الجراحون بما يفعله مساعديهم ، وكذلك ليس شرطا أن يعلم كبير الجراحين عن العمليات التي تجرى خارج أسوار المستشفى أو داخلها ، أو يتظاهر بعدم علمه بمن يعمل تحت يده ، ليبقى الباب مفتوحا أمامه للتدخل في الوقت المناسب ، أو يكون لديه حرية اتخاذ الإجراء الذي يراه مناسبا .
الجميل في المستشفى أن ادارته تقوم بعقد وإبرام الاتفاقيات مع المرضى قبل إجراء العمليات ، من خلال منحهم الطمأنينة والمباركة التي يحتاجونها قبل خوض العملية ، مع التأكيد على دعمهم ، وهذا لا يعني مساندة المستشفى لهؤلاء المرضى خلال العملية ، بل أن الأمور تترك إلى ما بعد الانتهاء من العملية ، وإذا كتب لهم النجاة خير وبركة ، وإلا سيتم إرضاء البعض ممن يمتلكون مكانة مقربة من الجراحين ، بمنصب يسكن الآمهم التي خلفتها العملية الفاشلة .
ولا نستغرب قدرة المستشفى لإخراج الأموات من قبورهم ، لإجراء عملية الاقتراع والتصويت ، وإعادتهم مرة أخرى “ولا مين شاف ولا مين دري ” ، والأهم أن الجميع سيفرحون بهذا الاجراء ، لمجرد فكرة السماح لأعزائهم بممارسة الديمقراطية ، وأن يكونوا شركاء فاعلين.
الممتع في جميع العمليات التي تجرى في المستشفى المسجل رسميا أنها تتم في الكرسي ، والأكثر غرابة أنها على مرأى من الشعب ، في الشارع .. ألم نقل أنهم مهرة .. سواء بمهارة كبير الجراحين أو النطاسين، أو من خلال الجراحين الذين من مهامهم حل الشكاوى للمراجعين ، من خلال اعطاء العلاج المناسب لكل مرض ،و ليس مهما أن يتوفر العلاج في الأسواق ، لأنه بكل بساطة يتم تركيب العلاج ليتناسب مع المريض المصاب .
المهم في الأمر،بما أن المستشفى يعد جزءا مهما من طرف المعادلة، عليه أن يصل إلى إيجاد نسيج متجانس ، يضم الخبيث قبل الحميد ، لان الجميع في النهاية تهمهم المصلحة العامة.
المطلوب الآن من المستشفى الحرص على إجراء العمليات بطريقة صحيحة ، والأهم أن لا يقوم بالكشف عن تفاصيل هذه العمليات لاحقا .. كما جرت العادة.
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى