القتل بدم بارد
سهير جرادات
عندما نفقد في غضون أسبوع طفلتين ( لين وغنى ) لخطأ طبي تشخيصي للاعراض المرضية ذاتها لــــ( #الزائدة #الدودية ) ، التي تجرى عملياتها بالمنظار وتعد من #العمليات السهلة البسيطة ونسب نجاحهامرتفعة، ويترك التشخيص في خط الدفاع الأول ( #الطوارئ ) في #المستشفيات لمقيم سنة أولى جراحة…هذا يكون #قتل بدم #بارد
عندما تترك أجزاء من الجنين في احشاء امه التي لجأت لمستشفى خاص لاجراء عملية يومية نهارية ( تنظيفات ) ، وتفارق الحياة تاركة خلفها طفلين، وعندما يترك الطفل ( عثمان ) ذات الاحد عشر شهرا صائما لمدة 3 أيام ، دون دخول سوائل الى جسمه الهزيل ليفارق الحياة بعد إجراء عمليتين جراحيتين له ، وعندما يجري الطبيب عمليات ( تجميلة واجهاض ) في عيادتة في ظل غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة ونقابة الأطباء ، وعندما ( يقطع ) الاكسجين عن اقسام العناية الحثيثة …يكون هذا قتلا بدم بارد.
عندما يخون (الطبيب غير الكفؤ ) قسم أبو الأطباء ( قسم #ابوقراط ) ، الذي يقسمه #الأطباء قبل مزاولتهم لمهنة الطب ، والذي يعد ميثاق الشرف النقابي ، وأهم بنودة ” أن يراعي الله في مهنتة ، وأن يصون حياة الإنسان “… يكون قد أقسم على قتلنا بدم بارد
في ظل غياب التشريعات التي تحاسب الأطباء ، وفي ظل عدم تفعيل قانون المسؤولية الطبية و الصحية الذي اقر بعد سحبه من ديوان التشريع الذي بقي حبيس ادراجه لسنوات ( لاسباب مجهولة ) ، ورغم صدورة عام 2018 على ان يعمل به بعد تسعين يوما من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ، إلا أنه ما زال غير مفعل لغاية اليوم … ليصار الى تعطيل لجنة “المعايير الطبية والصحية” لاعتماد القواعد المهنية ، و” اللجنة الفنية العليا ” المخصصة للنظر في الشكاوى ، ونظام صندوق التأمين ضد أخطاء ، التي صدرت بمقتضى قانون المسؤولية الطبية الصحية… عند وضع القوانين ( مع وقف التنفيذ ) يكون هناك تصميم على قتلنا بدم بارد .
عندما تكون المشكلة في ندرة الكوادر الطبية والتمريضبة والإدارية ، وقلة الاسرة وكثرة الاكتضاضات ، وضعف الطاقة الاستيعابية للعناية الحثيثة في العديد من المستشفيات الحكومية ، وعندما تبلغ نسبة الوفاة في غرف الإنعاش (ثلث ) من يدخلونها حسب احصاءات وزارة الصحة … يكون ذلك قتل بدم بارد
عندما يتحول #الطب الى تجارة ، ويعين المسؤول على أساس (المكافأة ) وليس ( الكفاءة ) ، و تكون الواسطة والمحسوبية هي أساس الحصول على سرير ، وتلقي العلاج ، والحصول على الاعفاء الطبي ، وعندما تكون أغلب #علاجات #الامراض المزمنة (مفقودة ) في مستشفياتنا والمراكز الصحية الحكومية والمركز الوطني للسكري ، وتسعيرة الادوية مرتفعة ، وتفرض الحكومة (الضرائب ) على الدواء… عندها تدرك ان هذا هو ما يعرف بالقتل بدم بارد .
عندما يكون التأمين الحكومي ( الهرء ) أجباري ، ويدفع المواطن ولا يحصل على الخدمة المطلوبة ، يكون تأمينا للموت لا للشفاء ، وعندما لا يأخذ المواطن حقة في تلقي العلاج الكريم ، وفي الحصول على سرير في الصروح الطبية …فانهم يقتلوننا بدم بارد .
عندما يمضى ربع قرن على ما كشفه لنا وزير الصحة السابق عبد الرحيم ملحس اذ قال ان “غذاءنا ودواءنا فاسدان ” بعد فرض ” حيتان ” سيطرتهم على ادخال الفاسد من الغذاء والدواء على حساب صحة المواطنين ، ليدفع ثمن جرأته (بإقالته) من الوزارة على شكل قبل استقالته، وتبقى السيطرة ” للحيتان ” ، وعندما يتلقى رئيس اللجنة الصحية السابق في مجلس النواب رائد حجازين “تهديدات” لمناصرته لمشروع قانون قانون الغذاء والدواء وفرض عقوبات مشددة على المستوردين .. نكون ما زلنا نراوح مكاننا ونفسح المجال ” للحيتان ” لقتلنا بدم بارد.
أتدرون ما القتل بدم بارد ؟!… عندما تثق الطفلة بوالدها الذي تعده بطلها الخارق ، فهو الوحيد القادر بنظرها على ان ينزل نجوم السماء لتلعب بها صغيرته !.. وعندما يضع الاب ثقته بطبيب لا يتقي الله، ويخون الأمانة التي اقسم على صونها ، ليشخص خطأ ويرتكب الأخطاء القاتلة … يكون هذا ما يعرف بممارسة القتل ( غير المقصود ) بدم بارد