#في_الصميم
د. #هاشم_غرايبه
ربما لم يشهد التاريخ ظلما واضطهادا حل بمنطقة كالتي واجهها قطاع غزة، كل من عانوا مثل ذلك غيرها كان لهم أعداء متجبرون ظالمون، لكن كان لهم من مجاوريهم متعاطفون يناصرونهم ويدعمونهم إلى أن زال عنهم ذلك الظلم.
أما أهل تلك البقعة فقد أجتمع على ظلمهم الجميع: أعداؤهم الطامعون (اليهود)، مع بني جلدتهم المستسلمون للعدو (السلطة الفلسطينية) مع مجاوريهم من بني قومهم المتآمرين (النظام المصري)، وسكت عن كل ذلك بنو أمتهم الخانعون (الأنظمة العربية).
هذا الظلم الرباعي لو اجتمع على أهل بلد لخر راكعا مستسلما، لكنه لم يؤثر في أهل غزة، ورفضوا الخنوع.
ذلك الصمود الأسطوري لم يكن لأنهم من طينة مختلفة عن البشر، بل للعزيمة الجبارة التي ينتجها الإيمان بالعقيدة الإسلامية، فينتج عزيمة لا تقهر.
تاريخيا لم يرَ أهل غزة نعيما ولا استقرارا يوما، منذ حل بأرضهم الطاعون (الإحتلال الصهيوني)، فهم مثل باقي أهل فلسطين تعرضوا الى أقسى الممارسات العدوانية بهدف إرهابهم وترك أرضهم للغزاة الأوروبيين الذين يدينون باليهودية، لكن ظل قطاع غزة تحت إدارة مصر مثلما ظلت الضفة الغربية والقدس تحت إدارة الأردن، الى حين ترعرع الكيان اللقيط وبلغ أشده، فتسلمهما بطريقة مسرحية سميت نكسة عام 67.
ولما كان لا زال من الصعب على هذا الكيان السيطرة الأمنية على هاتين المنطقتين، بسبب أنهما مكتظتان بالسكان وجميعهم فلسطينيين، ويحتاج زرعهما بالمستعمرين اليهود وقتا طويلا، لذا كان الحل بمعاهدة أوسلو، كمرحلة مؤقتة لضبط الأمن في المنطقتين بأيدي فلسطينية، ولذلك تم إنشاء السلطة الفلسطينية، وظيفتها الأولى منع تشكل مقاومة مسلحة، والتجسس على من لديهم هذه التوجهات لإبلاغ سلطات الإحتلال بتحركاتهم ونواياهم.
أعجب الغرب بهذه الفكرة الشيطانية، فقام بإغداق الدعم لرجال السلطة، حتى بات الفساد فيها من أعلى النسب في العالم، لكن الهيئات الدولية غضت الطرف عن ذلك، لأن خدماتهم للكيان اللقيط لا تقدر بثمن.
وهكذا بدأت حركة الإستيطان في سباق مع الزمن، الغرب يقدم الدعم المالي مترافقا مع رفض كلامي كاذب له، والأنظمة العربية شاركت بالمؤامرة من جانبها بتقديم الخطة العربية لحل الدولتين، كفكرة خيالية لا تستند على خطة بل على فكرة المفاوضات العبثية بلا جدول ولا أفق معروف، وهذه سميت عملية السلام كملهاة للشعوب العربية إلى حين استكمال ابتلاع كامل الأرض الفلسطينية بلا فلسطينيين.
ما أفشل النوم الهنيء للأنظمة العربية (بما فيها السلطة الفلسطينية)، هم أهل غزة وروحهم الجهادية، فقد جعلوا المستعمرات الصهيونية جحيما لا يطاق، مما أجبرهم على الإنسحاب منها عام 2005.
نتيجة لذلك حملوا سلطة رام الله مسؤولية ضبط المقاومة المسلحة في غزة التي لم يتمكن الصهاينة ذاتهم من ضبطها، ولتمكينها فقد أجريت انتخابات في المنطقتين، فكانت المفاجأة أن حركة المقاومة الإسلامية حققت فوزا ساحقا وشكلت حكومة وقف ضدها الحلف الرباعي، وقام عباس بإقالتها، ورغم أن ولايته منتهية فقد اعترفوا به ورفضوا الحكومة المنتخبة، لكن الشعب حماها وأصر على بقائها، فأطلقوا عليها تحريضا وإرصادا: حكومة حماس.
منذ ذلك اليوم تم تشديد الحصار عليها، وأغلق المتنفس الوحيد من جهة مصر، ولم يتوقف حصار نظام مبارك إلا خلال السنة التي تسلم فيها مرسي الحكم، ثم أعاده السيسي بأشد من ذي قبل، وسيج الجدار الفاصل بشكل منيع، ليسجل التاريخ الخزي والعار للعربان، كون حصار العدو أرحم من حصارهم، كل ذلك لأن شعبها اختار المقاومة فوقف الخائنون لأمتهم في صف الأعداء ضدهم.
هكذا إرادة الله، فقد حاصر أعداء الإسلام بني هاشم في شعب أبي طالب، من أجل أن يتخلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصبروا وما استكانوا، فنصرهم الله وكان هذا الدين الذين يدافع عنه أهل غزة هاشم الآن.
وسينصرهم الله ولو تكالب عليهم الأعداء..هذا وعد الله، ولن يخلف وعده.