في ذكرى محمد طمليه

في ذكرى محمد طمليه
يوسف غيشان

في مثل هذا اليوم غير الفضيل قبل 11 عاما (2008 تحديدا) توفي الساخر الكبير محمد طمليه، وقد كتبت في ذلك الوقت مقالا بعنوان (طمليه أول الساخرين وآخر من يموت) وكان هذا التوقع هو الوحيد الذي صدق من قائمة توقعاتي وتنبؤاتي).
حتى الان ما يزال ذكر محمد طمليه مستمرا على مواقع التواصل الاجتماعي من صحف الكترونية ومدونات وبوستات فردية، وما يزال موقع سواليف الإليكتروني ينشر له باستمرار في زاوية سماها الصديق احمد الزعبي (مالك الموقع) طمليات، وينشر فيها أيضا لكتاب ساخرين جدد، في تأكيد على استمرار رسالة طمليه الساخرة…. طبعا ما تزال مقالات طمليه تلاقي رواجا ممتازا.
لم يقدم محمد طمليه اضافات للكتابة الاردنية الساخرة، بل قام بتأسيس تلك الكتابة الاردنية الساخرة، اذ منذ زاويته (شاهد عيان) في الدستور عام ظهر مصطلح (كاتب ساخر1983) وحمله طمليه وحيدا حتى بداية التسعينيات لحين نشوء كتاب ساخرين من تحت عباءة طمليه. كنت انا أحدهم.
طبعا نعرف ان الكتابة الاردنية الساخرة موجودة قبل طمليه في كتابات هاشم السبع منذ الخمسينيات وفي مقالات ملحس وفخري قعوار وحسني عايش ومؤنس الرزاز وغيرهم …. لكن لم يتخصص بالكتابة الساخرة بشكل كامل ويحمل لقب الكاتب الساخر سوى طمليه اولا.
محمد طمليه مدرسة انهارت، لكن لحسن الحظ فلم يكن أي تلميذ في هذه المدرسة، لأنهم رسبوا جميعا لصعوبة المنهاج. نعم رسبنا نحن الساخرين جميعا في أن نقترب -مجرد نقترب-من لغة طمليه…. ومهما حاول ومهما حاولنا، ومهما سرب لنا من أسئلة وغششنا وتساهل في التصحيح إلا أننا رسبنا جميعا بجدارة.
لذلك تعلمنا جميعا من مدرسة الحياة، وكان أفضل ما تعلمناه من تجربتنا مع المدرسة الطمليه إننا أدركنا أن اللغة الساخرة هي بنت شوارع. نتعلمها على سقف السيل وبين أزقة المخيمات وفي القرى النائية والبوادي المتربة…. إنها لغة لا تصلح للمدارس ولا للطبشور والسبور والديسك.
محمد طمليه …إنها خسارة أن لا توجعك لغته وتنخزك في الخاصرة كل صباح لتشعر أنك ما تزال على قيد الحياة.
محمد طمليه. إنها خسارة ان لا يوجعك موته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى