هل سيقبل الفلسطينيون التعويضات المالية؟

هل سيقبل الفلسطينيون التعويضات المالية ؟
ماهر أبو طير

سألت أحدھم إذا ما كان مستعداً لقبول مبلغ مالي، على المستوى الشخصي، مقابل التنازل عن حق العودة الى فلسطین، باعتبار ذلك، في سیاقات حق التعویض بسبب اللجوء؟.
كانت اجابتھ صادمة، إذ بعد أن القى علي محاضرة في الوطنیة، اتبعھا بمحاضرة عن البراغماتیة، وضرورة أن یتعامل الإنسان مع واقعھ دون عواطف أو شعارات، أضاف قائلا إنھ إذا رفض حق التعویض المالي، فإنھ سوف یخسر المال، وفي الوقت ذاتھ، لن تعود فلسطین، ولن یكون ھناك حق عودة، فلماذا لا یأخذ المال، أمام ھذا الواقع؟.
یصر صاحبنا، غفر الله ذنوبنا وذنوبھ، ان ھذا رأي الأغلبیة وھو رأي لا تعلنھ جھارا، كونھ محرجا من جھة، وكون الأمر لم یصل أساسا إلى التلویح بمبالغ مالیة للاجئین الفلسطینیین، في العالم، أیا كانت جنسیاتھم، مصرا على أن الصورة سوف تتضح فقط، حال الإعلان عن مبالغ مالیة، قائلا إن من یقولون لك الیوم لا، سیعودون ویقولون نعم.
لم یعجبني كلامھ ابدا، وحاولت أولا أن احدثھ عن الرأي الدیني الذي یحرم مثل ھذا المال، ولیصحح لي علماء الشرع، إذا كنت مخطئا، وإذا ما كان مسموحا، اخذ مال التعویضات في سیاقات التنازل عن حق العودة، فلم یستمع إلى أي مفردة، وذریعتھ في ھذا،

أن الامتناع عن أخذ مال التعویضات، لن یؤدي إلى تحریر فلسطین غدا، وان المرء إذا رفض المال، سیخسر فرصتھ فقط في تعویض القلیل من خسائره بعد اللجوء.
أرید أن اسأل كثیرین، إذا ما كانوا حقا، یقبلون ھذه التبریرات، أي أن فلسطین ذھبت، وان الامتناع عن أخذ مال التعویضات في حال تم التوصل الى صیغة بشأنھا، مجرد خسارة، ولربما یجیب كل انسان على ھذا السؤال بینھ وبین نفسھ، خصوصا، ان التعویضات ھنا، لو كانت مرتبطة بحق العودة، لكانت مفھومة، لكنھا منفصلة، ومقابلھا سیتم طي حق العودة ؟.
تعویضات اللاجئین، إذا تم التوصل الیھا، في مرحلة ما، من نوعین، الأول تعویضات الأفراد والعائلات، والثاني تعویضات الدول المستضیفة، خصوصا، ان كل الدول المستضیفة، تقول انھا تعرضت الى أعباء اقتصادیة، بسبب ملف اللاجئین، وعلینا ان ننتبھ ھنا، إلى أن تعویضات الدول، لن تختلف عن تعویضات الافراد، فھي ستأتي من اجل التوطین النھائي للاجئین، وطي ملف العودة، تماما،
والوصول إلى تسویات بشأن ھویة الافراد اللاجئین، على الصعید السیاسي، وعلى صعید تعریفات العیش والتواجد، في دول كثیرة.
في كل الحالات، لا یمكن تعمیم ھذه الحالة، على عموم الذین قد تعرض علیھم تعویضات، لكنني احض أي مركز او جھة ان تجري استطلاعا حول نسبة الذین یقبلون بتعویضات مالیة، مع ربط الحصول على التعویضات النھائیة، بعدم وجود حق عودة، وان یتم اختیار عینات بأعداد كبیرة، ومنوعة في كل جوار فلسطین المحتلة، وان تضمن ھذه الجھة إجابات صریحة، من الذین یتم استطلاع رأیھم، دون خوف احدھم، أو حذره، أو شعوره انھ قید الامتحان او التوریط لأي سبب كان، من اجل الاطلاع على الخلاصات النھائیة، بھذه الطریقة المختلفة.
كل الفعالیات السیاسیة والشعبیة من اللاجئین الفلسطینیین في دول جوار فلسطین، وفي العالم، تتحدث عن حق العودة، وقدسیتھ، ولا تجد أي صوت ھنا، یؤید شطب حق العودة، وھذا أمر مقدر ومفھوم، كون الإصرار على حق العودة، أمرا طبیعیا، لكن نرید ان نناقش ھنا، التعویضات المالیة، اذا أصبحت ھي الخیار الوحید المتاح للافراد والجماعات، دون حق عودة، وإذا ما كان الرفض سوف یتواصل، ام أن الشعور بكون الرفض مجرد عدمیة غیر منتجة، ھو الذي سوف یسود في تلك اللحظات، بحیث نرى قبولا لحق التعویض المالي، دون عودة ؟.
ما یقال ھنا، ان اغراءات المال، خطیرة جدا، وان بیع فلسطین قد لا یكون في حالات كثیرة عبر بیع قطعة ارض مباشرة لإسرائیلي، إذ ان الحصول على تعویضات مالیة، مع شطب حق العودة، یعني أیضا، بیع كل فلسطین، والتوقیع علیھا شعبیا، بعد ان تم التوقیع علیھا رسمیا.
ھذا ملف حساس، لا بد من مناقشتھ في ھذا التوقیت بالذات، وھي مطالعة تأتي ھنا، لاعتبارات كثیرة، ولیس مجرد معالجة عابرة لملف تجري مناقشتھ منذ عقود بلا فائدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى