“قيامة أرطغرل”.. دروس عظيمة في قيام الأمم وسيادتها

سواليف

لست من محبّي ولا متابعي الدراما بكل أنواعها حتى التاريخية منها، ولكن استوقفتني هذه الضجة الكبيرة التي أحدثها هذا العمل العظيم “قيامة أرطغرل”؛ لذلك قررت أن أجاهد نفسي وأشاهد أولى حلقات هذا المسلسل، وأنا على يقين أنني لن أكملها، ولكن العجيب أنني خسرت الرهان مع نفسي هذه المرة، فقد أكملت الحلقة الأولى ثم الثانية والثالثة والرابعة حتى أصبحت حريصاً جداً على متابعة هذا العمل المتميز.

وأنا هنا لن أتحدث عن الجانب التاريخي الذي ربما يكون عليه بعض الملاحظات، ولا الجانب الدرامي الذي أظنه مبهراً.

وإنما أتوقف مع بعض المعاني الجليلة والقيم العظيمة والأسس الراسخة والدروس الهامة التي وردت في ثنايا هذا العمل المتميز، والتي توضح لنا بشكل جلي كيف تقوم الأمم وتسود، وأهم هذه الدروس:
العقيدة هي المحرك

من المعاني الرائعة التي يبرزها المسلسل أهمية العقيدة في قيام الأمم، وأنها المحرك الأساسي والدافع القوي الذي يلهب النفوس ويجعلها تنتفض لمواجهة الأعداء ورفع راية الإسلام خفاقة في سماء هذه الدنيا، فربط المسلسل جهاد أرطغرل وتضحياته بحبه للدين ورغبته في نشره والقضاء على أعدائه يعيد للأذهان سيرة الصحابة الكرام وتضحياتهم في سبيل نصرة الإسلام.
بث روح الأمل والعزة في النفوس

لكَم تشتاق الأمة إلى روح الأمل ومعاني العزة التي قُتلت فيها منذ قرون، ولذلك فقد نجح المسلسل في أن يبث هذه المعاني في النفوس من جديد بتجسيده للانتصارات العظيمة والتضحيات الجليلة، وهذا ما جعل المسلسل يخطف عقول وقلوب الكثير من متابعيه.
الإسلام قضية عالمية

من الدروس الجليلة التي يجب أن نتوقف عندها في هذا العمل الرائع، أنه يعلمنا أن قضية الإسلام ليست قضية محدودة بحدود دولة أو قبيلة أو إقليم، إنما هي قضية عالمية سيُسأل عنها كل مسلم أمام الله تعالى، وأننا كمسلمين مطالبون بنصرة ديننا بكل ما نملك، وهذا ما ظهر جلياً من خلال هذه القبيلة الصغيرة التي تحركت رغم عددها المحدود لنصرة الدين شرقاً وغرباً.

الإدارة الرشيدة والقيادة الحكيمة

أكثر ما تفتقده الأمة الآن هي القيادة الرشيدة الحكيمة التي تحمل همَّاً وغاية عظيمتين؛ لذلك نجح المسلسل في إبراز هذه القيادة من خلال دور سليمان شاه، الأب الذي استطاع أن يوحد أبناءه وقبيلته ويغرس فيهم روح الجهاد والاتحاد، ويقضي على الفتن، ويكشف الخونة، ويوضح لهم معالم الطريق الذي يجب أن يسيروا عليه وألا يحيدوا عنه.

إنما النصر بالإيمان وليس بالكثرة

“كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ” لقد تجلت هذه الآية في الكثير من مشاهد المسلسل، فعندما نرى ذاك البطل أرطغرل يخوض غمار الكثير من الحروب الشرسة بإمكاناته المحدودة مع قوى عاتية ثم يخرج منتصراً، فهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن هذه الأمة تحتاج لإيمان صادق وهمة عالية وحينها ستصنع المعجزات، وتحقق البطولات العظيمة والانتصارات الساحقة.
أهمية الوحدة وخطورة الفرقة

من القضايا المهمة التي تناولها هذا العمل أيضاً الفرقة وخطورتها على الأمة، وكيف أنها تجعل من الأمة فريسة سهلة لأعدائها؛ لذلك لا بدَّ من الاتحاد والاعتصام بالله حتى تعود للأمة عزتها وقوتها.
العلماء ودورهم في قيام الأمة

بعيداً عن الجدل الدائر حول ابن عربي الأندلسي وهل بالفعل التقى بأرطغرل أم لا، لقد تطرق المسلسل من خلال دور ابن العربي وعلاقته بأرطغرل إلى قضية في منتهى الأهمية، وهي دور العلماء في قيادة الأمة وصناعة مجدها، فالأمة لا تقوم لها قائمة إلا بوجود علماء أجلاء يبثون في نفوس الناس الأمل ويشعلون فيهم الحماسة، ويحيون فيهم روح الجهاد، وحب الشهادة في سبيل الله، ومن يراجع التاريخ سيرى بنفسه الدور العظيم لعلماء الأمة الحقيقيين على مر العصور.
الأمة لها عدوان

من الدروس الهامة جداً التي ألقى المسلسل الضوء عليها، أن الأمة ليس لها عدو واحد كما يظن البعض، إنما لها عدوان: عدو داخلي وعدو خارجي، أما الخارجي فهو العدو الواضح، الذي ظهر خلال أحداث المسلسل “الصليبيين وفرسان المعبد والمغول”، أما العدو الداخلي وهو الأخطر “الخونة” فهم الخنجر المسموم في ظهر أمتنا منذ عهدها الأول، فالعدو الخارجي مهما بلغت قوته فإنه لا يستطيع أن يخترق الأمة ويصيبها في مقتل إلا عن طريق الخونة والعملاء.

هذه كانت وقفة سريعة مع بعض الدروس الجليلة التي تجسَّدت في هذا العمل الرائع العملاق، وتبقى هناك دروس أخرى كثيرة، ربما نذكرها لاحقاً بمشيئة الله تعالى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى