في ذكرى وفاة ٱخي شهيد الواجب / ماجدة بني هاني

في ذكرى وفاة ٱخي شهيد الواجب ..

أول القول …..وٱخره

حبيبي…

يا أول القول وٱخر القول … أطالع نجمك الغائب في كبد السماء ، تلوح في الأفق أمال ونجمات شاردة ، ورؤى حالمة تخاطب القمر كعادتها…
حبيبي .. غاض ماء القلب ،وجف دمع العين وتجمدت العروق ،وما في الشفاه الا حروف ذابلة وكلمات موؤدة ،ومقالات لا تتعدى الحنجرة … عالقة بين الصمت والبوح ، بين الوهم والواقع … كلمات تشبه الرصاصة الصائبة حين تستقر في عمق الفؤٱد…

مقالات ذات صلة

ياااسر ….

وأي أخ وأي أب وأي حبيب يجاريك !؟
أي بهاء في هذه الدنيا يحاكيك ، يا قضاء مضى ،وطفلا قضى وما زال يكبر في قلبي شيئا فشيئا … حتى صار في الخمسين .

من قال أن ساكن القلب يرحل …
ومن قال أن فلذات الأرواح تموت …..تزول أجسادهم ،نعم،وتبلى العظام، ويتقاسم الناس أشياءهم ،لكن تظل أزوالهم أعباء مثقلة بالوجع وغصة الذكرى ،ومسؤولية الذاكرة التي تخاف الفناء ،وتأبى الذبول..
وظلت مملكتك يا حبيبي ، يا صغيري في فؤادي عامرة ، وحكاية زوجاتك الأربعة وصباحاتهن الممتلئة بالغيرة والصخب ، وأبناؤك العشرين ،على يدي هدهدت أماسيهم ،وخضبت كفوفهم في مواسم الفرح وصوافي الحصاد، ومضافتك ،و قهوتك ودلالها ، صدر البيت والحفاوة ، واسط البيت الشاهق ،صوتك الجهوري فيه، عزك وجمالك ، سطوتك ورقتك معا ….. والعيد وطفولتنا ….

وتحملني ذكرى تلك العرافة التي جاءت الينا ،يومها جلسنا تحت الزيتونة العتيقة ،في ركن حاكورة البيت ،وكانت والدتنا ما زالت بطلعتها البهية ووجها البسام تزين جلستنا كباقة من شتى الألوان ، بعبق من مزيج العطور فريد ،وكنت أنت في السابعة عشرة،حين تنبات العرّافة لك بزوجات أربعة ….
ضحكنا يومها ،وتسلينا ، وتهيأنا لأبنائك العشرين ،مؤكد انك تحضرت لحمل ثقيل .. فكثير من الأوهام تجعلنا نصير على قدها ،وكثير من العزائم نتعبها قبل أن تتعبنا .
بعد شهور قليلة كذبت العرافة ووزفك الموت بشهقات أربعة وربما سبعة أو يزيد ، فقد طالك الموت وأنت بعيد ، ،وتركتني يا اخي اعد لهن العدة …..لهف نفسي عليك يا ياسر. .
ولهف نفسي على نفسي.التي صعدت معك…
من أين لي بك يا ياسر ؟وانا ارى الرجال بعدك تأنثت وهزلت ، وضاع مع هزالها كل شئ جميل ،ما أصعب أن يخلع الرجال رجولتهم كمن يخلع ثوبا باليا ،وما أسوأ أن تصير معادنهم الحقيقية عملة نادرة،تباع مع الباعة على قارعة الطريق ……

..كل عام وانت اخي ولو كنت غائبا ، كل عام. و أنت سندي وإن كنت بعيدا ، كل عام ولأطفالك العشرين الهناء وإن لم يولدوا بعد ، كل عام ولنسائك العز وطيب المنزل …أولئگ اللواتي انجبن عشرين وما زلن أبكارا ، وتحية لكل عام يمر يوغلك في ضميري أكثر وينتزعك من غمرة الزمان ، وفم النسيان ،ليكتبك على شفتي قصيدة غراء ،مفعمة بالحب والرجاء،تسطرنا معا أخوين كأمثولة في العشق والوفاء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى