
#قصة #قرنزح وبرنزح! / #يوسف_غيشان
أبناء جيلي، وبعض الأجيال التي تلته، يتذكّرون قصص الجدّات والأمّهات، التي كان يجري سردها وتناقلها، دون توقيت محدّد، ودون أدنى التزام بالأمانة العلميّة أو الواقعية، لكنّ هذه الأمور لم تكن تهمّنا قط، لأننا لم نكن نعلم بوجودها أصلاً.
لذلك أعتقد أنّ الكثيرين منكم يتذكر قصة (قرنزح وبرنزح)، والتي من الممكن أن تتغير بعض مسميّاتها قليلاً، حسب اختلاف المناطق واللهجات أو حسب صدق روايات الجدات.
والقصة تتحدث حول عنزة، لديها (قرنزح وبرنزح)، وكانت تتركهما في البيت بعد أن تغلق عليهما الباب، وتطلب منهما ألاّ يفتحا الباب إلاّ إذا سمعا صوتها، وهي تقول:
ياقرنزح يا برنزح
افتح البابين وافرح
في قريناتي عشيّب
في بزيزاتي حليّب
فيفتحا الباب لأمّهما ويفرحان بالحليب والعشب، لكنّ الذئب الغدّار، كان ينوي الاحتيال عليهما لفتح الباب ليفترسهما، وذلك في غياب الأم، لذلك قام بتقليد صوت الماما، وصار يقول لهما من وراء الباب:
- ياقرنزح يا برنزح
افتح البابين وافرح
في قريناتي عشيّب
في بزيزاتي حليّب
فصدق أبناء العنزة الموضوع، وفتحا الباب للحيوان المفترس، الذي قام بالتهامهما على الفور.
لكنّ المخيال الشعبيّ الجامح الذي يرغب في النهايات السعيدة، لا يترك القصة هنا، بل تأتي الأم فتعرف أنّ أطفالها في بطن الوحش، فتنطحه في قرونها فتبقره فينشق بطنه، فيخرج الأطفال أحياء يرزقون، فرحين بأمّهم.
إنّما الطبعة الجديدة من القصة – كما وردتني من مصادر غير مصرّح لها وغير موثوق فيها، ولم تتح لي فرصة التأكد من الخبر من مصادر أخرى، تقول هذه الطبعة الطازجة من القصة أنّ قرنزح، عندما سمع صوت الذئب الذي يقلد صوت الماما وقف على قائمتيه وقال: - اقلب وجهك بلا برادة وقلّة أدب يا أيها الذئب الحقير، فإننا نراك من خلال العين السحريّة للباب.
بالتأكيد ذهب الذئب مخذولاً.
المشكلة إننا نراهم بالعين المجردة والسحرية، ونقول لهم: - ابتعدوا أيها الخونة أيّها المنافقون يا باعة الأوطان يا … يا… يا …!
لكنّهم لا يبتعدون عن باب البيت، ويستمّرون في تقليد دور الأم، وكأننا لم نقل شيئاً ولا نعرف شيئاً، ويستمرّون في النهب والسلب والترشّح لينوبوا عنا في السلطات الثلاث، لا بل الأربع، والمشكلة أنهم ينجحون دائماً، وربّما نضطر إلى أن نحشو العين السحرية في مؤخراتنا، فهي لم تعد تفيدنا وهي في مكانها الصحيح.
وتلولحي يا دالية