في الصميم

#في_الصميم

د. #هاشم_غرايبه

تناقل كثيرون مقولة الشيخ “عبد العزيز الطريفي”: “لو كانت قناة العربية موجودة في زمن الدعوة، لما اجتمع المنافقون إلا فيها، ولما أنفقت أموال بني قريظة إلا عليها”.
في حقيقة الأمر ليس في قوله اتهام، فليس في الإعلام حياد، لذلك فمنهج أية قناة إعلامية مكشوف مهما كان المسمى الذي تطلقه على نفسها خادعا، والنفع الوحيد لمثل هكذا قنوات أنها كاشفة فتعرف المنافق، وسيماه أنه تطيب نفسه لمتابعتها.
تتعجب أحيانا من بعض من ينفثون سما زعافا في إعلامهم ليصدوا عن منهج الله ويحاربوا الدعاة إليه، بعد أن وجدوا غطاء من أئمة الكفر (الغرب المستعمر) لإجرامهم، وتغطية لقمعهم بالتذرع بمكافحة الإرهاب، لكن ما يكشف أنهم إنما يحاربون الإسلام، ما ثبت بالتطبيق العملي خلال الحرب التي أعلنتها أمريكا على الإرهاب، وانضم إليهم المنافقون العرب، فقد تبين جليا أنهم يعتبرون المسلم إرهابيا، مع أنه لم يقم مسلمون بعدوان على أية دولة غير مسلمة، ولا مارسوا تنكيلا بمجتمع مخالف لعقيدتها، ولا بأي فرد من الأقليات التي تعيش فيها، فقد ثبت باعتراف مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الغربية أن كل الأعمال الشنيعة التي تمت تلك الفترة، قامت بها جماعات مندسة تأسست من قبلها ولهذا الغرض، ويثبت ذلك أن تلك الجماعات اختفت فور انتهاء الحرب على الارهاب، فهل لو كانت إسلامية حقا، أما كان الأولى أن تستمر بل وتتعاظم في هذا الزمن مع تعاظم إجرام العدو الصهيو – غربي في غـزة!؟.
لقد قدّر الله تعالى أن تبقى فئة المنافقين مستمرة أبد الدهر في سعي محموم لإعاقة الدعاة لهذا الدين، فلكل عصر منافقوه، وتلك من حكمة الله لابتلاء الصابرين على دينهم المتمسكين به رغم الصعاب، فبذلك تمرين يرفع من عزيمتهم فتقوى شكيمتهم ويرتقي إيمانهم.
يؤكد ذلك ما نشهده من اقتصار تكالب الكافرين والمنافقين على هذا الدين، فلا ترى منهم ذلك الحماس ضد العقائد الأخرى، فلا تجد حربا شنت على هندوس رغم إرهابهم ضد مسلمي بلادهم، ولا ضد بوذيي ميانمار الذين يعلنون عن إرهابهم للمسلمين وطردهم من ديارهم.
بل تجد كل معادي منهج الله على اختلاف مناهجهم وتنازعهم فيما بينهم، انهم ضد الإسلام متكاتفون متعاونون، لم يتوقفوا ساعة عن عدائه، فمنذ تسلم أبي بكر الخلافة حاولوا التشكيك في أحقيته، فشجعوا الخروج عليه، جاء عمر بفتوحاته فدخل حاقدون جدد جراء زوال ملكهم، فكادوا له واغتالوه، جاء عثمان فتكاتف من كان دخل الدين حديثا ولمّا يعمر الإيمان قلبه من مصر، والتقى مع الحاقد من فارس، مع المنافق من أهل المدينة، فقتلوه وإغرقوا الأمة في الفتنة، جاء من بعده علي فأثار الطامعون الناس عليه، وناصره منافقون يدّعون حب آل البيت لكنهم انفضوا عنه وعن بنيه حين جد الجد فكشفوهم أمام الطامعين، لتحدث جريمة كربلاء، لأجل فتح الباب على مصراعيه أمام الساعين لشق الأمة وشرذمتها، فعمّت الفتن.
التحالفات ذاتها ما زالت الى اليوم، تتم بين مختلف الجهات الحالمة بالقضاء على الإسلام، وإلا كيف التقت الأرثوذوكسية الروسية مع الشيعية الإيرانية؟ أليست إيران تعلن أنها إسلامية؟، فكيف يتحالفون مع الإسلام الذي يحاربونه بتهمة أنه مصدر الإرهاب؟ أليس ذلك بهدف إذكاء الفتنة بين طرفي الإسلام، لنزع ثقة أهل السنة والجماعة بالأقلية الشيعية كونهم تحالفوا مع أعداء الإسلام، وبالتالي ابقاؤهم مرتبطين بهم ولا يستطيعون العودة الى الأمة الحاضنة الجامعة؟.
بالمقابل: عندما كانت تركيا تنتهج التبعية للغرب بحجة العلمنة، كانوا يعتبرونها ركنا أساسيا لاستقرار الشرق الأوسط، وبعد أن أصبحت حكومتها إسلامية، وأثبتت جدارتها ونفعت شعبها فأحبها وحماها، باتت عدوا مشتركا للغرب والشرق ولمنافقي العرب.
ولماذا انقلب اليساريون (المناضلون!) على الثورات العربية التي قامت عام 2011، فانخرطوا في صف الأنظمة المستبدة بعد أن كانوا في صدارة المطالبين برحيلها؟ ..هل من سبب غير أنهم وجدوا أن النظام البديل سيكون إسلامي التوجه، ففضلوا أن يبقى الحاكم العميل المستبد، لأنهم أيقنوا أنه لو أتيح الخيار الديمقراطي للشعوب العربية، فسيكون بكل تأكيد..الإسلام!؟.
مأساة المنافقين الحقيقية أنهم لا يؤمنون بالله، فلا يعلمون بأنه لن يسمح باستئصال منهجه، لذلك يعمى الله بصيرتهم، فلا يتدبرون التاريخ ليعلموا كم فشل من كانوا قبلهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى