
في ذكرى #تأسيس #امارة #شرقي_الاردن ١٩٢١/٤/١١م….القصة كاملة
الاستاذ #الدكتور_عمر_العمري
عقب انهيار الدولة العثمانية نتيجة اقحام الاتحاديين لها في مؤامرة الحرب العالمية الاولى بعد خلعهم لسلطانها الشرعي عبد الحميد الثاني عام ١٩٠٩م واتضاح نوايا الغرب في تقسيم المشرق العربي وفق ما جاء في مؤامرة سايكس-بيكو ١٩١٦م وعزمهم على اقتطاع فلسطين واقامة الدولة الصهيونية ترجمة لوعد بلفور١٩١٧ واتفاقية سان ريمو ١٩٢٠م التي اضفت الشرعية على ما جاء في سايكس-بيكو ،فكرست تجزئة البلاد العربية ووضعها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي ، اكد الاردنيون على حقهم في اقامة دولتهم المستقلة على تراب وطنهم ،فعقد احرار الاردن وزعماء عشائرها سلسلة من المؤتمرات الرسمية عام ١٩٢٠،كمؤتمر ام قيس ومؤتمر قم ومؤتمر السلط، وغيرها من المؤتمرات التي كانت تتم في مضافات ودواوين زعماء العشائر الاردنية التي كان ابرز قراراتها اقامة دولة اردنية بزعامة امير عربي،ورفضهم للهجرة الصهيونيه لفلسطين . وقد حضر تلك المؤتمرات ضباط بريطانيون منهم : سمرست وهربرت صموئيل المندوب السامي البريطاني في فلسطين وغيرهم .
في هذه الظروف كانت فرنسا الدولة المستعمرة لسوريا وفق سايكس-بيكو قد انهت في ميسلون ١٩٢٠/٧/٢٤ حكم الملك فيصل بن الحسين،حيث خرج الامير عبدالله شقيق فيصل من الحجاز لاستعادة عرش اخيه في سوريا،فالتقى احرار العرب في معان محطته الاولى ،ثم عمان.
وقد صادف قدوم الامير عبدالله عقد بريطانيا لمؤتمر القاهرة ١٩٢١،الذي كان ابرز اهدافه دراسة اوضاع المشرق العربي ومنها شرق الاردن وتمكينها من السيطرة عليه دون خسارة جندي واحد ،حيث تعالت الاصوات المحتجة في بريطانيا ضد حكومتها حول ارسال القوات العسكريه والنفقات الباهظة المترتبة على ذلك الامر أسقط حكومتها انذاك.
وقد طرحت بريطانيا عدة خيارات للتعامل مع الامير وشرق الاردن،كان انسبها بلورة قرارات مؤتمرات العشاىر الاردنية في ام قيس والسلط وقم وغيرها باقامة الدولة الاردنية تحت زعامة امير عربي.
انبثق عن مؤتمر القاهرة لقاء في القدس اذار١٩٢١ بين الامير عبدالله وتشرشل وزير المستعمرات البريطانية الذي تم فيه مصارحة الامير بان بريطانيا لن تسمح له بالاتجاه نحو سوريا بتاتا،وان موقفها سيكون محرجا امام حليفتها فرنسا لتوقيعهما سايكس-بيكو،وسان ريمو وضرورة احترامها لتلك الاتفاقيات.واطلعت الامير على رغبات وطموحات الاردنيين في اقامة دولتهم .
هنا التقت طموحات الاردنيين ،وعقلانية الامير وادراكه ان توجهه نحو سوريا يعني الانتحار،وان قبوله يعني ترجمة لطموحات وقرارات المؤتمرات الاردنية انقاذا لشرق الاردن من الوعد المشؤوم،وايمانه بمبدا انقاذ ما يمكن انقاذه .
وقد تبلورت قرارات المؤتمرات الاردنية في صيغة مؤتمر جديد هو مؤتمر القدس يومي ٢٨ و٢٩ اذار الذي انبثق عنه ولادة امارة شرقي الاردن.
نعم لقد التقت طموحات الاردنيين اولا واهداف الامير ثانيا وشي من وفاء بريطانيا بالتزاماتها للشريف حسين التي تمت في مراسلاتها له عبر مكماهون،فكانت النتيجة ولادة هذه الدولة.
هذه هي المعادلة بشكلها الصحيح،ومن الخطا اغفال اي من العناصر الثلاث(الاردنيين ،الامير،بريطانيا) عند الحديث عن تاسيس الامارة او ربطها بشخص بعينه او عائلة او مؤتمر او عشيرة،او الادعاء بان عدم قدوم شخص بعينه أو أسرة بعينها لا يعني إقامة الأردنيين لدولتهم،ففي الاردن زعامات وطنية وعشائريه ورجال سياسه، وخبرات ما تؤهله لذلك،فقد شهد الاردن قبيل تأسيس للإمارة تشكيل العديد من الحكومات المحليه ،الامر الذي يفسر درجة الوعي السياسي الذي كان يعيشه أبناء شرق الأردن.
وما كان للأمير ولا لغيره إمكانية إقامة الامارة لولا قبول الأردنيين له ومناداتهم اصلا في مؤتمراتهم الوطنية بزعامة امير عربي لمشروعهم في إقامة الدولة الأردنية.
عاد الامير الى عمان لترجمة طموحات الأردنيين وقرارات ام قيس والسلط وما تم الاتفاق عليه في القدس,حيث تبلور ذلك في تشكيل اول حكومة اردنية برئاسة رشيد طليع(مجلس المشاورين) في مثل هذا اليوم قبل مائة عام (١٩٢١/٤/١١)،وفي ذلك إعلانا لتأسيس الدولة الأردنية رسميا،واطلق عليها اسم إمارة الشرق العربي ،ثم إمارة شرق الاردن،الى أن اتخذت اسمها الرسمي عام ١٩٢٧ امارة شرقي الأردن ،فكان الجيش عربيا وعمان عاصمة لكل العرب ،وما زال الاردن يؤدي رسالته الوطنية والعربية والاسلامية حتى اليوم ايا كان النداء ومهما غلى ثمنه.
نحتفل اليوم بمرور مائة عام على تأسيس هذه الدولة،وسيحتفل بمئويتها الثانية – وبغيابنا جميعا- جيل اخر يختلف عنا بافكاره وطموحاته وطروحاته وكل شيء،،،،، فالوطن باق والجميع زائل لا محالة.وعلينا ان نتذكر ان عمر الدول لا تقاس بالسنوات ،وانما بالانجازات على الصعيدين المادي والمعنوي على السواء.
(رب اجعل هذا البلد امنا وارزق اهله من الثمرات)
حفظ الله الاردن والاردنيين،وكل عام وانتم والوطن بالف خير.