#قواعد #المعارك العشر.. القاعدة التاسعة: #المعارك_حياتية
م. #أنس_معابرة.
في دورة الإعداد للزواج؛ طرح أحد الأطباء النفسيين سؤالاً: “لو وضعتَ طفلك في سريره، سيغادره وينام إلى جانب أمه، ثم تعيده، ثم يعود، وهكذا إلى أن تيأس، ويقضي ليله يتوسط والديه. السؤال الهام: كم مرة عليك أن تعيد أبنك إلى سريره؟”.
تفاوتت الإجابات، إلا أنها لم تتعد المرات العشر، وهنا كانت المفاجأة في أن الطبيب قال: “عليك أن تعيده إلى سريره كل مرة إلى أن يبقى فيه، لا تتوقف، حتى لو طلعت الشمس، وقد وصلتْ مع أحد الآباء مرة إلى مئة وأربع مرات خلال ليلة واحدة”.
الموضوع لا علاقة له بالقسوة، أو أنك تريد أن تنام مرتاحاً دون قدمي طفلك في ظهرك، ولكن الحقيقة تكمُن في أن الطفل قد دخل معك في معركة ويريد أن يفرض سيطرته من الآن، هو يقيس مقدار صبرك، وقدرتك على الاحتمال، ولو علِم بأنك ستتركه بعد ثلاث مرات أو أربع؛ سيعيد أسلوبه في جميع الأمور التي ستربيه عليها بعد ذلك حتى يفعل ما يريد هو، لا ما تريد أنت.
هذه في الحقيقة معركة، قد دخلت فيها مجبراً، وقد تجد نفسك في الكثير من المعارك مجبراً، كأن تدخل في عدة نقاشات مع زوجتك، أو مع أحد الزملاء أو الرئيس في العمل، أو حتى مع البائعين، والحمالين، والعمال، وغيرهم.
تحدثتُ لثمانِ مقالات عن قواعد للفوز بالمعارك، وهذا المقال التاسع الذي يتحدث عن المعارك الحياتية، وقد اعتقد البعض أنني أتحدث عن المعارك القتالية التي يندر أن يدخل أحدنا في واحدة منها، فلقد قاربتُ شخصياً على الأربعين؛ ولم تتجاوز معاركي القتالية أصابع اليد الواحدة، وإنه لمن الحماقة أن نتعلم قوعد المعارك من أجل أن نخوض معركة أو اثنتين، بل إن المعترك الحقيقيّ هو معترك الحياة.
ولكن الحقيقة وراء هذه السلسلة من المقالات هي إن كل تفاعلاتك مع الغير يمكن اعتبارها معارك، وجميع المصاعب التي تواجهها خلال مسيرتك الطويلة نحو تحقيق النجاح يمكن اعتبارها معارك، اختيارية كانت أو إجبارية، بعضها قد ينتهي في لحظات، والبعض الآخر قد يستمر عدة سنوات.
أنت بحاجة إلى الجاهزية العلمية من أجل إكمال الدراسة، وأنت بحاجة إلى السرعة من أجل استثمار الفرصة الاقتصادية، وأنت بحاجة إلى الروح القتالية المرتفعة من أجل مواجهة الإحباط في بيئة العمل، وبحاجة إلى معرفة نقاط القوة والضعف للتعامل بنجاح مع الزوجة والأبناء، وبحاجة إلى الليونة للتكيف والتعامل بنجاح مع الرؤساء والمرؤوسين، وأنت بحاجة إلى الريادة لتكون متميزاً، وفي جميع المعارك التي تُقدم عليها؛ أنت بحاجة إلى محاولة تجنب المعركة، وتقدير الخسائر جيداً، وأنت بحاجة أيضاً إلى الدرس الذي ستتعلمه من المعارك التي تخسرها.
تخيل أن تدرس هذه الخطوات التسع قبل أن تطرح مشروعاً استثماريا، أو تتبنى فكرة جديدة، أو أن تتخذ قراراً مصيرياً، أو أن تدخل في مناقشة متعددة الأطراف؟ هل ستؤثر تلك القواعد التسع – حتى الآن – على قرارك؟ هل ستتراجع عن تلك الخطوة لو لم تتحقق تلك القواعد؟ وهل ستمضي قُدُماً في حال تحققت؟
إن دراسة هذه القواعد قد يحتاج إلى دقائق معدودة في بعض المعارك، والبعض الآخر المصيريّ؛ يحتاج إلى وقفة مع النفس، وتفكير عميق، وإعداد دراسة الجدوى من تلك المعركة.
خلاصة القاعدة:
المعارك عادة ما تكون حياتية، نخوضها يومياً، قبل أن تدخل أية معركة حاول أن تراجع القواعد الخاصة بها، أدرس احتمالات الفوز والخسارة، راجع امكانياتك وقدراتك، لا تغامر كثيراً؛ لأن الثمن قد يكون حياتك أو مستقبلك أحياناً.