قصة “شرشف الحجة ” .. سخرية سوداء وتعبير عن وجع الوطن

سواليف – فادية مقدادي
قصة شرشف الحجة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي امس وبشكل واسع ، البعض تناولها بشكلها الخاص وتحدث عن غضبه من نشر التسجيل الصوتي لسيدة عجوز ، تطلب من ابتها استعادة الشرشف الذي اهدته له وجلبته له من العمرة ، وذلك بعد أن قامت كنتها ” زوجة الابن ” بإهدائه إلى أخيها الصغير ، حيث قال هؤلاء ان مثل هذا التسجيل هو كشف لأسرار عائلية لا يجوز ، معاتبا في نفس الوقت من قام بنشره .
البعض الاخر ، من المتابعين أسقط قصة الشرشف على حال الأردن ، حيث اعتبر الشرشف هو الوطن الذي تم بيعه وإهداؤه لبعض المتنفذين وأصحاب الحظوة ، وصارت الكنة ترمز الى الفاسدين في الأردن والذين نهبوا الوطن ، والحجة هي المواطن الأردني الذي يطالب باسترداد حقه وعدم التفريط به ، واستعادة مقدرات ومؤسسات الوطن المنهوبة .

التسجيل الصوتي لم يعرف حتى الان أن كانت قصته حدثت في شمال الأردن ، أو في جنوب سوريا كون اللهجة متشابهة في التسجيل ، ولم يعرف أيضا وقت القصة ولا تاريخ حدوثها ، ولكن في ظل المطالبات الشعبية في الأردن بتغيير النهج ، وسياسات الحكومات المتعاقبة في الأردن بالتغول على جيب المواطن ، فقد أخذت القصة أبعادها الوطنية ، في حالة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي .
الأستاذ الدكتور حسين محادين ، استاذ علم الاجتماع في جامعة معان ، وفي اتصال هاتفي مع سواليف تحدث عن ما تناوله المواطنون من اسقاطات حول قصة الشرشف فقال :
من منظور علم النفس الاجتماعي..عندما يتعذر على الراي العام او الوجدان الشعبي المتوتر او المضغوط اصلا بسبب ما؛ ولا يستطيع التحدث عما يقلقه او يوجعه او حتى ما يرفضه مباشرة وبجرأة؛ يلجأ عادة الى الاحاديث الهامسة والآخذة في التصاعد جراء ضعف مساحة الحرية او غيرها من الاسباب.
إن هذا الوجدان الشعبوي يستثمر قلة منسوب الحرية والتعبير الصادق عبر إلتقاطه لقصص وحكايا تعبر بالتوازي عما يدور بداخله كجمهور و يخلق من مثل هذه القصص والسلوكات الشعبية رموزا متحركة الحضور بحيث تجمع بين السخرية والتهكم والوخز بما يُشعره ان نشر هذه القصص والتعابير هي الرد الحكاِئي الضمني على ما يعاني منه من مكبوتات فكرية سياسيه وعلاقات عائلية يتذمر منها نتيجة انعكاس قرارات هذه الاسرة المتنفذة او تلك على حياته كمجموع عربي او اردني مثلا .
لذا نجد ان اللجوء الى خلق وتوظيف قصة الشرشف “كحامل ومحمول لأوجاع” الجمهور وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهول ارقام تداولها ومشاهدتها؛ إنما تحمل معنى الشحن المضاد من ممارسات تلك المرأة بشرشفها الذي سيبقى مصدرا لابتزاز الجميع دون ان ينجح احد في حله بعد ان نسوا مضامين ودلالات العمرة الدينية الرحبه كما يفترض؛ واتجهت الام نحو عنوان دنيوي ورقمي هو رمزيا هنا الشرشف ليُصبح شرشفنا اسما حركيا للمرحلة وترقب مآلات الحل فيها ،او الانفكاك من إصرارها المغالب كأمراة ذهبت للعمرة في عائلة متدينه وانشغلت بالشرشف دون الاجر او حتى الحل في النهاية لتبقى حكايتنا مع الشرشف مفتوحة النهاية والاحتمالات..
اخيرا ان الوجدان الشعبي كشخص معنوي يشبهنا كافراد ومجاميع عاديين لذا يمكني الاجتهاد بأن الوجدان الشعبي ليس محايدا في تعاطيه مع قصة الشرشف ومصاحباتهما خصوصا خبثه في توظيفه الجيد واستثماره للميديا بحكم سعة انتشارها وكثرة تردادها كقصة على مسامع والسنة الكثيرين نظرا لما توفره الميديا من سعة انتشار وحرية تعبير هذه الايام
اخيرا…
الشرشف هو التعبير الرمزي المُتخيل والجمعي المتهكم لدى العموم تقريبا الذي يحاكي العلاقات الواهنه والمتقلبة بين افراد الاسرة عبر الشرف إذ ثمة اسقاطات فكرية وسلوكية تعبر عن هشاشة العلاقات الاجتماعية بين الام والابناء والكنة معا؛ فالحجة بدلالاتها القدسية كانت اقل اهمية من الشرشف الذي استقدم من السعودية ليتصدر مشهد وشراسة العلاقة بينهم انطلاقا من خطاب الام المتمرد والمتزمت ووصولا الى سعي الابن الدفاع عن زوجته باحثا عن اي حل ولم يفلح للآن فالقضية مفتوحة على التصعيد والاكثير من الاحتمالات الأخرى ايضا…

تعليقات كثيرة وفيديوهات تم تسجيلها حول قصة الشرشف ، رصدنا القليل منها :



اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى