لماذا لا تخفِّض الحكومة أسعار الكهرباء؟ / سلامة الدرعاوي

لماذا لا تخفِّض الحكومة أسعار الكهرباء؟
إذا سألت الحكومة عن أسباب قيامها برفع أسعار الكهرباء على المواطنين والقطاعات الاقتصادية المختلفة لأكثر من 40 بالمئة خلال أربع سنوات تقريبا، فستجيب بأن القرار استراتيجي ومهم لسد عجز الموازنة وتقليل فاتورة الدعم المالي من الخزينة وبالتالي الحفاظ على الاستقرار المالي للدولة.

أيضا في معرض إجابة الحكومة سيكون أنه من غير الممكن للخزينة أن تبيع التعرفة الكهربائية بأقل من كلفتها الحقيقية وبالتالي تتسبب في زيادة الدعم الموجه إلى غير مستحقيه، أي أن ارتفاع أسعار النفط يفرض على الخزينة التعامل بمنطق التحرير للسلع المدعومة وعلى رأسها الكهرباء التي يجب أن تباع بكلفها الحقيقية، من وجهة نظر الحكومة.

كلام سليم ومنطقي؛ ففي حالة ارتفاع النفط تكون الأولوية لمعالجة الاختلالات المالية وأولها عجز الموازنة، وتنامي فاتورة دعم المحروقات التي كانت تقدر بحوالي الملياري دولار قبل سنوات قليلة.

هذا وقت الارتفاع، لكن ما هو الحال وقت انهيار أسعار النفط كما هو حاصل الآن، حيث هبطت منذ حزيران عام 2014 أكثر من 70 بالمئة؟.

مقالات ذات صلة

إذا أخذنا منطق الحكومة وتعهداتها السابقة وقت رفع الأسعار، فإنه من المفترض أن تقوم الحكومة بتخفيض التعرفة الكهربائية التي تعد اليوم من أعلى دول المنطقة، إن لم يكن أعلاها على الإطلاق، خاصة إذا ما علمنا أن معظم الشرائح التي تدفع الكهرباء اليوم تدفع بأعلى من الكلف الحقيقية للتعرفة الكهربائية بالنسبة للشريحة التي تزيد عن 600 كيلو واط شهريا.

هذا بالنسبة للمواطنين في القطاع المنزلي، أما بالنسبة للقطاعات التجارية والصناعية والخدمية، فهي تدفع الآن تعرفة كهربائية تفوق كلفها الحقيقية بثلاثة أضعاف على أقل تقدير.

ماذا يعني ارتفاع فاتورة الكهرباء على القطاعات الاقتصادية المختلفة؟.

ببساطة ارتفاع تكاليف الإنتاج والنفقات عليها بشكل يفوق إيراداتها أو يقترب منها يؤدي إلى اضمحلال الارباح وتضاؤلها، ما ينعكس سلبا على أنشطتها واعمالها وخططها المستقبلية، خاصة اذا كانت الظروف الاقتصادية غير مواتية للعمل والنشاط الاقتصادي بسبب غياب مرتكزات التحفيز المطلوبة كما هو حاصل حاليا، وهذا كله في النهاية يؤدي إلى محدودية تلك القطاعات في التوظيف والتوسع والاستثمار، نظرا للكلف العالية التي تحيط بأعمالها المختلفة، ما ينعكس سلبا أيضا على قدرة الشركات بتخفيض سلعها ومنتجاتها التي كانت قد ارتفعت اثناء جنون اسعار النفط، والآن هي لا تستفيد من الانخفاضات الحاصلة للنفط نظرا لأن الحكومة رفعت أسعار الكهرباء عليهم بشكل كبير وقت الارتفاع ولم تخفضها وقت الانخفاض، وهو ما يجيب على اسئلة البعض حول عدم انخفاض الاسعار بشكل يتناسب مع انخفاضات النفط.

الحكومة مطالبة اليوم بالوفاء بتعهدات تحرير قطاع المحروقات ومشتقاته المختلفة، وهذا يشمل التعرفة الكهربائية، وأن تبتعد عن منطق الجباية الذي تمارسه على مختلف القطاعات، فالأولوية لحالة الاقتصاد الوطني الراهنة هو تحفيز الاقتصاد وليس جباية الاموال لسد نفقاتها المتزايدة.

salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى