#سواليف
إعداد:محمد المشايخ
بعد سنوات طويلة من مواكبته لما تشهده #المدينة #المقدسة من اعتداءات و #انتهاكات #صهيونية يومية، وبعد سنوات من مطالعته كل ما كـُـتب وما يُـكتب حولها منذ فجر #التاريخ، وبعد سنوات من عمله مع اليونسكو ومساهمته في إبراز دلائل إثبات الحق الأردني في القدس، يُخضع د. #رياض_ياسين كل ما كاتبه المؤرخون والساسة وعلماء الدين حولها، لمشرحة البحث والتحليل والتدقيق، ويعيد صياغته، وفق حقائق التاريخ والقانون الدولي بكل تجرّد وموضوعية.
ويُثبت د.رياض عبر صفحات كتابه كلها، عروبة هذه المدينة الضاربة في القدم، ويؤكد على هويتها العربية الإسلامية، بعد تتبعه لكل المراحل التي مرت بها هذه الهوية عبر العصور، وبعد مطالعته لكل الآراء والروايات والمواقف المختلفة حولها، وبعد أن قدّم قراءة شاملة للتاريخ السياسي في #القدس منذ فجر التاريخ وحتى الآن، مبرزا الإجراءات الصهيونية الرامية لتهويدها وتزوير تاريخها وطرد سكانها.
لم يدحض د.رياض ياسين في كتابه هذا – الصادر عن مؤسسة القدس الدولية في بيروت الرواية- الصهيونية فحسب، بل أظهر مكانة القدس، وأهمية موقعها، وبحث عن عوامل الوحدة والعمل العربي المشترك لمواجهة الأخطار التي تهدد المدينة، مبرزا دورها في لقاء الحضارات، والسلم العالمي، وليثبت أنه الباحث الأقدر بين المؤرخين المعاصرين على الكتابة لقادة الدول وحكامها، وليكون في طليعة الباحثين العرب الموضوعيين، الذين يكتبون للعامة وللنخبة في آن، ليجعل منهم جميعا قادرين على محاججة الآخر، ودحض رواياته المزعومة، وممارساته الأحادية الجانب، متسلحا في كل ما يكتبه، بما في بطون عشرات المصادر والمراجع من حقائق، جامعا بين الروايات الدينية، ومعطيات علم الآثار، والتاريخ، منتقدا الدراسات التي تناولت مدينة القدس ووظفت الصراع عليها على أسس دينية وعقائدية، منكرة التاريخ السياسي للمدينة، دونما توثيق علمي أو تاريخي أو حضاري لشخصية المدينة التي تجاوزت المدن الأخرى في فرادتها وخصوصيتها، والتي لم تحظ مدينة بمثل ما حظيت به من اهتمام المجتمع الدولي بها، بسبب شخصيتها الدينية.
وتتبدى ثقافة د.رياض ياسين الموسوعية، لدى توقفه مطولا عند أسماء مدينة القدس عبر التاريخ، ليخلص إلى أن اسم”أورشليم”ليس دينيا، وإنما هو اسم له دلالة دنيوية حضارية أطلقه اليبوسيون(وهم بطن من الكنعانيين) على القدس، ثم اقتبسه اليهود بعد اقتحامهم المدينة، وأقحموه في توراتهم المشكوك في صحتها، بهدف إعطائه صبغة دينية تخصهم، وذلك بعد أن أكـّد أن القدس نشأت باعتبارها مدينة يبوسية كنعانية خالصة، لأن اليبوسيين هم بناتها الأولون، وهم من أصول عربية، وهم الذين أقاموا ملكا لأول مرة في التاريخ بعد خروجهم من جزيرة العرب عام2500قبل الميلاد، مؤكدا أن حكم اليهود للقدس لم يدم سوى73عاما طوال تاريخ المدينة الممتد لأكثر من خمسة آلاف سنة.
وتتبدى جرأة د.رياض ياسين، حين يؤكد أن الوضع القائم في القدس، يُظهر الدور التاريخي الأردني ضمن الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ويعلنها د.رياض صريحة أن استمرار الدور الأردني يقطع الطريق على حكومة الاحتلال في العبث بتراث مدينة القدس من خلال منظمة اليونسكو، علما أن مدينة القدس مسجلة على لوائح التراث العالمي لدى منظمة اليونسكو من قبل الحكومة الأردنية منذ عام1981، الأمر الذي ضمن المحافظة على شخصية المدينة من الناحيتين الثقافية والحضارية.
ويُعزز د.رياض آراءه ومواقفه بتقديم فصل خاص في كتابه تحت عنوان:القدس في القانون الدولي:إحاطة تاريخية سياسية، وفصل آخر بعنوان: القدس بين مشاريع التسوية والمواقف الدولية، مشيرا إلى أن إسرائيل تـُـعتبر وفقا لأحكام القانون الدولي قوة محتلة، قامت باحتلال القدس وباقي الأراضي العربية المحتلة بالقوة، ويـُـثبت أن القرارات الدولية كاملة التي تدين سياسة إسرائيل وممارساتها تجاه حقوق الإنسان ومقدساته.
ويتقدم أكثر في تاريخ القدس المعاصر حين يتحدث عن دور جدار الفصل العنصري، والاستيطان في تهويد المدينة، وف تدمير الكثير من المعالم التاريخية في القدس.
ويلمح القارئ عبر صفحات هذا الكتاب، دور د.رياض ياسين في التواصل مع وزارة الخارجية الأردنية واليونسكو لإدراج القدس على لائحة التراث العالمي، الأمر الذي ووفق عليه وتم تسجيل التراث الخاص بالقدس باسم الأردن عام 1981.
ويظل هذا الكتاب، بورقه الأنيق والمصقول، وعناوينه الرئيسية والفرعية الملونة، والمنتقاة بعناية، وبروح الشباب الوثـّابة الجريئة التي خط فيها المؤرخ والمفكر الدكتور رياض ياسين كتابه، بكل إطناب وتفصيل، إذ لا مجال لديه للاختصار أو التكثيف، وإحاطته كل موضوع تناوله فيه من كل جوانبه، يظل الوثيقة الأهم، التي تضع حدا للجدل العالمي المستند للرواية الصهيونية حول المدينة المقدسة، والذي يُبشر أيضا أن الاحتلال الحالي للقدس، سيكون كغيره من الاحتلالات التي خضعت لها المدينة وكانت إلى زوال.
يذكر أن الدكتور رياض ياسين، مؤرخ وأكاديميٌ وكاتبٌ تنويريٌ أردنيٌ، عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، وفي الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، حاصل على شهادة في العلوم السياسية ودكتوراه في التاريخ الثقافي، عمل محاضرا في الجامعة الأردنية، وجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا، و يعمل حاليا أستاذا مساعدا في كلية الآداب جامعة اليرموك، وهو مؤسس ومدير مركز إكليل للدراسات والاستشارات، وكان مساعد مدير الدراسات والإعلام في اللجنة الملكية لشؤون القدس 2002-2004، وكان أيضا مسؤول ملف القدس وتراثها الثقافي في اللجنة الوطنية لليونسكو في الأردن.وهو مُعد برامج وثائقية لقناة الجزيرة وتلفزيونART، وخبير في الشؤون الدولية في قنوات إخبارية عربية، وكاتب مقال سياسي في جريدة الرأي الأردنية الفترة بين 2004-2010، والعشرات من المقالات في الصحافة العربية والعالمية، صدر له العديد من الكتب، أهمها موجز تاريخ القدس عن اللجنة الملكية لشؤون القدس، وكتاب التكوين السياسي والتاريخي لمدينة القدس، وتاريخ القدس السياسي والحضاري، وهو مشارك في كتاب التراث الثقافي لمدينة القدس في المعاهدات والقانون الدولي الصادر في بيروت، شارك في عشرات المؤتمرات العربية والدولية في الأردن وأوربا والولايات المتحدة وأذربيجان، حصل على العديد من الجوائز نذكر منها جائزة أفضل مقالة عن القدس من قبل وزارة الثقافة الأردنية بمناسبة إعلان القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009، كما حصل على جائزة التقارب الثقافي للعام 2010 في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد حظي كتابه التكوين السياسي والتاريخي لمدينة القدس باهتمام عربي، حيث فاز بجائزة أحسن كتاب عن القدس في مهرجان زهرة المدائن بالقدس دورة 2021 ، كما حظي باهتمام محلي، حين استضافت دائرة المكتبة الوطنية(وزارة الثقافة الأردنية) بتاريخ 19/2/2022 الدكتور رياض ياسين في حفل إشهار لكتابه ” التكوين السياسي والتاريخي لمدينة القدس” والذي رعاه معالي الأستاذ محمد داودية، بمشاركة كل من الدكتور جورج طريف والدكتور لؤي بواعنة والمؤرخ د.رياض ياسين، وأدار الحفل كاتب هذه السطور.
وأقام مركز تعلم واعلم للأبحاث والدراسات في دار خطوط وظلال في جبل الحسين بتاريخ 4/10/2022ندوة عن الكتاب تحدث فيها مؤلفه المؤرخ د.رياض ياسين تحت عنوان القدس بين الماضي والحاضر، بإدارة أ.د.أحمد ماضي.