في غزة.. تهجير بلا إعلان والموت على مراحل

#سواليف

في #غزة، لم تعد مشاهد #النزوح ترتبط فقط بالقصف المباشر أو #الانفجارات المفاجئة، بل باتت #مشاهد #الرحيل تتم بهدوء قاتل، و #تهجير بطيء، ينسج خيوطه يومًا بعد يوم، يدفع الناس للفرار دون أن يطلق رصاصة، وتفرغ الأحياء من سكانها كما تُفرغ الروح من الجسد.

يُغادر #الغزيون ما تبقى من بيوتهم وخيامهم مجبرين، لا لأنها انهارت، بل لأن الحياة داخلها أضحت مستحيلة: فلا كهرباء، ولا ماء، لا طعام، لا دواء، ليترك ما تبقى له من حياة. حاملا أطفاله ووجعه نحو المجهول، ليبدأ حياة عنوانها “اللجوء داخل وطنه”، فما يجري خنقًا ممنهجًا، حيث تتحول الخدمات الأساسية إلى أدوات تهجير، والمدينة إلى عبء على أهلها.

في وجهٍ جديد للنكبة، حيث لا طوابير ولا شاحنات إعانة، بل ضغوط معيشية مستمرة تدفع الناس للرحيل من تلقاء أنفسهم، تاركين أرضًا وبيوتًا وذكريات، ليُعاد رسم الخريطة السكانية على هوى الاحتلال.

مشاهد النسف المتكررة للمربعات السكنية أصبحت جزءًا من الروتين اليومي في غزة، حيث تُستخدم الجرافات والمتفجرات لتدمير أحياء بأكملها، لا تقتصر فقط على تلك التي يحدث فيها الاشتباك بل تطال أحياء سكنية خالصة، وذلك ضمن استراتيجية أوسع لتغيير التركيبة السكانية، وتجميع النازحين في مناطق ضيقة بالقطاع.

يقول الغزي محمد صافي: “أبلغونا بالمغادرة خلال دقائق، ولاحقًا عرفنا أن جيش الاحتلال نسف البيوت واحدًا تلو الآخر، حتى تمكن من مسح بلدة بيت حانون بالكامل”.

ويضيف صافي في مع مراسلة “قدس برس”: “لم يكن هناك أي مبرر لما يفعلونه، كل ما في الأمر أننا حاولنا أن نحيا رغم الموت المحيط بنا”.

ويتابع، “هدف الاحتلال واضح، يكمن في تدمير معالم الحياة وتهجيرنا ومن ثم تفريغ بلدتنا بالكامل، لينتهي بنا الحال في خيمة لا تصلح لحياة إنسان غرب مدينة غزة”.

لا يبدو الحال مختلفا في شرق مدينة غزة، حيث يعمد الاحتلال لتفريغ المنطقة من أهلها بتهحير بيوتها بيتا بيتا، ليعيش سكانها ظروفا إنسانية صعبة في خيام النزوح العشوائية قرب شاطئ بحر غزة.

وتقول أم محمد النجار وهي تجلس على باب خيمة تم صناعتها من أسمال بالية وأخشاب: “كنا في بيت العائلة، فجأة جاءنا إنذار عبر مكبرات الصوت من المسيرات الإسرائيلية، وبعد أن غادرنا لم نعد نسمع سوى أصوات التفجيرات ليلًا ونهارًا”.

وتضيف متحدثة لمراسلتنا: “ما يحدث لم يكن قصفًا عشوائيًا، بل قرار سياسي واضح بإزالتنا من الأرض، نحن اليوم محشورون في خيام، ننتظر الماء والطعام، لا كهرباء، لا دواء، لا حمامات، لا شيء، إنها خطوة أولى لتهجير أكبر”.

ويتابع، “الخوف ليس من الموت، بل من أن يُمحى وجودنا كأننا لم نكن الاحتلال يريد أن يُفرغ غزة، بيتًا بيتًا، حيًا حيًا، حتى لا يبقى لأحد شيء يتمسك به”.

ويعيش ما يزيد عن مليون غزّي، بلا مأوى في مخيمات غير مجهزة على طول الساحل الغربي للقطاع، حيث تعاني هذه المخيمات من انعدام شبه تام لمقومات الحياة، وسط تحذيرات من تفشي الأمراض والجوع.

المصدر
قدس برس
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى