قيس العورتاني .. عندما يکون الطبيب إنساناً

قيس العورتاني:عندما يکون الطبيب إنساناً
شبلي العجارمة

يقول سقراط”أجمل ما في الإنسان فقط أن يکون إنسان”.
بالأمس کنت في إحدی مولات عمان للألبسة ,وکنت أقف علی طابور الکاش ضمن شروط الوقاية والسلامة العامة,هرع الجميع نحو طفلةٍ لا تتعدی العاشرة سقطت علی الأرض مغشياً عليها,شق جمهرة الحشود رجلان عاديان ,لا يرتديان بذلاتهم الرسمية ولا ربطات العنق,لکن أحدهما قال بحرارة وبصوت محروق مرتفع ” لو سمحتم إبعدوا والکل يترك البنت من إيده ,کان الخطاب موجهاً للنساء قبل الرجال ,وکانت إحداهن تلجلج بالبکاء فطلب منها الابتعاد أيضاً ,وأخذ يمسك برأس الطفلة بعد أن مددها علی بسطة ملابسٍ مرتفعه,أخذ يتوجس بطنها ووجهها ويتحدث معها بل حرقة وألم ,تفقد نبضها بيده بإذنه ,لم يدع مکاناً للريبة والشك في جسدها من مکامن الألم إلا وتفحصه ذلك الرجل,فقلت في نفسي ياه لحرقة قلب الأب ,لم تمض سوی دقاٸق معدودة حتی جاءت امرأة تولول وقد تحدرت دموعها قبل صوتها,فقال لها الرجل تطمني مدام البنت وضعها منيح ما تخافي بس شکله الصيام مأثر عليها.
کل ذلك الموقف وأنا أنطر للرجل حتی غادر هو وصديق له أخر کان يقوم بمساعدته أثناء تواجدهم مع الطفلة فحسبته الأخر عمها أيضاً لفرط العاطفة بالتعامل مع الطفلة التي ما لبثت أن عادت لها أنفاسها وتورد وجهها ,ثم ما إن تحسنت حالة الطفلة حتی غادرها الرجلان واصطفا لينتظما في صف دورٍ جديد ,دعاني الفضول العربي للاقتراب من الرجل ,فقلت له الحمدلله علی سلامة ابنتك ,فقال الله يسلمك لکن مو بنتي ,فقلت ربما لك بها صلة قربی ,تبسم وقال والله إن معرفتي بها کمعرفتي بك الأن لکن أنا طبيعة عملي طبيب ,ورأيت أن الموقف يحتم علی واجبي ومهنتي الإنسانية أن أتدخل فوراً ,فهذه إنسان وأنا طبيب الإنسان ,ليس بالضرورة أن لا أعالج إلا بوجود سکرتيرة وبمواعيد ولا أکن طبيباً إلا مقابل المال أو کهاتف الأجرة العمومي .
قلت للطبيب ممازحاً نحن اعتدنا علی هذه الأکشنات تکون مفبرکة وبصدفة حضور کاميرات التلفزة لتوثيق المواقف الإنسانية ,قال حين تحمل داخلك إنسان قبل لقب الطبيب سوف تکون زاهداً في حب الظهور والتمثيل أمام العدسات ,ثم صافحت الشاب الذي كان برفقته وکان يقدم له المساعدة فقلت مٶکد أن هذا والد الطفلة حمداً لله علی سلامة بنتك ,انفجرا بالضحك جتی ملأا المکان ثم استدرك الطبيب وقال صديقي الطبيب قيس العورتاني وهذ أيضاً زميلي الطبيب حسان أبو عودة ساعدني أيضاً من باب تخصصه.
قلت أتسمحا لي بصورة ٛتذکارية وأن تخلعا الکمامات عن أنفيكما ,أجاباني بصوتٍ واحد نعم للصورة ولنا الشرف لکن دون أن نخلع الکمامة حتی لا نعد من المراٸين .
حين أسمع من تلك الطيور المهاجرة التي تحاول أن تبث رواٸح اليأس وتبذر الخذلان في نفوس هذا الشعب الطيب وأنا أرنو بسمعي لبعض مهاتراتهم ,لکن حين تبصر عيني ويتسارع نبض قلبي وأنا أتعايش لحظة عابرة بکل أبجديات الصدفة وسليقية القدر أثقق بالله ثم بهذا الوطن الغالي بإنسانه الکبير أنه جنة الله في الأرض وخير مکان في الدنا.
لم ينتظر مني الطبيب قيس العورتاني أن أدون هذا الموقف الکبير للخلود ولبث القدوة في نفوس الذين لا زالوا يقدمون علی الوطن کل ذواتهم وأنانيتهم .
ستصبح هذه اليد مرتجفة حين أبلغ من الکبر عياً ,وسأسند هذا الجسد علی قلمي الرصاص ,ستأخذني رحلة العمر لأخر شواطٸها ,لکن قصة الطبيب ۭالإنسان قيس العورتاني وزميله الطبيب حسان أبو عودة ستبقی من زوادة الحديث لأبناٸي وأحفادي وکل أصدقاٸي الذين سينادمونني يوماً م ونحن نتجاذب أطراف القصص العالقة غير العابرة ,والخالدة غير الباٸدة .
فاتني أن أقول لکم أن الطبيبن قيس وحسان حين عادا من موقهم الإنساني لم يعودوا لمکانهم في طابور الکاش الذي فاتهم الدور لمن بعدهم ,حاول الکثيرون استمالتهم وتعديتهم وإيثارهم علی أنفسهم ليتقدموا لقاء صنيعهم ,لکنهم رفضوا بکل شدة کي لا يشعرمن أنهم قد تقاضوا أي شيء لقاء إنسانيتهم .
قولوا للوطن وأقرأوا علی الشعب ترانيم الأمان ,فإن وطن فيه هذه الأمثلة سيعبر کل المحن إلی أساطير السلام والمجد والخلود .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى