قانون الجياع رقم 6

قانون الجياع رقم 6
د. خولة المغربي
قيل أن صحة المواطن هي أولاً، ولكن اتضح أن جيبة المواطن هي أولاً، وقيل لا لسياسة القطيع، واتضح أن نعم لسياسة التجويع، إن القانون الذي أعطى الضوء الأخضر للأغنياء أن يزدادوا غنىً وبطراً وظلماً، للموظفين والعمّال الغلابى، جاء فوق قانون الإنسانية والأخلاق وحقوق المواطن والعمّال، وكأنهم يحتاجون من يبرر لهم استغلالهم وشجعهم، الذي هو متأصلّ في سلوكهم ونمط حياتهم، ولا يحتاج من يلهب سعيره.

مساكينن نحن، وكأن ” ليس في الجيش غير خلف”، المواطن هو جمل المحامل، وها هي الحكومة الرشيدة لا تفوّت فرصة، لاستنزافه وكأنه بقرة حلوب، ألا فاعلمي أيتها الحكومة، أن الضروع قد جفت، والسنوات كانت عجافاً ، والقادمات منهن سَيكُنَّ كحذاء الطنبوري، بل هنَّ منه أسوأ، فالخبز فقد أفواه الجياع، بعد رفع الدَّعم عنه، والحلّ لن يكون عند ماري إنطوانيت، فالفقراء يعتمدون على الخبز، ولو كان حافّاً، وهو لا يكفيهم حتى مع الدَّعم، فيلجأون إلى حاويات القمامة في أحياء الأغنياء، ويجمعونه مع ما تيسر من بقايا الطعام، الذي جحده أصحاب النعم، أما الآن فلا يستطيعون الخروج والسير إلى هناك، فهي بعيدة، وأصبحت لقمتهم أكثر بُعداً وصعبة المنال، هل هو عام الرمادة في القرن الواحد والعشرين، وهل سيتم دفع المواطن قسراً لسرق رغيف الخبز؟

إن تشريع قانونية تخفيض الراتب بنسبة 30%، بالاتفاق مع العامل وبإرادته الحرّة، مهزلة وأية مهزلة، فمنذا الذي سيوافق على ذلك، ليس في الأردن فقط، بل وفي أرجاء العالم كله، أي استخفاف بعقولنا هذا، ومن قال للحكومة الموقرة أن صاحب المنشأة، ولو كان ملاكاً طاهراً ومُعَمّماً، سيستأذن موافقة الموظف على ذلك، ناهيك عن تخفيض الراتب 60%، فماذا سيتبقى من فُتات الراتب.

إن هذا التشريع سكين في حلوقنا، فلا نحن نستطيع ابتلاعه، ولا نحن نستطيع انتزاعه.

لماذا لا يتم التغوّل على أثرياء الوباء، من مصانع الكمامات والقفازات التي تمّ افتتاحها في بدايته، وتجار المنظفات ومواد التعقيم، والفاين ومنتجاته، وتجار الأدوية والمسكّنات وموازين الحرارة، وتجار الجملة للخضار الذين استغلوا عرق الفلاحين الكادحين، وغيرهم ممن ركبوا موجة الوباء، واحتكروا وتحكموا في الأسعار، وتاجروا في السوق السوداء، على حساب المعذبين في الأرض.

أشدّ ما أخشاه أن يداهمنا وقت، لا تنفع فيه موسيقى بيتهوفن، ولا خراطيم المياه، للسيطرة على تداعيات هذه القوانين المجحفة الأحادية التفكير، بصرف النظر عن العواقب، ولما كان الجوع أب الثورات، فحذارِ حذارِ من ثورة الجياع.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى