#في_المعصرة

#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي

من كتابي (شذرات من التراث) والذي أشهرته تحت رعاية الرجل الإنسان #الكاتب_أحمد_حسن_الزعبي فك الله كربته

#في_المعصرة

بعد أن أنتهى مثقال وعائلته من فراط الزيتون ها هم يتوجهوا للمعصرة الحديثة حيث دارت بعض الأحداث التي ربما مرت معكم أو أنكم تعايشونها هذه الأيام . فمن مشادّة كلامية بين مثقال والمقحمش وحوار ساخن بين زريفة وكنتها سليمة بالإضافة لبعض الأحداث الطريفة . أترككم مع القصة راجياً أن تنال إعجابكم أعزائي

مقالات ذات صلة

في المعصرة

صوت تراكتور زيدان يهدُر مُقترباً جاراً خلفه الترولة (الترولة هي عبارة عن صندوق سيارة شحن قديمة كانت تُشبك خلف التراكتور) ومعه ابنه أنور الأهتر يجلس على ميمنة والده على جناح العجل الكبير .

الجميع سيذهب للمعصرة وهم في شوق لمشاهدة عملية العصر على الطريقة الحديثة , وضعت شوالات الزيتون في الترولة وصعد المختار وجماعته للترولة بإستثناء حفيده محسن الذي اتخذ من الجناح الأيسر لعجل التراكتور مقعداً له بناءً على طلب من صديقه أنور .

عند الوصول صاح زيدان ليعلو صوته على صوت محرك التراكتور قائلاً : يا مختار أُحدروا من الترولة و خليني أرجع ليفرس (ريفرس) مِشان أطيِّحلكوا الشوالات باب الجُرن .

يترجل الجميع ، وهنا يهرع مفضي (المقحمش) عندما شاهد زيدان يرجع بالتراكتور مقترباً من جُرن المعصرة ظاناً أن مثقال سيتجاوز الدور وصاح قائلاً : أبو طايل الله يرظى عليك لا تسويلناش شلشة بالمعصرة حُط زيتوناتك على الدور وبلاش تخلينا نزعل من بعظ . فيرد مثقال غاضباً : ولك يا أبو انياع امصفقة من أميت أنا بوخظ دور الناس ها ولك يا مقحمش . فعلاً إنك ما بتستحي . وهنا يتدخل أبو محمد فيقول : وحدوا الله يا جماعة وصلوا على الرسول هي طارت الدنيا , يا أبو طايل تشان بدك دوري أُخظو وعليها جيرة الله ما بزعل . فيرد مثقال : الله يبارك فيك يا أبو محمد والله غير تُعصروا كل واحد بدوره .

أثناء الإنتظار تدور الأحاديث حول جودة الزيتون وكمية الزيت وكم هو متعب جمع المحصول ، فها هو عبود يقول ترى زيتي ما في منه بالديرة كُلها , وإنتوا بتعرفوا هاظ الحتشي من أيام معصرة القفاف , ليرد عليه أبو محمد وإنت الصادق قول زيتي أني الأحسن لأنه بعل مش مثل زيتك نُصه مي من كُثر ما بتدلعب عليهن مي طول السنة , فيقول مثقال بتعرفوا إنه زيتي بطلع كل سنة تقول إنه سمن صافي . وهكذا يستمر الحوار على مقولة ( ما حدى بقول عن زيته عِكر ) .

في المقابل زريفة وصديقاتُها يتبادلن أطراف الحديث . زريفة تقول : إن شاء الله الموسم يطلع غِلال , فتقول أم محمد ومن باب الإستعراض بجودة زيتونهم : والله يا خيتي يا زريفة إحنا الزيت كل سنة بِطلع أحسن من اللي قبلها ، فتُقاطعها قُطنة قائلة : ها لويش دخلتش هو باقي زيتونكوا غير عن زيتونات هالعالم ؟ فتُجيبُها موزة من باب السُخرية : لعاد تشيف مهو زيتونهم (زيتون مزتن) . لتتعالى ضَحِكاتُهن , وهنا تقول زريفة : الله يعطينا خير هالظحك ويهدي البال .لتلتفت لسليمة قائلة : هو يا عمتي جيبي هالتُرمسة (البكرج) وإعرظي علينا شاي .

إقترب دور عصر زيتونات مثقال حيث أخذ إشارة البدء من مفضي المقحمش الذي انهى للتو من وضع زيتونه في الجُرن وهو يضحك محاولاً إسترضاء مثقال وقال: بالله عليك يا أبو طايل تسامحني تراني من امسات ما غمظ لي جفن والله ماني مصدق اميت اروّح . ردَ عليه مثقال : بسيطة يا مفظي صار خير اللهم اخزيك يا شيطان . تعانقا وكما يُقال : عادت المياه لمجاريها.

محسن وأنور يتنقلا بين أجزاء المعصرة وهم في اندهاش شديد مما يشاهدون . فها هو أنور يقول لمحسن : محتن لد داي توف تلون الديتون تار … تدول انه خبيتة . ما قاله أنور : ( محسن لد جاي شوف شلون الزيتون صار … تقول انه خبيصة …. يرد عليه محسن : لد غاد بي مزراب بنزل منه الزيت تعال تا نروح ونتفرج عليه .

أما زريفة نادت تشنتها سليمة قائلة : سليمة تعالي جاي تا نقعد عِند المزراب وجيبي القلانة معتش . ومع نُزول أول قطرات الزيت في حوض المزراب إنفرجت سريرة زريفة وهي تقول بسم الله ما شاء الله وتُكررها مِراراً وتِكراراً مع مد إصبع الشاهد ليقطع خط الزيت ليتم تذوقُه , ثم التفتت بنظرها لترى سليمة مُنبهِرة بمنظر الزيت ولونهُ , فعاجلتها زريفة قائلة : ولتش ما تصلِ عالنبي الله يهدمتش ديري وجهتش غاد لا تصيبيهن بالعين هو مال سايب …. فقالت سليمة : عليه أفضل الصلاة والسلام مالتش يا عمتي ول شو السيرة هو أني باقية وحدة غريبة مهو أني تعبت فيهن قد قديش يا عمتي الله يسامحتش … فترد عليها زريفة قائلة وبغضب : أي جيبي هالقلان وخلصينا هسع وقت مجالقة حتشي يُهدم ديار اهلتش .

تتم العملية بِنجاح وكُل مُجتهد قد أخذَ نصيبهُ فرِحاً مُستبشِراً ليعودوا لعمل آخر مثل التقنيب وتجهيز التربة للموسم القادم وتخزين الزيت .

صحيح أن التُربة نفسُها ونوع الزيتون واحد والمعصرة ذاتُها التي تم العصر بها للجميع . إلا أنهم كانوا يحصلوا على الزيت بمختلف الأنواع والأشكال , فهذا زيته أخضر وهذا مثل السمن وذاك زيتونه زيتون مزتَّن وهكذا … المُنتَج مُتنوع وبعدة نكَهَات … إلا أن الجميع غادروا المعصرة بِحب وود ومرح مُستبشرين بمَا أنعم الله عليهم حامدين شاكرين .

يا ريت لو في معصرة للبشر بحيث تُفرز لنا الحرامي والسرسري وتَكبهُم من برا لبرا مع الزيبار , وتخليلنا الشريف والعفيف بجُرن الزيت .

نسيت احتشيلكوا ترى زيتهم كُله مثل بعضُه لا تردوا عليهم .

#رائد_عبدالرحمن_حجازي

رائد عبدالرحمن حجازي

رائد عبد الرحمن حجازي

raidhijazi.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى