مقال الخميس 27-6-2019
بيان على ورقة التوت
طرق باب بيتي بمفتاح “البكم” بعيد المغرب ثم دخل قبل أن أسأله “مين”؟..كنت للتو أزرر دشداشتي وأرتدي على عجل حفايتي..قال :هات كرسيين خلينا نقعد هون بالبراد..بالفعل أحضرت له كرسي بعد أن مسحته بخرقه مبلولة وجلست مقابله..ثم ناديت على أحد الأولاد أن يحضر القهوة فأردف أبو يحيى وهو يقضم طرف شاربه بأسنانه نتيجة القلق..و”مكتّه”..قلت للولد: ومكتّة!.
كانت السيجارة قبل الأخيرة من باكيت “الجلواز الأصفر”..دكّ مؤخرة السيجارة بخشب “الاسكملة” ثم أشعلها وقال: وبعدين يعني؟..رددت بتوجّس: بخصوص شو؟..قال: بدنا نظل ساكتين؟..قلت له: أعطيني، شو بتفكّر..
سرح قليلاً ثم قال: أنت تكتب،وأنا أحكي،والثالث يطالب ،والرابع يتذمّر،لم يبق رجال بالبلد؟..الوضع يزداد سوءا..شاركوا بمؤتمر البحرين رغم الإرادة الشعبية،يرفعون البنزين بأسعار قياسية،الشباب كلهم يفكّرون بالهجرة..لا بد ان نتحرك.!!..
قلت له: حاضر نتحرّك! كيف؟..
قال : يد واحدة لا تصفق، كل يعمل وحده كجزيرة منفصلة هذا منتهى الضعف، نريد ان نجمّع أنفسنا نحن الشخصيات الوطنية الغيورة المقهورة ، نجمع قوى هائلة من المواطنين البسطاء الأنقياء الأتقياء و أصحاب الرأي والفكر وحتى الساسة الشرفاء أصحاب اليد النظيفة تحت مظلّة واحدة..لماذا لا نفكّر بإنشاء حزب!..
أنا بانشراح كبير..رائع،فكرة بالاتجاه الصحيح..لكن هل سيكون حزباً مرخّصاً؟..
أبو يحيى: طبعاً وفق القانون..نريد أن نعمل تحت الشمس..قالها هو يطفىء جذوة السيجارة في المطفأة.
أنا أثناء سكب القهوة في الفنجان الصيني طيب..لنفترض أنهم أعطونا ترخيصا،وتشكّل الحزب ،واتفقنا على المبادىء ،واجتمعنا اجتماعات سرية وعلنية، ما الخطوة العملية التي يمكن أن نقوم بها بعد كل هذا النضال..
أبو يحيى..ببرود أعصاب..”نصدر بيانات”!…
أنا بعد فاصل من القهقهة.. يا رجل.. بالله احكي لي شو الخطوة العملية اللي بتفكر فيها ؟..
أبو يحيى بمنتهى الجديد: قسماً بالله بحكي جدّ..”نصدر بيانات”..عندما يصدر البيان عن الحزب يكون أقوى من البيان من الفرد..نصدر بياناً يدين مشاركة الأردن بورشة البحرين التآمرية..ونصدر بياناً ندين فيه التضييق على الحريات..ونصدر بياناً نستنكر فيه رفع المحروقات وغلاء الأسعار..وهكذا!..
أنا..يعني كل الهدف من انشاء الحزب هو إصدار البيان؟..
أبو يحيى: وذلك أضعف الإيمان..طلّ على كل الأحزاب..بتعمل اشي غير “البيانات”؟
خيوه..انت مش بحاجة الى أعضاء ومنتسبين وكوادر…انت بحاجة الى “ماعون ورق” بس..!
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
ماعون الورق يحتاج إلى جرأة وبلاغة تعبير..!
الكلمة في ميزان الشعوب الحية تحرك الجبال و تذيب الحديد فكل تغيير بدأ بكلمة حركت فكرة و اطلقة طاقة و اثمرت تضحية فحصل التغيير
ولكن الشعوب الميتة التي همها الاكل و الشرب و الرتع في المظاهر و الشهوات لن تجد اي كلمة و حتى في كتاب الله تحركها
قوله تعالى: صم بكم عمي فهم لا يرجعون