لم استوعب صدمتي عندما بادرتني ابنتي ” أسيل ” وهي تقول لي , ابي شــــــــــــــــــــــــــــكوتك لجدتي , والسبب انني لم اذهب لقبرها منــــذ فترة , اعتادت ابنتي ان تذهب لقبر جدتها بشكل مستمر وتتحدث معها بأريحية , قبرها امامي ودائما اوجه نظري وقلبي لها وارفع يدي لله تـــــــــــعالى ان يكون الفردوس الأعلى مسكنها , ولا تبعد عن بيتي فقط عشرات الأمتار .تعرف ابنتي مدى تعلقي بوالدتي وخاصــة قبل وفاتها وكم تعبت حزنا عليها , لكن تستغرب انني اغيب عن قبرها بعض الاحيان لهذا وجهت لي ضربة اعادت لي توازني بسؤالها .
يسبر بنا الزمن نحو دروب لا نبتغي ان نصل لها , لكن هي الحياة وقوتها تكون تابع لها ولا يكون لك سلطة على تفاصيلها , قبل اشهر كنت بالمقبرة ازورها واتحدث معها واذ بشخص غريب عن المنطقة يبحث عن عامل من اجل تجهيز قبر والده الذي توفى في المنطقة وكانت وصيته ان يدفن في هذه المقبرة , تستغرب من حديثه منذ توفى والده لم يقم اي فرد من الاسرة بزيارة قبره بحجة بعده عن سكنهم , فقط هو من يسعى ان يضيف بعض الترتيبات لقبره , هنا تعي كم هو مؤلم الحال الذي وصلنا له , أيعقل غاب عنا ما فعله والدينا واصبحنا خارج الطبيعي والمعقول ؟ .
لم تعد الحياة تمنحنا ما نريد , على العكس اصبحت تزيدنا تعبا وقلقا, تكون شارد الذهن وبعيدا عن محيطك لهذا تتخبط في مسيرك وقراراتك وتغمس نفسك بمهاترات تزيد من وجعك , نحتاج ان نكون حيث يكون الهدوء والسكينة وقد تجدها وانا على يقين قرب قبر والدك او والدتك وانت تذهب بك الذاكرة لتفاصيل مشوار حياتك معهما , كيف كان صوتهم وأوامرهم وخوفهم وشدتهم لأجلك , تتذكر منذ اليوم الاول فقط والديك دائما الى جانبك ويهمهم ان تسلك مسالك الراحة ولو على حسابهم وتعبهم , سكينة وروحانية تبث في أوصالك حنين يغسل ما علق بروحك , كثيرا ادخل في ندما حارق عندما ادرك انشغالي عنهم بالوظيفة او امورا اخرى وكيف لم استغل كل الوقت وانا بقربهم .
والله من يمتلك الان أما او أبا هو في خيرا سيدركه ويعرف قيمته بعد فقدانهما , بعضهم يغيب سنوات لا يزور قبر والده او والدته ويتحجج بمشاغل الحياة , كم مخطئ هذا الشخص , لو يدرك الاستفادة من جلوسه بالقرب من قبرهما وما يمنحهما هذا الجلوس من راحة وغسيل من شوائب هذا الزمن , الجانب المضيء والمعين لنا هو ذكرياتنا معهم وحلاوة العيش كانت بقريهم , لهذا لنستمر في الدعاء لهم وزيارة قبورهم لنبقى في خير دائم لنا ولهم .
ناجح عبدالفتاح الصوالحة
