[review] هناك قصة قصيرة للكاتب زكريا تامر بعنوان صامتون ..تتحدّث عن رجل يدعي زهير
صبري التقته امرأة ذات يوم، لتخبره أنها تحبّه ولن تحبّ غيره، في حين قال لها
الرجل أنه لا يهتمّ إلا بمستقبله ( ولم يكمل حديثه بعد).. حتى بوغت بصفعة مؤلمة
تنهال على رقبته،فتلفت حوله ولم ير الصافع..
وصُفع ثانية عندما قال لأحد الأثرياء أنه أعظم رجل أنجبته البلاد..ولم ير
الصافع..
وصُفع مرة ثالثة عندما قبَّل بخشوع يد رجل ذي لحية طويلة مشعثة، ورجاه أن يدعو
له، ولم يرَ الصافع.
وصُفع زهير صبري كثيرًا وفي كل يوم، من دون أن يرى الصافع المجهول. ولم يكلّم
أحدًا عن تلك الصفعات السرية حتى لا يسخر منه ويتهم بالجنون، ولكنّه كان واثقًا
بأنّ الناس أجمعين يصفعون مثلما يصفع ويلوذون بالصمت.
*** أنا مثل زهير صبري، أصحو كل يوم وأشاهد علامات الأصابع الحمراء على خدّي
الأيمن..أُصفع كل صباح عندما أرى فلسطين ما زالت مزنّرة بالأسلاك الشائكة
والأحلام الشائكة، وأصفعُ ثانية عندما أرى العراق العظيم مثل أسد مروّض في سيرك،
وأصفع ثالثة عندما أرى اقتصاد الدول العربية، قشّة في بحر مائج، وأصفع رابعة
عندما أشاهد الكوندليزا رايس، تتصرّف في منطقتنا مثل مسّاح مرخّص..تخطو على ارض
ليست لها، تدق زوايا الأوطان…وتمنح القواشين لمن تشاء ..وأصفع خامسة عندما
يحابي أحد سماسرة الدم والسياسة في أمريكا، إسرائيل على حساب أوطاننا..
يبقى الفرق بيني وبين زهير صبري..أنه لم يرَ الصافع ولم يعرفه ..
أما أنا فأعرفه جيداً..وأتحيّن فرصتي لأقطع يده.