قاطع يا حبيبي وارجع

قاطع يا حبيبي وارجع
يوسف غيشان

جاء الناس إلى عمر بن الخطاب وقالوا: غلاء اللحم فسعّره لنا.

فقال: أرخصوه أنتم؟

فقالوا :نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة فتقول :أرخصوه أنتم ؟ وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟

مقالات ذات صلة

قال عمر: اتركوه لهم.

ربما تكون هذه أول دعوة لمقاطعة البضائع في الإسلام، وهي دعوة جائزة شرعا حتى لو كان السادة التجار من عتاة المؤمنين.

أما من ناحية أخرى، فإن أفضل سلاح لمكافحة الاستغلال وكبح جماح الأسعار وإيقاف طمع التجار عند حده أيضا…هو سلاح المقاطعة.

كما ان السخرية هي سلاح الضعفاء، فإن المقاطعة هي سلاح الفقراء وأنصاف الفقراء الذين هم أساس حركة السوق، وأساس عملية الاستهلاك…فإذا تمكن هؤلاء من تنظيم أنفسهم في الحدود الدنيا فإنهم يستطيعون ان يصنعوا المعجزات، وتتساقط تحت أقدامهم الحجج التافهة التي تقول بأن الدولار انخفض واليورو ارتفع، التي يستخدمونها أيضا إذا انخفض اليورو وارتفع الدولار، وكان سادتنا التجار يبحثون عن السعر الأعلى لذات المادة عشان سواد عيوننا، ناهيك عن قصة ارتفاع أجور النقل بسبب الكورونا.

اعترف بأننا شعب فردي، ونحن نتذكر قصة البخلاء الذين قرروا ان يضعوا لبنا في زير كبير حتى يشرب منه الحجاج المارين بقريتهم، واتفقوا ان كل واحد من أهل القرية يضع كوبا من الماء.

المهم في الصباح تبين ان الجرة مليانة بالماء لأن كل واحد من أبناء القرية قال في نفسه: بما ان الآخرين سيضعون لبنا فسوف أضع ماء دون ان يلاحظ أحد!!

المشكلة ان الجميع فكروا بذات الطريقة.

إذا أردنا ان نتخلص من جشع التجار فإن علينا ان نتخلص من فرديتنا ونفكر ولو لمرة واحدة منذ قرون بشكل جماعي ونمارس فعلا احتجاجيا جماعيا…. هذه قضية بسيطة نستطيع الشروع بها. أما ان لم نستطع فلنقرأ الفاتحة علينا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى