#قرمز_ونقي

#قرمز_ونقي

رائد عبدالرحمن حجازي

المكان سوق الشماشير (البالة) , حيث الباعة قد افترشوا الأرض بأكوام من البضائع المختلفة مثل الملابس والأحذية وحتى الغيارات الداخلية . كُنا نتحين الفرصة لشراء ما نحتاجه وخصوصاً يوم السبت كونه بداية الأسبوع وموعد فتح البالات الجديدة من قِبل الباعة .
أذكر ذات يوم طلب منا أستاذ الرياضة شراء ملابس رياضية ومن ضمنها الحذاء , وكل من لا يلتزم بالزي الرياضي سيُحرم من اللعب في حصة الرياضة بالإضافة لعلامة متدنية في أخر الفصل . استجبنا لنداء الواجب واجتمعنا أنا وغالبية الطلاب يوم السبت وتوزعنا على البسطات الأرضية بحيث يتخذ الواحد منا مجبرا وضعية القرفصاء لتبدأ عملية التنبيش والتفتيش في الأكوام المترامية من حولنا , مع تعالي أصوات الباعة , فهذا ينادي ويقول : تع قرمز ونقي يا أبو العيال … بضاعتنا خيلة ما فيها مجال .
وأخر يقول : أي قطعة بربع نيرة … وإذا ما عجبك اخظ نيرة
وذاك يقول : قرب وجرب يا حباب … واكسي العيلة والأحباب … الخ
النتيجة اشتريت تي شيرت وبنطلون وحذاء لماركة رياضية عالمية وكانت التكلفة الكلية دينارين . وبذلك أكون قد ضمنت مشاركتي باللعب بحصص الرياضة المدرسية وكذلك ضمان علامة ممتازة في نهاية الفصل الدراسي .
ليس الحنين للماضي ما أثار ذكرياتي لسوق قرمز ونقي , بل تداعي الأمم على بلاد العرب هو ما أثار تلك الذكريات . لكن شتان ما بين الماضي والحاضر . فالماضي جميل وبسيط وخالي من الحقد والكراهية , فقد كان أكبر همنا هي حصة الرياضة . أما الحاضر مخيف ومظلم , فها هي الأمم تتداعى علينا من كل حدب وصوب ونحن مُنبطحين أرضاً وهم وقوفاً , يتقاذفوننا بأقدامهم ككرة القدم . حتى أنهم لم يُكلفوا خاطرهم بأخذ وضعية القرفصاء على مبدأ (قرمز ونقي ) .

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى