سواليف
عبدالرحمن قاسم، مزارع فلسطيني عمره 77 عاماً، استطاع وبعد 31 عامًا من استصدار قرار قضائي باستعادة أرض أجداده المصادرة والتي تقع داخل مستعمرة “بيت إيل” وهدم البناء الاستعماري عليها.
وقد رفض الفلاح عبدالرحمن مبلغ 28 مليون دولار ثمنًا للأرض ورفض أيضًا إغراءات الوسيط الأمريكي لمنحه وعائلته جوازات سفر أمريكية مقابل تنازله عنها.
والذي قامت العربية لحماية الطبيعة بإعادة إعمار أرضه بإنشاء السلاسل وحراثتها وتزويدها بسياج حديدي بالإضافة إلى زراعتها وإنشاء بئر لتجميع المياه فيها.
وقال المزارع الفلسطيني عبدالرحمن قاسم ، ، إنه رفض بيع أرضه بسعر مليوني دولار للدونم الواحد، وإنه بصموده وإصراره نجح في استصدار قرار من المحكمة الإسرائيلية العليا بوقف قرار مصادرة أرضه وهدم البناء المقام عليها.
وأضاف في حوار مع الراية في عمان، أن مستعمرًا إسرائيليًا عرض عليه مبلغ 28 مليون دولار ثمنًا لأرضه التي تبلغ 14 دونمًا، وأن القنصل الأمريكي في القدس زاره في البيت وعرض عليه تسهيلات كبيرة له ولأولاده وأحفاده للهجرة إلى أمريكا.
وإلى نص الحوار:
> أين تقع أرضك وكم مساحتها وما هو سعرها الحالي؟.
– تقع أرضي غرب مستعمرة “بيت إيل” شمال مدينة رام الله ، قرب مخيم الجلزون، ومساحتها 14.25 دونما، ويبلغ سعر الدونم الواحد في المنطقة هذه الأيام نحو 30 ألف دولار، وكنت أزرعها قبل المصادرة عام 1981 عنبًا وقمحًا وشعيرًا وخضراوات.
> حدثنا عن صراعك مع الاحتلال على هذه الأرض وما هي النهايات؟.
– صدر قرار الاحتلال رسميًا بمصادرتها عام 1984 بعد 3 سنوات من حصارها ووضعوا شيكا حولها، فأقمت أول دعوى ضد الاحتلال، انتهت بالرفض بحجة أن القرار نشر في جريدة يديعوت أحرونوت العبرية ولم يعترض عليه أحد، ولذلك أقروا المصادرة.
وفي العام 1994 رفعت دعوى ثانية في رام الله عن طريق مؤسسة الحق للدفاع عن الأرض، لكنهم رفضوها أيضًا، وبعد ذلك رفعت دعوى ثالثة ورفضوها أيضًا، وفي العام 2009 رفعت دعوى رابعة في مخفر إسرائيل عند قرية مخماس شرقي قلندية المحاذية للقدس بجانب قرية جبع على خط التفاف القدس – نابلس، وقبلوها وطلبوا مني الذهاب إلى مستعمرة بيت إيل، وعندما قلت لهم إنني ممنوع من دخول تلك المنطقة، اتصلوا برئيس المجلس المحلي لمستعمرة بيت إيل وطلبوا منه السماح لي بالدخول، وبعد ذلك استقبلنا مع دوريتين مسلحتين تحلق من فيهما حولنا بالسلاح، وكنت قد اصطحبت معي رئيس المجلس القروي لقريتي دورا القرع وأحد أعضاء المجلس القروي حتى لا يقال عني إنني ذاهب لبيع أرضي.
استقبلنا رئيس المجلس المحلي بالقول إن الأرض مصادرة، وليس مسموحًا لي أن أدخلها أو البناء فيها، فسألته : لماذا تسمح لليهودي أن يبني فيها؟ ولم يرد عليّ. وكان المحامي المقدسي السيد شقير يتابع القضية وقد وافقوا عليها في المحكمة منذ أول جلسة في شهر يناير عام 2010، وصدر قرار من المحكمة بوقف المستعمر الإسرائيلي عن مواصلة البناء فيها، لكنه استمر في البناء وبنى عمارتين فيهما 28 شقة.
بعد ثلاث سنوات تمكنوا من منعه من مواصلة البناء وطردوه من الأرض ومنعوه من دخولها، وبعد قرار المحكمة بخمس سنوات صدر أمر بالهدم ، بحضور الناطق باسم نتنياهو الذي صرخ بأعلى صوته أن إصدار قرار من المحكمة يقضي بالهدم لليهودي يعد بادرة سيئة.
وفي 29 يوليو الماضي وقبل يومين من الهدم صرح نتنياهو بأنه ممنوع الهدم لليهودي، لكن قاضي المحكمة العليا رد عليه على التلفاز أنه سيهدم غدًا وليس بعد غد، علمًا أن 2000 مستعمر بصحبة 400 جندي احتلوها مجددًا وناموا فيها وكانوا يغنون: ممنوع الهدم، لكنهم أخرجوا منها بالقوة في نهاية المطاف، وقد أرسلت إلى الأرض 8 جرافات ولم تغب الشمس حتى أنجزوا الهدم، وكان المواطنون الفلسطينيون المارون في المنطقة يوزعون الحلوى وكأنه يوم عيد عندما سمعوا بخبر الهدم.
> كم دفعوا لك ثمنًا للأرض وكيف سارت المفاوضات؟.
– حاول المستعمر الذي استولى على الأرض إغرائي كثيرًا بدفع مبلغ مليوني دولار للدونم الواحد واستعد لدفع 28 مليون دولار نقدًا، وقال إنه مليونير ويستطيع دفع مبلغ أكبر إن وافقت، فقلت له إنني أرفض البيع ولن أساوم ، فقال لي إنه يستطيع فرشها دولارات ، لكنني رددت عليه إنه حتى لو فرشها ذهبًا فلن أبيع.
واصل الاتصال بي ولكن عن طريق العملاء هذه المرة ، وقد جاؤوا للتفاوض معي وإن كنت أرغب بسعر أعلى، فأجبتهم أنني أرى المستعمر اليهودي أفضل منهم كونهم عملاء.
> هل من أطراف أخرى دخلت على الخط؟.
– زارني في بيتي – بعد الاتصال بالمحامي شقير – القنصل الأمريكي في القدس وقال القنصل إنه رجل قارئ وإنه قرأ في الصحف أنني رفعت دعوى ضد الحكومة الإسرائيلية وليس ضد مستعمر، وأنه رغب بالتعرف عليّ، وقدم لي الكثير من الإغراءات منها أنني وأولادي وأحفادي مقبولون في برنامج الهجرة لأمريكا، والحصول على الجنسية فورًا ، فأجبته أنني لا أحب السياسة الخارجية الأمريكية ولا أريد الذهاب لأمريكا، لأنها تأخذ ولا تعطي.
> كمزارع فلسطيني ومن وحي ما جرى معك بالنسبة للأرض، كيف تنظر إلى مستقبل إسرائيل؟.
– هي أوهى من بيت العنكبوت، وبقاؤها مستمد من العرب المحيطين بها الذين يحمونها، ولو تركونا نواجه العصابات الصهيونية عام 1948 لهزمناها ومنعناهم من إقامة كيانهم الغاصب، وما أزال أتذكر الشهيد عبد القادر الحسيني في مواجهاته مع اليهود، وقد كان قادرًا على تحقيق النصر،
عمومًا إسرائيل زائلة ولن تعمر.
> كيف تقيّم الروايات الإسرائيلية بدءًا من حقهم بفلسطين وانتهاء بادعائهم أن أطفالاً فلسطينيين يحاولون طعن الجنود الإسرائيليين بالسكاكين؟.
– مجمل هذه الروايات كاذبة وخاطئة، إذ لا يمكن لفتاة تبلغ من العمر 14 عامًا أن تطعن جنديًا مجددًا بالسلاح وهي في طريقها للمدرسة، وتحمل حقيبة كتبها في يدها، وهم يدعون ذلك لتبرير مجازرهم الوحشية.
إن الهدف من هذه الادعاءات هو إعدام الشباب الفلسطيني بالجملة، وخاصة النشطاء، ولا أنكر حالات الدهس والطعن ، لكن هناك رجالا ينفذون تلك العمليات.
أما بالنسبة لحقهم في فلسطين كما يدعون، فهو الكذبة الكبرى ، وهم عصابات صهيونية ولا حق لهم في الأرض وهم يعرفون ذلك في حقيقة أنفسهم، ويقولون إن هناك إرهابًا .
> بعد الهبة الفلسطينية المستمرة حتى اليوم، كيف تنظر إلى أحوال المستوطنين في الضفة الفلسطينية؟.
– إنهم مرعوبون من الطعن والدهس، ولا يخرجون إلا مضطرين وتحت حراسة جنود الاحتلال ، فقد أدخلنا الرعب في قلوبهم رغم أنهم يقتلون الكثير منا كل يوم، وأؤكد أن إدخال الرعب في قلوبهم يعد نصرًا لنا.
> هناك من يقول إن اليهود يشترون أراضي من الفلسطينيين، ما مدى صحة هذا القول؟.
– هناك بعض ضعاف النفوس الذين يضطرون لبيع أراضيهم وهم قلة لا يعدون حتى على الأصابع، لكن البيع المتعارف عليه يتم بالتهديد والتزوير في الأوراق الرسمية، حيث، يجعلون الفلسطيني يوقع على أوراق كثيرة عندما يلجأ للدوائر الرسمية وخاصة كبار السن الذين لا يعرفون اللغة العبرية، وهم يوقعون على التنازل عن ممتلكاتهم لإسرائيل، كما أنهم يقومون بتبصيم الموتى على أوراق تنازل وهكذا دواليك، ناهيك عن قيام بعض العملاء بشراء الأراضي لهم.