المهندس: عبد الكريم أبو #زنيمة
وتستمر القمم يا فلسطين منذ المؤامرة عليك عام 1948 وحتى مؤتمر السلام بالأمس الذي عقد في القاهرة ، كل هذه القمم عجزت عن تنفيذ اي قرار ترفضه دويلة الكيان العنصري ، والنتيجة هي قمم قمم ! رحمك الله يا شاعر العروبة ، لقد كنت ثاقب الرؤيا والبصيرة حين لخصت واقعنا العربي قبل عقود من الزمن وكتبت رائعتك التي نلمسها ونشاهدها حين يشحذ حكامنا سيوفهم ويشدون رحالهم لهذه العاصمة او تلك لإهدار ما تبقى لنا من كرامة ! حيث نعت وينعت بعض حكامنا المقاومة بالإرهاب ! وساووا بين الجلاد والضحية ! المضحك المبكي ان المؤتمر سُمي بمؤتمر السلام بالوقت الذي كان فيه المجتمعون يسمعون صراخ وأنين اطفال ونساء وشيوخ غزه الذين مزقت اجسادهم قنابل الموت الامريكية والغربية المهداة لمتعطشي الدماء الصهاينة وكانوا يتلذذون بسماع اصوات انفجارها وهم يشاهدون اشلاء ضحاياها !
بالأمس في القاهرة كانت اسرائيل العنصرية الصهيونية المتوحشة أكثر حضورا وتمثيلاً من خلال الوفود الغربية المشاركة بالمؤتمر ” امريكا ، فرنسا ، المانيا ، ايطاليا ، كندا … الخ ” لم يكن باستطاعة بن غورين لو كان حياً ان يمثل ويدافع عن الكيان الصهيوني أكثر منهم ، هؤلاء الذين ينشرون أوكار تجسس سفاراتهم وهيئاتهم التجسسية وقواعدهم العسكرية في طول الوطن العربي وعرضه؛ فهل نأمنهم بعد كل ما سمعناه وشاهدناه من تقاطرهم واستحضار واستنفار جيوشهم للمنطقة خلال الاسبوعين الماضيين بعد عملية طوفان الاقصى، وهم الذين حرّفوا وزيّفوا وروجوا لكل الاكاذيب الصهيونية لتشويه صورة المقاومة وعدالة القضية الفلسطينية ، بالمقابل شاهدنا حالة الضعف والهوان والانقسام والتصهين العربي ، لم يجرؤ حاكم عربي ان يلخص ويسمع العالم بأسرة المأساة الفلسطينية التي مضى عليها خمسة وسبعون عامًا بتآمر غربي من نفس العواصم المشاركة بذات المؤتمر، ولم يجرؤ أحد منهم على سرد الجرائم الصهيونية ابتداء من دير ياسين ولغاية مجزرة المستشفى المعمداني ، وللأسف فإن الموقف الأكثر ضعفا مضموناً واداءاً كان موقف رئيس سلطة رام الله ، ومن المفارقات العجيبة ان كل من باسم يوسف وحسام زملط وخلال نصف ساعة اتيحت لكل منهما على شاشة إعلامية اجنبية كانوا أكثر تأثيراً وشكلوا تحولا ايجابيا في الرأي العام الغربي من كل الحكام العرب طوال سنين المعاناة الفلسطينية !
طوفان الأقصى أظهر نتيجتين بالإضافة إلى كسره واذلاله وهزيمته للجيش الصهيوني لا يمكن اخفائهما ولا التجاوز عنهما ، الأولى هي أن الشعوب العربية في واد والنظام الرسمي العربي في واد آخر ، وأن كل ما يبثه الإعلام الرسمي العربي والمواقف الرسمية لا ترقى للحد الادنى من مطالب الشعوب ، هذه الفجوة وبعد اتضاح رؤيا الشعوب واتساع مدى وعيها وادراكها لحقيقة أنظمتها الحاكمة التي لم يعد التستر عليها ممكنا ستكبر وستكبر لحد الانفجار ما لم تتصالح مع شعوبها وتتبنى المصالح والاهداف الوطنية العليا لأمتنا العربية وفي مقدمتها إنهاء كافة العلاقات والارتباطات مع دويلة الكيان العنصري واعادة بناء العلاقات مع دول الغرب الرأسمالي المتوحش الداعم لهذا الكيان على اساس الندية والمصالح والاهداف الوطنية مع إنهاء كل اشكال التعاون الأمني معه ، اما النتيجة الثانية فهي أن مسارات السلام والتطبيع ما هي إلا خدعة وسرقةً للوقت لتمكين المشروع الصهيوني من تحقيق الحلم والخرافات اليهودية ، فخلال ثلاثة عقود من هذا المسار لم تلتزم دويلة الكيان العنصري بالاتفاقيات ، هذه الدويلة العدوة لكل ما هو عربي وإسلامي وأنساني لن يردعها إلا المقاومة المسلحة الكفيلة بتحرير كل الأراضي المحتلة وخاصة بعد افتضاح اكذوبتها وغطرستها بقوة جيشها الذي لا يقهر الذي هُزم وكُشف سره عام 2000 وعام 2006 وفي 2023/10/7 المجيد
لقد كشف طوفان الاقصى جوهر وعمق التفكير الصهيوني التوسعي الهادف الى تهجير الفلسطينين كمرحلة اولى على حساب كل من الاردن ومصر ، سيحقق العدو حلمه هذا إن بقي حالنا على ما هو عليه فنحن ” الأردن” في عين العاصفة ونحن الحلقة الاضعف سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا في الوقت الحالي ، علينا العمل وبكل جدية لا سيما ونحن نملك كل عناصر وأدوات القوة لاجراء إصلاحات سياسية عاجلة تعيد بناء اللُحمة الاجتماعية الوطنية لنحدد المخاطر الرئيسة التي تهددنا وجوديا ونعد الإجراءات والاستراتيجيات اللازمة للتصدي لها ، وما ينطبق علينا ينطبق تمامًا على الشقيقة مصر .
بقية الاقطار العربية ليست بمأمن أيضًا، إن بقي حالها على ما هو عليه من التشرذم والتبعية والانبطاح فمصيرها ومستقبلها مظلم ، فالقواعد الغربية ليست كما يظنون لحمايتهم ! فالخرائط التقسيمية جاهزة ومعدة مسبقاً ! عندما تستباح السيادة تتلاشى وتندثر الكرامة !
مصيرنا كما هو تاريخنا مشترك ، فالوفود الغربية المجتمعة المتضامنة فيما بينها بالأمس كل وفد منهم تكلم بلغة تختلف عن لغة الاخرين وتاريخهم وعاداتهم وسلوكهم يختلف عن بعضهم ! لكنهم اتفقوا وتضامنوا وتوحدوا من اجل مصالحهم ، علينا جميعاً كعرب بالدرجة الأولى وكمسلمين ثانيًا ان نبني مشروعنا الوطني الموحد ، عندها سيأتي هذا الغربي المتوحش لا ليأمرنا ويوجهنا ويوبخنا بل ذليلاً مستجديا لأننا نملك كل عناصر القوة والتحكم للتعامل معه بكل ندية والتأثير عليه ، وبخلاف ذلك فإن انسب ما يكون وأجمله للسلام الوطني العربي هو قصيدة الراحل مظفر النواب قمم قمم !