د. #هاشم_غرايبه
رغم أن الرئيس العراقي السابق “برهم صالح” كان أعلن عن #سرقة أكثر من 150 مليار دولار من #أموال_العراق،
إلا أن ما أعلنته هيئة الضرائب العراقية مؤخراً عن اكتشاف تحويلات مالية الى خمس شركات خاصة مؤسسة حديثا بأكثر من 2.5 مليار دولار من أموال الهيئة بلا وجه حق، بالتواطؤ مع جهات متنفذة في وزارة المالية، يجعلها تصنف #أكبر_سرقة في تاريخ العالم.
ما أنهك بلدا كالعراق كان الأقوى اقتصاديا في المنطقة هو #الفساد، وزيادة على السرقات المباشرة، فإن طبيعة النظام الطائفي الحاكم (الذي أنشأته أمريكا بعد احتلالها العراق)، أتاح لقادة الكتل السياسية إنشاء هيئات اقتصادية تقوم بالسيطرة على المشاريع في الوزارات التابعة لها، وإحالتها لرجال أعمال تابعين لهم، مما أضاع على العراق أكثر من 190 مليار دولار منذ العام 2003 وحتى الآن، عبر المشاريع الصورية التي لم تنجز، وبلغت 7055 مشروعا.
حوّل فساد هذا النظام العراق من أغنى البلدان في المنطقة الى أكثرها فقرا، إذ أن 11 مليونا من مواطنيه يصنفون كفقراء، أي 25 % من السكان، ولا تقدم الحكومة المساعدة إلا لثلاثة ملايين منهم بسبب نقص المخصصات.
لا شك أن المواطنين العراقيون جميعهم يحسون بوطأة الظروف القاسية، ولكن من يجرؤون على الترحم على أيام النظام السياسي السابق قلة، بسبب غلبة التعصب الطائفي، والذي كان السبب الأول في سرعة سقوط العراق بيد الأمريكان.
فقد عمل هذا التعصب على تصوير النظام السابق على أنه يغمط الشيعة حقوقهم، مع أن الجميع يعلم أنه كان علمانيا وليس سُنيا، وما كان لديه من إهمال فقد كان لدور للدين بعمومه وليس لطائفة محددة.
من ذلك نفهم لماذا يُسعر الاستعمار دائما النعرات التعصبية ويحارب توحد الأمة تحت راية الدين الواحد.
لو استعدنا التاريخ الحديث للأمة، سنجد دائما فشلا ذريعا لكل الأنظمة في تحقيق ازدهار أقطارها، ليس مرده قطعا نقص الثروات ولا الموارد البشرية، فلا تقل الموارد الطبيعية لأي قطر عربي عن موارد أي قطر أوروبي، بل هي بالمجمل العام أكثر، وشعبه لا يقل تقبلا للعلم والتقنية عن الأوروبيين، بدليل أنهم عندما ينتقلون الى الغرب يتفوقون بل ويبدعون.
لو تفحصنا الظروف لكل قطر، لوجدنا مصادفة غريبة، وهي أنه دائما هنالك ارتباط بين الفشل والفساد من جهة وبين عداء النظام لمنهج الله، لأن أولياء أمور الأنظمة (الغرب) يغضون الطرف عن فساد النظام وقمعه، إن استهدف منهج الله، خوفا من عودة الأمة الى وحدتها الإسلامية.
وسنجد بذلك تفسيرا لتحول أكبر الأقطار العربية وأغناها الى دول فاشلة.
الجزائر التي كانت دولة مانحة وتقدم المساعدة للدول الشقيقة، عندما استشرى الفساد لدى الطبقة العلمانية الحاكمة وتحرك الشعب مستنجدا بعقيدته، شجع الغرب قمعها الوحشي في العشرية السوداء، فخربت الديار، وجعلت البلاد تستجدي القروض.
مصر التي أنهكها فشلا، استثمار الطغمة الحاكمة المزمن في العسكر، فثار الشعب مستنجدا بعقيدته، عندها تحالفت القوى المعادية لمنهج الله لقمعه وإعادته لما كان عليه، فأنشأت حركة “تمرد” بحجة أن الإسلاميين سيفشلون في حل مشكلات مصر، فرأينا الفشل يعود بصورة أوسع، ولم تصدر من أولئك “المتمردين” أية نأمة.
في سوريا التي كانت ناجحة اقتصاديا بفضل تاريخ شعبها التجاري العريق، عندما طالب شعبها نظامه الطائفي المستبد ببعض الإصلاحات مستنجدا بعقيدته، سارعت القوى المعادية لمنهج الله لدعم النظام لقمع المحتجين، وسكتت عن كل فظائعه، مما قطع أوصال المجتمع وأعاد اقتصاده الى الخلف عدة قرون.
وأما في العراق، فلم ينجح المحتل الأمريكي الباغي بقوته في إدامة احتلاله، فلجأ الى إدامة الفشل والتخلف بالإفقار، بأن فرض نظاما سياسيا مرتهنا لإيران، التي تقاطعت مصلحتها معه في هذه النقطة، فكان نظاما ناهبا لم يبق أخضرا ولا يابس، وما يمنع مساءلتهم غير احتماؤهم بعباءة الفقيه في قم.
ها قد مر عقدان من السنين .. أما آن لتلك العقول الساذجة التي أسكرتها بداية نشوة التخلص من صدام، أن تتساءل: ماذا استفاد المواطن الشيعي المسحوق فقرا من كون الحاكم شيعيا وليس سنيا؟.
أما آن لهؤلاء أن يفيقوا ويعلموا أن التعصب الطائفي لن يحقق مصلحة الوطن، بل مصلحة لبضعة متاجرين بعواطف الدهماء؟.