قناديل الظلام ومنظمات مشبوهة / جهاد مساعدة

قناديل الظلام ومنظمات مشبوهة
ي الآونة الآخيرة ظهر في الأردن منظمات وجمعيات غير حكومية، أو ما يطلق عليها اليوم بمنظمات “المجتمع المدني غير الحكومية” والذي يعتمد وجودها وعملها على التمويل الأجنبي.
إن أعمال بعض المنظمات غير الحكومية عمل غير بريء، تتستر به تحت ما يسمى “المنظمات التنموية ذات المشروعات المتعددة” التي تتنوع أنشطتها، ومجالات عملها في التدخل بكل صغيرة وكبيرة تهم حياة المواطن.
وتتأسس رؤية تلك المنظمات على ثلاثة مبادئ أساسية وهي: “الديمقراطية، التنمية المستدامة، والتضامن” ويتنوع عملها عادة بين أربعة مجالات هي: احترام حقوق الإنسان، العمل الإنساني، ودعم التنمية، والمحافظة على البيئة.
إن هذه المنظمات التي تستخدم ألفاظ فضفاضة، ومصطلحات رنانة لجذب انتباه القارئ أو السامع للدعوة إلى احترام حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، وحقوق المرأة، والمساواة والتحرر, هي منظمات تملك تمويلاً أجنبيًا، ودعماً لوجستيًا، ولديها القدرة على استقطاب الشباب لاستغلالهم في عمليات جمع المعلومات، وإجراء الاستطلاعات الميدانية، وتحليل البيانات، حتى أنه بإمكانها تدوين كل شاردة وواردة تدور بالوطن مهما صغر حجمها.
كما تتغطى هذه المنظمات بلباس ما يسمى بدورات “التدريب والتمكين” مقابل رواتب مُغْرِية تدفع لبعض مسؤولي الجهات الرسمية، فتوقع العقود والاتفاقيات معهم لأهداف ظاهرها تنمية المجتمعات، وباطنها الحصول على معلومات سرية لدراسة واقع التركيبة المجتمعية.
ولا يخفى على الملاحظ والمتمعن أن هذه المنظمات تُحَدِّدُ سقفا زمنيًا لبرامجها؛ ليتسنى لها بعد ذلك وضع برامج جديدة تستهدف شرائح من المجتمع بناء على تلك الدراسات وما توصلت إليه من معلومات.
بعض المنظمات غير الحكومية المتواجدة على أرض الوطن، أجنبية التمويل، تدار من قبل أشخاص من أبناء جلدتنا، يستضيفون في برامجهم أصحاب المناصب من الشخصيات الوطنية لتضفي على عملهم شرعية قانونية، وبُعدًا وطنيًا، وأعتقد جازمًا أن بعض هذه الشخصيات الوطنية قد غُرِرَ بهم، وغَررَت بهم منظمات ضالة وأصحاب دعوات مضللة، محاولين جرف وطننا إلى الهاوية، بإثارة الفوضى بين أفراد المجتمع، مهمتهم التدليس والتدنيس، والتلفيق والتكذيب والاتهام، عقيدتهم ضالة، وأعذارهم قبيحة، ووسائلهم أقذر من أحلامهم، غايتهم التنكيل والتدمير بالعنصر الإنساني.
فاللصوص الخائنون لا يصنعون وطن، وإنما يصنعون كيانًا قائمًا على أهوائهم، وبما ينسجم مع أفكارهم، وأجندتهم الهدامة الضالة المضلة، فهم رضوا بأن يكونوا من المنافقين لفرض ثقافة عالمية لا تنسجم مع عقيدتنا وقيمنا، مهمتهم تلقي الأموال من سادتهم في الخارج مقابل نقل معلومات يُعتقد من وجهة نظرهم أنها بسيطة، ولكنها بالحقيقة كبيرة وخطيرة.
فمن هذه المنظمات ما تهدف إلى تعبيد الناس لإبليس، فاتخذت التنمية البشرية سبيلًا لها، لكي تروج بأن الإنسان جزء من الشيطان، وكل من يعيث في الأرض فسادًا فهو الأكثر قربًا من الشيطان.
ومنها من جندت نفسها لعملية النفخ في مفهوم الحرية لتضيء قناديل الظلام، كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا مُنتِنة، فالإنسان من وجهة نظرهم حر بأن يفعل كل ما يريد دون قيد ولا محاسبة، يدعون بأن الحرية قيمة إنسانية لا يمكن تقييدها بنصوص، لذا يطالبون بإزالة كل من يقف عقبة في وجوههم، من خلال تجنيد المنحرفين فكريا، والبائعين لضمائرهم مقابل دريهمات معدودة.
خيانة الوطن جريمة لا تغتفر، فالخائن لوطنه كالسارق لمال أبيه ليطعم به لصوصا خونة، مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الرغاليين والعلقميين، فلا يسامحون ولا هم يشكرون.
إن عمل تلك المنظمات دون رقابة الدولة عليها، وعدم وجود التشريعات اللازمة لتنظيم عملها، ومعرفة ومراقبة مصادر تمويلها، يعطيها الحرية بالعمل في تحقيق أهدافها الخبيثة في تفكيك المجتمعات لا النهوض بها.
فمهما كان ادعاء تلك المنظمات من القيام بأعمال مُختَلقة، تحت مسميات مختلفة، فإن تلك الأعمال ظاهرها إنساني وباطنها شيطاني، كمنظمة الشياطين بلا حدود.
ومن هنا نطرح بعض التساؤلات التي تتعلق بعمل هذه المنظمات منها:
– ما مصادر التمويل لتلك المنظمات، ومن هي الدول الداعمة لها؟
– ما هو العمل الذي تقوم به تلك المنظمات غير الحكومية والممولة تمويلًا أجنبيًا؟
– ما هي الأهداف المخفية وغير الظاهرة التي تسعى تلك المنظمات لتحقيقها على أرض الوطن؟
– ما هي طبيعة البيانات والمعلومات التي تحرص تلك المنظمات للحصول عليها وجمعها بشتى الطرق، وخاصة فيما يتعلق بحياة أفراد المجتمع الأردني ووضعهم الاقتصادي والصحي، … الخ؟
– ما هو الهدف الرئيس لتلك المنظمات في التعرف على مكونات المجتمع، والفئات، والأقليات القاطنة فيه؟
إن بعض هذه المنظمات غير الحكومية شرها أقوى من خيرها، وأن دورها مشبوه وخطير، وعلى كل مواطن عدم الانحراف أو الانجراف وراءها، والحذر من أهدافها، فهي تسعى لإشعال الفتنة بقناديلها المظلمة المحملة بالسموم الفتاكة، منظمات عاشقة لضحاياها، كالثعبان الذي يرتدي الألماس والدرر لتضيء عنقه، ولا ينفث من فمه إلا السموم القاتلة المميتة.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى