
بكثير من الحذر وقليل من الإمكانيات، تواجه طواقم البلديات والدفاع المدني في قطاع #غزة تحديًا يوميًا يتمثل في إزالة كميات هائلة من #الركام، وسط مخاوف من وجود #ذخائر_غير_منفجرة مدفونة بين الأنقاض.
كل خطأ أثناء إزالة الكتل الخرسانية أو تشغيل آلية ثقيلة، قد يودي بحياة عشرات الناجين من الإبادة، الذين عادوا إلى منازلهم المدمرة أو يقيمون في خيام مجاورة.
#قنابل_موقوتة
تُقدّر الأمم المتحدة وجود أكثر من 7 آلاف طن من الذخائر غير المنفجرة، تُصنّف كـ”قنابل موقوتة”، مدفونة داخل الركام. وتستند هذه التقديرات إلى تقارير تشير إلى أن القطاع تعرض خلال عامين من حرب الإبادة لأكثر من 70 ألف طن من المتفجرات، لم ينفجر منها نحو 10بالمئة.
ويقول الرائد محمود بصل، الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، لـ”قدس برس”: “ملف مخلفات الحرب غير المنفجرة يُعد من أبرز التحديات الراهنة، إذ لا يمكن بدء إزالة الركام أو الشروع في إعادة الإعمار قبل التأكد من خلو المواقع من المتفجرات التي تهدد حياة العاملين والسكان”.
ويضيف: “الكثير من هذه الذخائر ما تزال مدفونة تحت أطنان من الخرسانة، ما يستلزم عمليات كشف دقيقة قبل استخراجها. كما أن الاحتلال دمّر أكثر من 134 آلية ثقيلة، أي نحو 85 بالمئة من المعدات المتوفرة قبل الحرب، ولم يتبقَ في القطاع سوى نحو 20 مركبة، معظمها يتبع لشركات المقاولات، واستئجارها وتأمينها يتطلب مبالغ مالية كبيرة”.
الناجون يترقبون موتهم
رصد مراسل “قدس برس” خلال جولات ميدانية حالات متعددة يعيش فيها الناجون من الإبادة بين أنقاض منازلهم، دون بدائل آمنة، في ظل وجود ذخائر غير منفجرة تحت الأساسات أو بجوار غرف المعيشة.
أبو يزيد الحاج، أحد الناجين من بلدة “بيت لاهيا” شمال القطاع، يقول: “كنت أمتلك مبنى من ثلاثة طوابق، دمر الاحتلال الطابقين الثاني والثالث خلال اجتياح كانون ثاني/يناير 2024، ثم قصفه مجددًا في أغسطس بصاروخ من طائرة (F-16)، لكنه لم ينفجر. لا يزال الصاروخ مدفونًا في الأساسات، ونخشى أن تؤدي ظروف الطقس إلى انفجاره”.
أما رامي البشتلي، من برج الصالحي في مخيم النصيرات وسط القطاع، فيروي: “البرج تعرض لقصف دمّر معظم الشقق، إلا أن صاروخًا واحدًا لم ينفجر، وما يزال مدفونًا في الطوابق السفلية. ترددت كثيرًا في العودة للمنزل، لكن النزوح والعيش في الخيام دفعاني للمخاطرة. أبنائي يستيقظون مفزوعين لمجرد سماع صوت احتكاك، خوفًا من انفجار الصاروخ”.
أرقام مرعبة
تقول الأمم المتحدة إن معالجة ملف مخلفات الحرب يتطلب جهودًا دولية ضخمة لا تتوفر حاليًا في غزة، في ظل وجود أكثر من 55 مليون طن من الركام، أي ما يعادل 13 ضعف حجم أهرامات الجيزة في مصر. وتقدّر مدة إزالة هذه الكميات ونقلها إلى محاجر خاصة بين 3 إلى 7 سنوات، حسب عدد المركبات المتاحة للعمل.
أنواع الذخائر غير المنفجرة
تتنوع الذخائر بين قنابل جوية أطلقتها طائرات (F-16) بوزن يتراوح بين 200–600 كيلوغرام، وقنابل MK-84 الخارقة للتحصينات بوزن يزيد عن طن، وصواريخ موجهة من مروحيات أباتشي وطائرات مسيّرة، إضافة إلى قذائف مدفعية وهاون بأعيرة تتراوح بين 60–155 ملم.
وتشمل المخلفات أيضًا عبوات مموهة داخل علب مواد غذائية، تركها جيش الاحتلال داخل المنازل لاستدراج المدنيين، ويؤدي العبث بها إلى إصابات خطيرة أو وفاة محققة.
ويشير الرائد بصل إلى أن “طواقمنا المنتشرة في كافة أرجاء القطاع تسعى لحصر هذه الذخائر ومحاولة تفكيكها أو إحاطة المناطق بطوق أمني، كما نعمل على نشرات توعوية لحث السكان على الإبلاغ عن أي جسم مشبوه”.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكبت قوات الاحتلال، بدعم أميركي وأوروبي، إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت القتل والتجويع والتهجير والتدمير، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.
وقد أسفرت الحرب عن استشهاد وإصابة أكثر من 238 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة كثيرين، فضلًا عن دمار شامل طال معظم مدن ومناطق القطاع، حتى باتت خارطة غزة تُرسم بالأنقاض.
وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق مرحلي بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة “حماس”، إثر مفاوضات غير مباشرة في شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أميركي.
وبموجب الاتفاق، أطلقت “حماس” في 13 تشرين الأول/أكتوبر سراح 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء، فيما تشير تقديرات إسرائيلية إلى وجود جثامين 28 أسيرًا آخرين، تسلّمت منهم أربعة حتى الآن.
وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق تشكيل “لجنة الإسناد المجتمعي” لتسيير الأمور في قطاع غزة، ومتابعة تدفق المساعدات ومشاريع إعادة الإعمار.